أنقرة تدرس منح الجنسية للأطفال السوريين
10 نوفمبر، 2017
توقّع الباحث التركي باكير أتاجان أن تصدر الحكومة التركية قرارًا يمنح الجنسية التركية للمواليد، من أبناء اللاجئين السوريين على أراضيها، بشكل استثنائي، مع حلول الصيف المقبل، دون الجنسيات الأخرى، سواء العراقية أو المصرية أو الفلسطينية.
أضاف أتاجان في حديث لـ (جيرون): “من المعروف، أن معظم دول العالم تمنح الجنسية لمن يولد على أراضيها، وبدأت تركيا تفكر جديًا بحلِّ مشكلة عشرات آلاف الأطفال السوريين الذين ولدوا على أراضيها، وبخاصة مع رفضِ النظام إعطاءهم الجنسية السورية، عبر قنصلياته”، معتبرًا أن “منح الجنسية لهؤلاء الأطفال ضرورة إنسانية بحتة”.
شدّد أتاجان على أن “إجراءات منح الجنسية ربما تتأخر، لسببين رئيسين هما: معارضة بعض الأحزاب التركية لقرار التجنيس، مثل (حزب الشعب، وحزب الشعوب)؛ بسبب علاقتهما الوطيدة بالنظام في دمشق، كما قد يؤخّر نفاذ هذا المشروع تقديم نظام الأسد شكوى ضد تركيا لدى الأمم المتحدة، بخصوص منح الجنسية التركية للسوريين، على الرغم من أن تركيا لن تقوم بإسقاط الجنسية السورية، بل سيكونون مزدوجي الجنسية”.
نقلت صحيفة (العربي 21)، قبل نحو أسبوع، أن “الحكومة التركية بدأت دراسة مشروع قرارٍ يمنح المواليد السوريين الجنسيةَ التركية، حيث يستطيع هؤلاء منح الجنسية أيضًا لأمهاتهم، وإخوتهم دون سن الثانية عشرة، مع إمكانية منح الأم -مستقبلًا- الجنسية لزوجها وبقية أولادها”.
يعاني المواليد السوريون في تركيا العديدَ من المشكلات القانونية، بسبب رفض النظام الاعتراف بهم، وامتناعه عن إعطائهم الأوراق الثبوتية السورية عبر قنصليته في إسطنبول، وبالتالي هم لا يحملون سوى بطاقة الحماية المؤقتة (الكمليك) التي تُعطى لهم، بموجب ورقة تُثبت الولادة في إحدى المشافي التركية، ومع استمرار اللجوء السوري في تركيا منذ عام 2011؛ بدأت تبرز مشكلة تسجيل هؤلاء الأطفال في المدارس.
يُعامَل اللاجئون السوريون في تركيا، ضمن قانون الحماية المؤقتة الذي لا يعطي السوري صفة لاجئ، بل صفة “ضيف” فقط، ولا يمنح القانون التركي الجنسيةَ لحملة بطاقات الحماية المؤقتة (الكمليك)؛ مهما طالت فترة الإقامة في تركيا، بينما يمنحها لحملة إقامات العمل أو الإقامات الدائمة، بعد مضي خمس سنوات على حيازتها، كما أن الدستور التركي لا يسمح بإعطاء الجنسية للمواليد على الأراضي التركية، في حال كان الأبوان يحملان جنسية أخرى”.
في السياق ذاته، صرّح عبد الله أكسوي، رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والصحية في بلدية غازي عنتاب، لـ (جيرون): “يوجد عقبة قانونية في ما يخصّ حقّ اكتساب الجنسية التركية للمواليد السوريين الجدد، ولتجاوزها، يجب على الجمعية الوطنية الكبرى في البرلمان التركي تغيير القانون، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي”.
أضاف أكسوي: “نحن في بلدية غازي عنتاب نكرّر طرح ضرورة تجنيس اللاجئين السوريين، وخصوصًا الأطفال، في معظم اجتماعاتنا الرسمية، وندعو الحقوقيين ومسؤولي دوائر النفوس إلى مناقشة القضية قانونيًا، ومعاملة السوريين كلاجئين، لأنهم حاليًا يخضعون لقانون الحماية المؤقتة، وهذا يشكّل عائقا قانونيًا”.
أكدت الباحثة الاجتماعية سلام الغدير أنَّ من شأن هذا القرار أن يفتح آفاقًا مستقبلية للطفل السوري، فبموجبه؛ يحصل الأخير على حقوق مواطنة متساوية مع الأطفال الأتراك، وهذا يعطيه فرصة لمستقبل أفضل، وأضافت في هذا الخصوص لـ (جيرون): “أعتقدُ أن الأطفال الحاصلين على الجنسية التركية سيكونون فاعلين في المجتمع؛ لإحساسهم بالمسؤولية العالية تجاه وطنهم الجديد، فضلًا عن إحساسهم بالشعور السامي ذاته تجاه وطنهم الأصل سورية. ومن المعروف، في علم الاجتماع، أن مزدوجي الجنسية هم أشخاص أكثر فاعلية”. مؤكدة أن “حصول الأطفال على الجنسية سيساهم في تسريع عملية اندماج أهاليهم، في المجتمع التركي أيضًا”.
كان نقيب المحامين التابع للنظام نزار السكيف قد قدم مذكرة إلى مجلس الشعب، بهدف تقديم شكوى ضد تركيا، على اعتبار أن “تجنيس اللاجئين السوريين محاولة لتغيير معادلات ديموغرافية وجيوغرافية، وله أبعاد سياسية”. بحسب زعمه.
يصل عدد الأطفال السوريين الذين يولدون في تركيا إلى “نحو 250 حالة يوميًا، في مختلف المدن التركية، وتجاوزَ العدد الكلي للمواليد السوريين في تركيا، منذ عام 2011 حتى تموز/ يوليو 2017، (224) ألف مولود سوري”. وفقَ مركز أبحاث الهجرة التركي.
يُذكر أن الحكومة التركية بدأت، العام الماضي، منح الجنسية لآلاف اللاجئين السوريين المقيمين في مختلف المدن التركية، ومعظم الممنوحة لهم من الأكاديميين والأطباء والمهندسين والمعلمين، كما شرعت مؤخرًا بمنح الجنسية للطلاب السوريين في الجامعات التركية.
سامر الأحمد
[sociallocker]
جيرون