“خفض التصعيد” والتداخلات الإقليمية في الجنوب



تحاول الدول الفاعلة، في اتفاق خفض التصعيد جنوب سورية (أميركا، روسيا، الأردن)، أن تبقي الاتفاق مستمرًا، دون تعطيل أو خروقات كبيرة، في وقتٍ لا تُخفي فيه عمّان قلقها المتنامي من احتمال اقتراب ميليشيا “حزب الله” اللبناني الموجودة في سورية من حدودها، فضلًا عن وجود (جيش خالد بن الوليد) المبايع لتنظيم (داعش).

يقول إبراهيم الجباوي، مدير الهيئة السورية للإعلام: إن اتفاق الجنوب لا يزال “مبهم المعالم، وهذا الأمر سيؤثر كثيرًا على مستقبل هذا الاتفاق، خصوصًا أن أهالي الجنوب ينتظرون من الدول الراعية للاتفاق، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، أن تجبر نظام الأسد على الالتزام بوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، وعودة المهجرين -كأهالي بلدة الشيخ مسكين وخربة غزالة وعتمان- إلى قراهم بعد أن تنسحب قوات الأسد من هناك”، مضيفًا في حديث لـ (جيرون): “السوريون يعتبرون روسيا وإيران شركاء إلى جانب نظام الأسد في قتل أبنائهم، وليسوا ضامنين لعملية السلام، كما يزعمون”.

رأى الجباوي أن “الجماعات المتطرفة تتمركز في زاوية صغيرة بالمنطقة الغربية بريف درعا، وفصائل الجيش الحر تحاصرها هناك، وتعمل على تحرير تلك المناطق من الفكر المتطرف الذي يرفضه أهالي حوران؛ ولذلك فإن موضوع وجود تلك الجماعات ليس سوى شماعة، كي تتهرب روسيا والنظام من التزاماتهم بالاتفاق”.

لم يحدد اتفاق الجنوب مَن الذي سيشرف على المنطقة، ولا الطريقة المثلى لتوفير الماء والكهرباء والغاز والخبز، وتركت الأطراف الراعية المنطقةَ دون الدخول في هذه التفاصيل -المهمة من جانب المدنيين- لا سيما وسط إغلاق الحدود الأردنية، وهو ما جعل المنطقة بمجملها شبه محاصرة، أو في أفضل الحالات تقع تحت رحمة المهربين من مناطق النظام إلى مناطق سيطرة المعارضة.

في هذا السياق، رأى الجباوي أن “الغموض في بنود الاتفاق ومراحله، ومدته سيكون سبب انهياره، خصوصًا أن نظام الأسد ما يزال يخرق وقف إطلاق النار، دون حسيب أو رقيب”.

وأضاف: “فيما يخص إدارة المناطق المحررة؛ يقوم ثوارها -كلٌّ حسب اختصاصه وخبرته- بإدارة مناطقهم بعيدًا عن فساد نظام الأسد، فأهالي سورية عمومًا والجنوب خصوصًا لا يريدون العودة إلى نقطة الصفر من حكم آل الأسد ومؤسساته الفاسدة. المنطقة المحررة غنية بالكفاءات والمثقفين، وستكون الخدمات الأساسية متوفرة للجميع وسيحيا الجميع بحرية وكرامة”.

من جهة ثانية، قال عبد الحكيم المصري، معاون وزير المالية ونقيب الاقتصاديين الأحرار في درعا: إن “الدول الإقليمية مشغولة أكثر بهاجسها الأمني، وخصوصًا بعد اقتراب ميليشيات إيران من الحدود الجنوبية الشرقية في سورية، وقضية فتح معبر نصيب، والخوف من اقتراب جماعات جهادية في غرب درعا إلى حدودها، فضلًا عن الخوف من تدفق أعداد جديدة من اللاجئين، في حال انهيار هذا الاتفاق”.

وأضاف في تصريحات لـ (جيرون): “لضمان استمرار هذا الاتفاق، لا بد من إشراك الفاعلين على الأرض، وأهمهم الفصائل المعارضة جنوبًا، والمجتمع المدني ممثلًا بمجلس المحافظة ومجالس الإدارة المحلية، ومساعدتها حتى يصبح الاتفاق فاعلًا أكثر، من خلال توضيح شروط الاتفاق والإدارة والخدمات، حتى يتحول إلى رؤية سياسية تجعل إمكانية التسوية السياسية أمرًا واقعًا في المنطقة الجنوبية”.

واعتبر أن هذا “يتطلب إجماعًا دوليًا حول مصير الجنوب السوري، وتحريك هذا الملف من قبل الفاعل الأردني أمام روسيا وأميركا، باعتباره المتأثر الأكبر بما يحدث في الجنوب”.


طارق أمين


المصدر
جيرون