الجندر



تعود الكلمة إلى اللغة اللاتينية، وأساسها من كلمة (Genus)، وتدلّ على نوع الجنس ذكرًا أو أنثى، ثم تطور استعمالها في اللغة الإنكليزية؛ لتصبح (Gender)، ولتدل على تمييز الوظيفة الاجتماعية للشخص، وبذلك اختلفت عن كلمة (جنس) التي تعني التفريق، من حيث البنية العضوية أو البيولوجية بين جسدي الرجل والمرأة، وأصبح مفهوم الـ (جندر) تعبيرًا وصفيًا، له علاقة بالتكوين الثقافي والسلوك، والحالة المعنوية التي تأثرت بعادات وتقاليد تخص البيئة الاجتماعية.

تفريقُ العادات والتقاليد، والنمط السائد في المجتمع من مفاهيم عامة وسيكولوجية، بين الذكورة والأنوثة، هو الذي قاد إلى تعريف مصطلح (جندر)، للابتعاد عن استخدام مفهوم (الجنس) الذي يذهب بمعناه إلى بنية الرجل وتفوق قواه الجسدية على المرأة، حيث بُنيت بعض القوانين أو الثقافات، بناء على تلك المعادلة التي ترى مكانة المرأة أقل من الرجل.

ازداد تداول المفهوم كثيرًا في العقود الثلاثة الأخيرة، ليساعد على تجاوز اصطلاح (نضال المرأة) التاريخي، لفرض وجودها ودورها في المجتمع، بعيدًا عن النظرة التقليدية السائدة، لكن البعض يرى أن استخدام مفهوم (جندر) قد يكون غير معبّر عن الهدف الحقيقي لكفاح المرأة، من أجل تثبيت دورها وحقوقها في المجتمع، حيث طُرحت مفردات لها علاقة بـ (المساواة) بين الرجل والمرأة.

إن المعنى الذي تعطيه كلمة الـ (مساواة) في الحقوق والواجبات للمرأة والرجل، وإتاحة الفرص المماثلة لكليهما على كافة المستويات، كالتعليم، والعمل، والمشاركة، والوصول إلى مراكز القرار، وغير ذلك من أمور، من خلال تجاوز كافة العوائق التي تشكلت لأسباب ثقافية وتاريخية ودينية في أي مجتمع، دفع بآخرين إلى اعتبار أنّ مفهوم الـ (جندر) يمكن أن يحل مكان كثير من الألفاظ والمعاني التي تخص الحركة النسوية، الهادفة لتكريس حضور المرأة الفاعل.

عرفت الأمم المتحدة الـ (جندر)، من حيث الغاية أو الهدف منه، بأنه “تدعيم الأسرة بشكل أفضل، وتدعيم استقرارها مع الأخذ بالحسبان تعدد أنماطها”، بينما منظمة الصحة العالمية، اعتبرته مصطلحًا يفيد “بوصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة، كصفات مركبة اجتماعية لا علاقة لها بالاختلافات العضوية”، أما الموسوعة البريطانية، فعرفته بأنه “شعور الإنسان بنفسه، ذكرًا أو أنثى”، وتوضح الموسوعة أن حالة الشعور بالـ (جندرية) “ليست ثابتة بالولادة”، كخصائص “عضوية”، بل يتأثر هذا الشعور بعدة عوالم “نفسية واجتماعية”، تزداد مع “نمو الطفل”.

يمكن في مكان أو بيئة معينة استخدام مفهوم الـ (جندر)، للتعبير عن تمكين الرجال من بعض الأدوار، وبخاصة في بعض المشاريع التي تفرض نمطًا محددًا للعمل يناسب المرأة.

أخذت بعض المؤسسات مفهوم الـ (جندر) للمرأة -وهو السائد- من باب تحسين ظروف الأسرة اقتصاديًا واجتماعيًا، من خلال النهوض بدور المرأة كي تساهم في زيادة الدخل، وبالنتيجة يقود ذلك إلى تنمية المجتمع، وهي استراتيجية متبعة في تعامل المنظمات الدولية مع الدول والمجتمعات التي تعاني من أزمات وحروب وفقر وتهميش، أي السعي للارتقاء بدور المرأة داخل الأسرة، ثم إلى مشاركتها بالشأن العام، إن كان في المجالس المحلية والهيئات والمنظمات أو على مستوى القرار السياسي والإداري العام بالبلد.

ذكرت بنود الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(سيداو)، التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 1979، وبدأ تنفيذها عام 1981 أن “التنمية التامة والكاملة لأي بلد ورفاهية العالم، وقضية السلم، تتطلب جميعًا مشاركة المرأة، على قدم المساواة، مع الرجل”، وأن دور “المرأة في الإنجاب لا يجوز أن يكون أساسًا للتمييز، بل إن تنشئة الأطفال تتطلب بدلًا من ذلك تقاسم المسؤولية بين الرجل والمرأة، والمجتمع ككل”.


حافظ قرقوط


المصدر
جيرون