on
الحرب قادمة.. ما العمل؟!
لأن التدخل الإيراني في الشؤون العربية قد تجاوز كل ما يمكن احتماله، ولأن هذه الحرب المحتدمة في اليمن هي حربٌ إيرانية على السعودية، ولأن إيران باتت تحتل سورية احتلالاً فعلياً، وأصبح لها “مستوطنات” في العديد من أحياء دمشق القديمة، ولأنها غدت تُصادر لبنان كدولة وككيان وكقرار، وحولت ضاحية بيروت الجنوبية إلى قاعدة استخبارية وسياسية لها؛ فإنه لم يعد بالإمكان السكوت على هذا كله، ولذلك فإنَّ كبار المسؤولين السعوديين معهم الحق كله عندما يعلنون أن للصبر حدوداً، وأنهم سيردون على هذا التحدي بتحدٍّ أشد منه وأكثر قوة.
لم يعد بإمكان أيٍّ كان إنكار أن إيران، التي كانت افتعلت حرب الثمانية أعوام مع العراق لكنها فشلت في أن تنتصر في تلك الحرب، مصممةٌ على استكمال تحويل هذه المنطقة العربية إلى مجالٍ حيوي، سياسي وعسكري استخباري واقتصادي… وكل شيء لها، ولعل ما شجعها ويشجعها على هذا أنها تستند إلى دعم روسي بات واضحاً، ولا يستطيع أيٌّ كان إنكاره، وأنَّ الولايات المتحدة، التي من المفترض أنها أكثر المعنيين بهذا الأمر، مصابةٌ بالارتباك في عهد هذه الإدارة التي على رأسها دونالد ترامب، بينما كانت حسابات إدارة باراك أوباما السابقة، إن لم تكن متواطئة مع الإيرانيين، خاطئةً وكـ”التغميس خارج الصحن”!
الآن يسعى الإيرانيون، وهذا واضح ومعروف ويتحدث عنه حتى كبار المسؤولين في طهران كل يوم، إلى السيطرة على باب المندب، وعلى البحر الأحمر بكل منافذه، بعد شبه السيطرة على الخليج العربي، مما يعني أن الاستمرار في التحمل والنفس الطويل سيتحول حتماً إلى استسلام سيدفع ثمن نتائجه العرب كلهم، والأجيال العربية القادمة بأسرها، من الآن حتى نهاية هذا القرن، وربما إلى ما بعد قرون طويلة، وهنا فإنه على كل عربي يحتل موقعاً مسؤولاً في بلده أن يتذكر، في كل ليلة قبل أن ينام، كم استطال الاحتلال الصفوي للعراق ولبعض المناطق العربية الأخرى.
وهذا يعني أنه لا يجوز إلقاء عبء المواجهة في هذا الصراع، الذي تدل كل المؤشرات على أنه سيتحول إلى حرب طاحنة، في أي لحظة، على المملكة العربية السعودية فقط، ولعل ما من المفترض أنه بات واضحاً لكل عربي من المحيط إلى الخليج أن الاستهداف الإيراني لا يقتصر على السعودية فقط، وأنّ الإيرانيين إنْ كانوا يركزون عليها الآن فلأنهم يعتبرونها الرقم الرئيسي في المعادلة العربية، وهي كذلك، والمثل يقول: “إن من يتغدى بشقيقك سيتعشى بك لا محالة”!
وهكذا، فقد أصبح كل عربي في هذا الوطن، المهدد بتغيير هويته العربية، يسمع أصوات طبول حرب بات الإيرانيون يفرضونها على هذه المنطقة فرضاً، بعدما شجعهم كل هذا التمدد الذي أحرزوه في سورية ولبنان والعراق، وفي اليمن أيضاً، مما يعني أن ترك السعودية تواجه هذا التحدي المصيري وحدها ليس أمراً غير جائز فقط، بل هو استسلام سندفع ثمنه كلنا، ومن دون استثناء، والأخطر أنّ أجيالنا المقبلة ستدفع مثل هذا الثمن وأكثر منه بألف مرة!.
(*) كاتب أردني
الجريدة
المصدر
جيرون