ذا ديلي بيست: سبع أساطير تساعد تنظيم “داعش” على القيام من القبور



الكثير من الأشياء التي اعتقدنا أننا نعرفها، بشأن هزيمة المتطرفين العنيفين، تساعدهم في الواقع على الازدهار.

قد تكون عاصمة تنظيم (داعش) في سورية تحررت، لكن الجماعة الإرهابية حققت مكاسب غير متوقعة، خصوصًا في أرض المعركة التي تهمها أكثر من أي شيء آخر: ساحة المعركة المعلوماتية، وقد حاربت، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر قسم صغير مخفي من الشبكة العنكبوتية، مع تداعيات العالم الحقيقية؛ وقد ولّدت (داعش 3). ولدى التجسيد الجديد لتنظيم (داعش)، والمعروف حاليًا بـ (جبهة تحرير الشام)، قاعدة جاهزة لتجنيد المقاتلين والإرهابيين، كالذي قاد شاحنته ودهس راكبي دراجات هوائية ومشاة، في جنوب مدينة مانهاتن في عيد القديسين.

كيف استطاع تنظيم (داعش) أن يتطور إلى التجسيد الجديد هذا، على الرغم من مليارات الدولارات التي أُنفقت، والعديد من الأرواح الشجاعة التي أُزهقت في قتاله؟

يرجع ذلك جزئيًا إلى أن فَهمنا، لجماعات كتنظيم (داعش)، ما يزال مبنيًا بشكل كبير على أساطير عن المتطرفين، بدلًا من أن يكون مبنيًا على معرفة حقيقتهم وكيفية عملهم.

ونعرض سبعًا من هذه الأساطير:

الأسطورة رقم 1: استدراج الناس إلى الإرهاب من المتطرفين، كتنظيم (داعش).

لا ينتج تنظيم (داعش) سلالةً جديدة من المتطرفين، لكنه يستغل ديموغرافية شاسعة موجودة مسبقًا. وثمة رواية سائدة تقول إن استغلال تنظيم (داعش) المتطور لوسائل التواصل الاجتماعي يستدرج بطريقةٍ ما شبانًا يافعين، لا يفعلون أي شيء سوى المكوث في المنزل والاستمتاع بألعاب الفيديو. وهذا غير صحيح على الإطلاق؛ إذ إن العنف المنمق في مقاطع الفيديو التي يصدرها تنظيم (داعش) ليس هو ما يحفز مجندين محتملين. وتحاول رسمة كرتونية، انتشرت مؤخرًا، تُظهر مقاتلًا أجنبيًا يستمتع بركوب دراجة هوائية وهو يجر خلفه قطة، إظهار أن الشبان متحررون، وأن الجزء من هذا النظام البيئي لتنظيم (داعش)، يُعدّ كإجازة صيفية للمقاتلين الأجانب.

الأسطورة رقم 2: ترويج المتطرفين لرواية من العصور الوسطى أو المظلمة.

تميل نسبة 80 بالمئة من رسائل المتطرفين إلى أن تكون رسائل إيجابية، ولكن المتطرفين يجيدون تجزئة العملاء، وبث رسائل غريبة وغامضة إلى جماهيرهم الناطقة باللغة الإنكليزية، ورسائل مخالفة تمامًا في اللغات العربية والفرنسية والروسية. (وتُعد هذه اللغات الثلاث الأكثر استخدامًا في رسائل تنظيم (داعش)، ولا تحتل اللغة الإنكليزية مكانًا في المراكز الخمس الأولى). ويتجلى هذا في طريقة تسويق تنظيم (داعش) لنفسه. فإذا شاهدت فيديوهات التجنيد التي ينتجها التنظيم؛ رأيت أنه يروج إلى نمط حياة استهلاكي، غربي الملامح، فعال، وخال من الفساد. ويُظهر تسجيل آخر -نُشر مؤخرًا- تركيزَ التنظيم على الحكم وتجنيد مهنيي الخدمات، ولا يُحسَب هذا عودة إلى العصور الوسطى أو المظلمة بعاداتها القديمة. بل هذه هي الخلافة الجديدة المبنية، الأوسع والأفضل من الخلافة العثمانية.

الأسطورة رقم 3: قادة الدين غير مهمين.

من هو الشخص الأكثر شعبية على موقع (تويتر) في الشرق الأوسط؟ هل هو ممثل؟ أو ربما سياسي؟ لعله موسيقي أو مغنّ شعبي؟ إنه محمد العريفي، قائد ديني متطرف، يتخذ من المملكة العربية السعودية مقرًا له، ولديه أكثر من 18 مليون متابع، وهو كثير النشاط على برنامج سناب شت (فتاوى سناب) ومنصات أخرى، وبناء على البيانات الجديدة، وعلى كتابي الجديد بعنوان (الحرب العالمية الرقمية)؛ يُعدّ (العريفي) أهم الأسباب التي تحفز الشباب، في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، على السفر إلى سورية للانضمام إلى تنظيم (داعش) و(جبهة النصرة). ويتفهم (العريفي) فئات الجماهير (ويقول الأمور التي تغري الشباب في المواجهة ما بين الشرق وأوروبا)، ويقدّم روايات التغيير في بيان مسجّل وموجز، في ثمان ثوان فقط.

الأسطورة رقم 4: الفقر يسبب التشدد والتطرف.

يجب علينا أن نلقي نظرة أكثر إمعانًا على خلفية الناس الذين ينضمون فعليًا إلى الجماعات المتطرفة، كتنظيم (داعش). فليسوا جميعهم معدمين ويائسين، ولا ينضم الفقراء من الناس إلى تنظيم (داعش) بشكل كبير (وتظهر البيانات أن أكثر من 6500 مقاتل أجنبي، غادر أوروبا وأميركا الشمالية، 70 بالمئة منهم يحملون شهادات ثانوية أو جامعية). وبدلًا من ذلك، ينحدر المقاتلون الأجانب من الطبقة الاجتماعية المتوسطة: شبان مثقفون يجنون ما بين 1000 و1500 دولار شهريًا، هم من ينضمون إلى تنظيم (داعش). فالدافع وراء الانضمام إلى تنظيم (داعش) لا يتعلق بالخلاص من الفقر، بقدر ما يتعلق بالمعاناة من اكتشاف الهوية؛ لأن هؤلاء الشبان يريدون أن يكونوا جزءًا من كيان يتم بناؤه، كيان أكبر يمثل هوية الجماعة الطموحة.

الأسطورة رقم 5: كافة الأمور متعلقة بمجابهة رواية تنظيم (داعش).

لم ينتج الربيع العربي، وما لحقه من ثورات، التغييرَ الذي تطلعت إليه الشعوب. وتشعر الشعوب بأن الالتزام بقواعد اللعب غير مجدٍ. ويقدم الدين رواية تغيير تضمن منفذًا عمليًا “للمضي قدمًا” وللمشاركة بشيء أكبر. وفي لعبة صراع الروايات، يقول الكثيرون إن علينا مواجهة دعاية وأفكار تنظيم (داعش) خطوة بخطوة، هذا كل ما يقولونه. ولكنك عندما تطوّر رواية مجابهة أحيانًا؛ يكون لها تأثير عكسي لتحصين مواقف وآراء في صالحك مسبقًا. فعلى سبيل المثال، لا تجد إعلانات الزعماء الدينيين التابعين للحكومة التي ينشرونها، على وسائل التواصل الاجتماعي، آذانًا صاغية. وتُعتبر مهمة التحدي عبر الرسائل إيصال الأصوات المحلية ذات الصدقية التي تقدم بديلًا منافسًا وحقيقيًا لتنظيم (داعش). ويجب علينا أن نضخم أصوات الآلاف من الشبان اليافعين الموجودين، وأن نسمح لهم بسرد قصصهم.

الأسطورة رقم 6: نفاد الأموال من أيدي المتطرفين.

في حين أبلت شركات التكنولوجيا حسنًا بإغلاق الحسابات الداعمة لتنظيم (داعش) والمؤمنة به، إلا أن التنظيم وجد طرقًا جديدة لجمع الأموال غير الشرعية، بما في ذلك استخدام العملات الرقمية، وطرق تواصل أخرى كضريبة الشباب المفروضة على الشعوب المحلية، و(جبهة النصرة) على تهريب النفط والمخدرات.

الأسطورة رقم 7: كافة الأمور متعلقة بهجمات الذئب الوحيد.

تُظهر البحوث أن نادرًا ما يحدث “هجوم الذئب الوحيد”. فأثناء الهجمات الإرهابية في مدينة بروكسل عام 2016، على سبيل المثال، ظن المحللون في البداية أنها كانت مقتصرة على عمل من جماعة “الذئب الوحيد”، بدلًا من أن تكون مستقلة. في حين أنهم اكتشفوا لاحقًا أن الإرهابيين كانوا مرتبطين بشكل وثيق بتفجيرات باريس عام 2015، وبالجماعات المؤيدة لتنظيم (داعش) في حي مولينبيك في بروكسل. وأضمن لكم أن الهجمات التي وقعت في مدينة نيويورك ستُظهر أن العديد من الأشخاص كانوا على تواصل مع الإرهابي؛ فالمهاجمون والمجندون يرتبطون بالعشرات، إن لم يكونوا بالمئات، من الأشخاص في اليوم تقريبًا.

اسم المقال الأصلي Myths That Are Helping ISIS Rise From the Grave الكاتب DR. HAROON K. ULLAH

د. هارون كـ. أولاه مكان النشر وتاريخه The Daily Beast

02/11/2017 رابط المقالة https://www.thedailybeast.com/7-myths-that-are-helping-isis-rise-from-the-grave ترجمة مروان زكريا


مروان زكريا


المصدر
جيرون