الطاقة الشمسية لتشغيل كراسي المعاقين السوريين
3 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
[ad_1]
بعد اليوم، لن يضطر أسعد إلى انتظار مجيء ساعات الكهرباء القليلة التي تصل إلى منزله، مساء كل يوم، حتى يشحن كرسيّه المتحرك بالطاقة الكهربائية، الكرسي الذي لازمه بعد أن تعرض لإصابة من طائرة حربية سببت له الشلل، إذ يكفيه اليوم أن يعرّض ألواحَ الطاقة الشمسية التي تم تركيبها لكرسيه لأشعة الشمس، حتى يتنقل بحرية واستقلالية، طوال اليوم.
خلفت الحرب الكثير من الإعاقات الدائمة بين السوريين، بسبب الإصابات التي تعرضوا لها؛ ما جعلهم يواجهون مصيرهم على كراسيّ متحركةٍ، لكن انقطاع الكهرباء وندرتها في إدلب، دفع المهتمين بشأن هؤلاء المعاقين إلى ابتكار حلٍّ، يغنيهم عن استخدام الكهرباء وبإمكانات بسيطة؛ وقد توصل شخصان، من أهالي قرية (كفرومة) بريف إدلب، إلى وسيلة جديدة، تعتمد على الطاقة الشمسية في تسيير الكراسي، وقد حققت هذه الطريقة نجاحًا، ولاقت رواجًا كبيرًا في المنطقة.
أحمد جولاق فنيّ كهرباء، وهو أحد المساهمين في الابتكار، قال لـ (جيرون): “أصبح تزويد كراسي المعاقين ذات العجلات، بالطاقة، أمرًا ملِحًا، مع ارتفاع أعداد المعاقين من جرّاء الحرب، وقد توصلتُ إلى الفكرة بعد اطلاعي على المعاناة التي يعيشها جاري المعاق، حيث يعاني من قلة الكهرباء التي تصل إليهم بكميات قليلة، عبر مولدات الكهرباء (الأمبيرات)، دون أن يتمكن في كثير من الأوقات من شحن كرسيه، قبل انقضاء فترة تشغيلها، لذلك أردت أن أحل مشكلته، وأساعد الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال الاستعانة بالطاقة الشمسية التي أكرمنا بها الله”.
عن كيفية التركيب، يوضح جولاق بأنه يقوم بتثبيت لوحي طاقة شمسية من الجهة العلوية للكرسي، مع تركيب دارة شحن وكابلات، إضافة إلى محولة كهربائية، ليتم شحنها بشكل دائم عبر تلك الألواح، وبذلك استطاع أن يحل مشكلة جاره بشكل كامل، وأصبح يسير بكرسيه طوال النهار، ولا يتوقف عن الحركة طالما الشمس موجودة.
كما أكد جولاق، خلال حديثه لـ (جيرون)، أنه ركّب ألواح الطاقة الشمسية لنحو 10 كراسي لمعاقين مجانًا، بحسب إمكاناته المتواضعة، وهو يتمنى أن تتبنى المنظمات الإنسانية هذا المشروع؛ لتعميمه على المناطق المحررة، وإفادة أكبر عدد ممكن من المعاقين، حيث تراوح كلفة التركيب بين 100 و150 دولارًا، وهو ما يعجز عن دفعه كثير من المعاقين الذين يعانون الفقر، وتردي الأوضاع المادية.
أبو زياد من معرة النعمان يعاني من شللٍ في أطرافه، منذ أربع سنوات، نتيجة قصف الطيران الحربي على مدينته، وبقي طريح الفراش طوال أشهر، حتى حصل على كرسي متحرك، أصبح وسيلته في الحركة، لكن قلة الكهرباء وقفت عائقًا في عجلات كرسيه، قبل أن يجد الحل من خلال الطاقة الشمسية، وعن ذلك يتحدث قائلًا: “أواجه مصيري على كرسي متحرك، حيث أصبحت الإعاقة كارثة حقيقية في حياتي، ولكن الهاجس الأكبر كان بقائي في المنزل، طوال الوقت، خوفًا من نفاد شحن بطارية الكرسي فجأة، ولكن بعد استفادتي من الشمس؛ حصلت على طاقة مستمرة لدفع الكرسي، وأصبحت أتحرك باستقلالية، ولم أعد أخشى من أن يتوقف الكرسي فجأة، فأبقى في قارعة الطريق منتظرًا من يدفعني ليعيدني إلى المنزل”.
يؤكد أبو زياد أنه وجد عملًا يلائم وضعه الخاص، وبات يذهب يوميًا إلى عمله بلا مرافق، وتمكن به من إعالة أبنائه وكسب رزقه، بعيدًا من ذل الحاجة ومرارتها.
الطفل عصام (11 عامًا)، من قرية جرجناز بريف إدلب، دفع ثمنًا كبيرًا في الحرب التي لا ترحم، حيث غيّرت الإعاقة مجرى حياته، وقتلت في قلبه السعادة، بعد أن فقد قدمَيه إثر غارة جوية، حولته من طفل مفعم بالحياة والحيوية إلى شخص معاق غير قادر على الحركة، لكنه بعد استفادته من الطاقة الشمسية؛ استطاع أن يتأقلم مع إعاقته نسبيًا، حيث بات بإمكانه الخروج إلى الحيّ للتسلية مع أقرانه، وقضاء بعض الحاجات لوالدته التي تتحدث عن ذلك موضحة: “لقد أصبحت حياة ولدي أسهل من السابق، بعد تركيب ألواح الطاقة الشمسية التي مكنته من الخروج من عزلته ووحدته؛ الأمر الذي أسهم في تخفيف معاناته الجسدية والنفسية”.
تؤكد العقول السورية قدرتها على مواجهة ظروف الحرب القاهرة، والتأقلم مع قسوة الواقع، حيث أسهمت طريقة تدعيم الكراسي المتحركة بألواح الطاقة الشمسية، في مساعدة العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة وفاقدي الأطراف، لضمان حقهم بحرية التنقل واستمرارية الحركة.
سونيا العلي
[ad_1]
[ad_2]
[sociallocker]
جيرون