مع غياب الحلول.. أزمة اللاجئين العالقين في اليونان تتجدّد

على الرغم من آلاف الأميال التي تفصل بين الجزر اليونانية التي تعجّ باللاجئين، ومكان إقامته في لندن، إلا أن الحقوقي والناشط في مجال حقوق الإنسان غياث الجندي، قرّر أن يرى وجهًا من وجوه ألم ومعاناة السوريين على الشواطئ اليونانية، حيث محطة وصول اللاجئين من رحلةٍ، أقلُّ ما يمكن أن توصف به بأنها مغامرة مميتة.

يواظب الجندي بشكلٍ دوري على السفر إلى اليونان؛ لمعرفة الواقع المعيشي السيئ الذي يعيشه اللاجئون العالقون هناك، ويحاول تقديم أي مساعدة قد تخفف من معاناتهم.

منذ اليوم الأول لوصول الجندي إلى مخيم (موريا) في جزيرة ليسفوس اليونانية، بدأ بتوثيق ظروف وأوضاع اللاجئين، والتقط صورًا لأطفال ونساء ورجال، ينتظرون بيأسٍ أن تكتمل إجراءات سفرهم إلى أوروبا، واللحاق بباقي أفراد عائلاتهم، وقد مضى على وجود بعضهم في المخيم أكثر من سنة.

يوصّف غياث، في حديثٍ لـ (جيرون)، أوضاع اللاجئين في تلك المنطقة، ويقول: “يعيش الآلاف من اللاجئين في الجزر اليونانية حالةً إنسانيةً مخيفة، ففي مخيم (موريا) بجزيرة ليسفوس، يعيش أكثر من 7000 لاجئ في ظروف إنسانية مرعبة، هنالك نقص في الغذاء والأدوية وحليب الأطفال، وغياب شبه كامل للعناية الطبية، وانقطاع شبه دائم للمياه، ينام الأطفال في جوًّ بارد في خِيم أرضها موحلة، فضلًا عن تأخير شديد في الإجراءات المتعلقة بطلبات اللجوء أو طلبات لمّ الشمل للعائلات، ولا يوجد في الأفق المنظور أي مخرج من هذا اليأس أو هذه المعاملة السيئة، ومع قدوم الشتاء وازدياد البرد؛ سيتفاقم الوضع أكثر، خصوصًا بالنسبة إلى الأطفال”.

التقى الجندي بلاجئٍ في المخيم، روى له تفاصيلَ رحلته المضنية، من مدينة الحسكة السورية إلى اليونان، وقد استغرقت 60 يومًا، وقال في تسجيلٍ مصوّر: “وصلتُ أنا وزوجتي وأطفالي الأربعة إلى جزيرة (كيوس)، وقامت المفوضية بتسجيل بياناتنا الشخصية، وأعطونا “بطانيات” فقط، وبعد 3 ليالٍ قضيناها في الشارع، قدّموا لنا خيمة صغيرة، لنبيت فيها بالتشارك مع عائلة أخرى، وفي أغلب الأوقات تتسرب مياه الصرف الصحي إلى الخيمة؛ ويصبح الوضع كارثيًا، ويزيد الوضع سوءًا، عندما تتساقط الأمطار، فضلًا عن أكوام القمامة المنتشرة بين الخيام؛ ما يجعل الأطفال معرضين لخطر الإصابة بالأمراض”.

نصبت مجموعة من اللاجئين، معظمهم نساء وأطفال سوريون تقطعت بهم السبل في اليونان، مطلعَ الشهر الحالي، خيامًا أمام مبنى البرلمان؛ احتجاجًا على تأخير لمّ شملهم مع أقاربهم في ألمانيا، وفقًا لموقع (دويتشه فيله). وذكر الموقع “أن بعض اللاجئين بدؤوا إضرابًا عن الطعام، ورفعت امرأة لافتة كُتب عليها (روابطنا الأسرية أقوى من اتفاقاتكم غير القانونية)”، مشيرةً إلى اتفاقات شبه رسمية، بشأن اللاجئين، بين اليونان وألمانيا، تمّت في أيار/ مايو الماضي، تنصّ على إبطاء عمليات لمّ شمل اللاجئين، بينما تنفي الحكومة اليونانية ذلك، مؤكدةً أن إجراءات لمّ الشمل زادت بنسبة 27 بالمئة، مقارنة بالعام الماضي.

يرى الجندي أن “لا وجودَ لأي مؤشر، يدل على أن الحكومة اليونانية، ومن ورائها الاتحاد الأوربي، لديهم أي خطة لحل هذه المأساة الإنسانية العالقة ضمن حدود أوروبا، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه؛ فسنكون أمام سيناريو لكارثة إنسانية تتكرر كل عام”.

كانت المفوضية الأوروبية في بروكسل قد دعت، بداية العام الحالي، الدولَ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف الجهود لاستقبال طالبي اللجوء من اليونان، واعتبرت أن من الممكن توزيع 30 ألف مهاجر، وفقًا للخطة الأوروبية، بحلول نهاية 2017، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. تؤوي الجزر اليونانية نحو 60 ألف لاجئ أغلبهم من سورية، تقطعت بهم السبل في اليونان بعد إغلاق الحدود في البلقان، ولم يعد بمقدورهم استكمال رحلتهم إلى وسط وغرب أوروبا.