إيران وخَجَل الحريري



قرر رئيس الوزراء اللبناني الاستقالة، وكرّر ما ردّده الملايين من اللبنانيين والسوريين وغيرهم، بأن لبنان واقع تحت سيطرة إيران وذراعها “حزب الله” الذي أعلن أمينه العام حسن نصر الله في إحدى خطبه أن ولاءه الأول للولي الفقيه، وليس للبنان.

ما قاله الحريري الابن عن إيران هو معلومة جزئية صغيرة، تكاد تُلامس الحقيقة ملامسة طفيفة فقط، ولا تغوص فيها، وكان نقده خجولًا، ربما لأنه كان خائفًا من الحزب الإرهابي الذي لن يتوانى عن اغتياله، ولن يتوانى عن زج لبنان في ألف حرب أهلية وطائفية ومذهبية.

فإيران، لا “تبثّ الفتنة” في العالم العربي فقط، ولا “يحل الخراب أينما حلّت” فقط، وليس لديها “رغبة جامحة في تدمير العالم العربي” فقط، بل هي أحطّ من ذلك بكثير، وما ذكره الحريري غيض من فيض.

لا تحلم إيران بالوصول إلى المتوسط، بل تريد ابتلاعه كلّه، ومعه الشرق الأوسط والخليج العربي، وصياغة النظام الإقليمي برمته، وتريد تحديد موقع أطرافه منفردةً، كما تريد إعادة رسم خريطة الإقليم العربي، وفق مصالحها وأطماعها الفارسية، وتقسيمه إلى دول طائفية غير قابلة للعيش، وهي بطبيعة الحال خريطة قومية طائفية أيديولوجية ثأرية دموية جاهلية، فيها من الانحطاط ما يكفي لألف عام.

لا يُجانب الحقيقة من يقول إن إيران بلد مارق، من أخمص قدميه حتى قمة رأسه، فهي -كدولة- صاحبة أكبر سجلّ إرهابي دولي عابر للقارات، تجاوزت القوانين والاتفاقيات والمعاهدات وغدرت بأصحابها، وزعزعت الأمن والاستقرار في العالم، ونشرت الفوضى والقلاقل والاضطرابات، كما نشرت الموت والدمار، وكل فكر مكروه للنفس البشرية، واستخدمت الإرهاب أداةً لسياساتها الخارجية.

قامت إيران بعمليات إرهابية موصوفة وموثقة، فوفّرت الملاذ الآمن في أراضيها لزعماء تنظيم القاعدة، ودعمت طالبان في أفغانستان، ودمّرت العراق ونهبته وطيّفته، ودمّرت سورية واستباحتها، ودعمت عمليات “حزب ‌الله” الإرهابية في أميركا اللاتينية، وأرسلت إرهابيين إلى بيرو ونيجيريا وكينيا وجيبوتي وجزر القمر، وغسلت أموالًا على مستوى العالم، وأحدثت مشكلات دموية في البحرين والكويت، ونشطت في السوق السوداء العالمية للسلاح، وتعددت أذرعها الإرهابية لتتجاوز المئة في مختلف دول العالم.

فجّرت إيران السفارتين الأميركية والفرنسية في لبنان، وقتلت 63 شخصًا مدنيًا، وفجّرت بعملية انتحارية مقرَّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت، وقصف ناقلات نفط كويتية، واختطفت طائرة أميركية، وفجّرت مطاعم في برلين وبوينس آيرس وباكستان وغيرها، كما فجّرت برجًا سكنيًا في السعودية، وشركات نفط في دول خليجية متعددة، واغتالت دبلوماسيين عرب، واختطفت دبلوماسيين غربيين، واغتالت معارضين إيرانيين، وتاجرَت بالمخدرات، واختطفت 96 أجنبيًا في لبنان، وقامت بأعمال شغب في موسم الحج، فقتلت 300 من الحجاج.

نخرت إيران في السودان والجزائر والصومال وفلسطين، وتآمرت في طاجاكستان وأوزبكستان، وقامت بنشر التشيّع كوسيلة للتمدد في دول الغير، وغذّت التوتر المذهبي، وموّلت أقنية تلفزيونية هدفها نشر الكراهية، واستغلت الفقر والبطالة والاستياء من الوضع السياسي لتحقيق أهداف مذهبية. كل هذا ولم نذكر بعدُ بالتفصيل ما قامت به في سورية والعراق واليمن ولبنان والبحرين من إرهاب مستطير.

من المعروف أن الإرهاب سلاح ذو حدين، نجحت إيران في استخدام حدّه الأول في مختلف أنحاء المنطقة والعالم، لكن الحد الثاني أشدّ وأمضى، وفي يوم قريب سيقتلها؛ إن لم تفتك بها أعمالها قبل ذلك.


باسل العودات


المصدر
جيرون