معتقلون سابقون يقاضون المخابرات السورية أمام المحاكم الألمانية



بعد عرقلة ملف المعتقلين، في محادثات جنيف وأستانا، تقدّم معتقلون ومعتقلات سابقون في سجون النظام السوري، بشكوى ضد شخصيات عسكرية بارزة، ومسؤولين في مكتب الأمن القومي والمخابرات الجوية التابعة للنظام.

الدعوى التي رُفعت، بدعمٍ من منظمة العفو الدولية والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، قدّمها 13 معتقلًا، أمام النائب العام الاتحادي الألماني، على خلفية تعرضهم للتعذيب، وانتهاكاتِ حقوق الإنسان، إضافة إلى جرائم الحرب التي ارتكبها النظام، في معتقلَي صيدنايا وسجن المزة، في العاصمة دمشق.

قال المحامي المعتصم الكيلاني، من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، لـ (جيرون): “إن الدعوى القضائية تستهدف إدارة المخابرات الجوية وسجن صيدنايا، حيث تم تقديم 28 اسمًا، لمشتبه بهم من المسؤولين، إضافة إلى 6 أسماء أخرى من الأمن العسكري، يُشتبه بمسؤوليتهم عن الجرائم التي رُفعت الدعوى من أجلها”، مؤكدًا أن “قانون الجنايات الدولي في ألمانيا يُتيح إمكانية ملاحقة الجرائم والانتهاكات في سورية؛ ما ساعد على المُضي في إجراءات رفع هذه الدعوى”.

تابع الكيلاني: “إن مبدأ الولاية القضائية العالمية المُترسّخ، في قانون الجنايات الدولي في ألمانيا، يُشكّل الأساس القانوني لملاحقة جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم المُرتكبة ضد الانسانية، وجرائم الحرب، من خلال الجهاز القضائي في ألمانيا، ولذلك من المُفترض أن يقوم المدعي العام في ألمانيا، بإجراء التحقيقات وإصدار مذكرات اعتقال دولي في ألمانيا، ضد المسؤولين المتهمين بارتكاب جرائم دولية”.

يرى الكيلاني أن أهمية رفع مثل هذه الدعاوى “تكمن في ترسيخ وتثبيت الجهود الرامية إلى إنهاء الإفلات من العقاب في سورية، وجعلها شرطًا أساسًا لتحقيق العدالة الانتقالية، فمن المستحيل تحقيق سلام طويل الأمد، دون معاقبة مجرمي الحرب، كما أنها مهمة لمكافحة الإرهاب والتطرّف؛ لأن من تعرّض للانتهاك، ولم يُحاسب من انتهكه؛ سيشعر بالظلم، وسيتولد لديه ميلٌ نحو التطرف والانتقام”.

من جهة ثانية، قال المعتقل السابق وائل سعد الدين، لـ (جيرون): “إن شناعة ما يحصل خلف القضبان أصعب من أن تختزله الكلمات، فلا معايير تتحكم بطبيعة الممارسات على المعتقلين. النظام لا يفرّق بين شاب وطفل وامرأة ومسنّ، ويرتكب الانتهاكات النفسية والجسدية بحق الجميع، وتصل إلى حدّ القتل، في معظم الأحيان. فضلًا عن المحاكمات الميدانية السرية التي يجريها بحقّ عددٍ كبير منهم، ويكون حكمها الإعدام في الغالب، حيث إن قضاتها ضباط، ولا يُسمح للمعتقلين بالدفاع عن أنفسهم أو توكيل محامٍ أو استئناف الحكم”.

أضاف: “عندما كنت معتقلًا في “فرع فلسطين” التابع لشعبة المخابرات العسكرية، وُضعتُ في زنزانة، لا تتجاوز مساحتها 21 متر مربع، مع عدد من المعتقلين يصل إلى 120 شخصًا، يموت كل يوم، من شخص إلى 5 أشخاص، بسبب ظروف الاعتقال الوحشية من (المياه الملوثة، الجوع، الأمراض والأوبئة)، وكلّما توفي عددٌ من الأشخاص؛ سُحبت جثثهم، وبعد نصف ساعة، يُدخل العدد نفسه من المعتقلين الجدد. إنه مكان للموت وليس للانتظار!”.

اعتبر فضل عبد الغني، رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن “هذه الدعاوى هي رسالة للنظام بأنه لن يتمكّن من الإفلات من العقاب، خصوصًا أن بإمكان المُدّعي العام الألماني أن يُصدر مذكرة توقيف بحق قادة في الأجهزة الأمنية، مثل علي مملوك وجميل الحسن، وبالتالي اعتقالهم بمجرد دخولهم إلى أي بلد أوروبي”. وأوضح: “من شأن هذه الخطوة أن تعطي أملًا للسوريين، لا سيّما بعد تسريب صور (القيصر) للمعتقلين في سجون النظام، وهجوم الكيماوي في الغوطة وخان شيخون، وتحثّهم على عدم التوقف عن ملاحقة المجرمين، وعن تسجيل الجرائم التي ارتُكبت بحقهم، وإن كان مسار العدالة طويلًا”.

يرى المحامي أيمن فهمي أبو هاشم أن المصدر الأساس الذي تم الاستناد إليه في رفع هذه الدعوى، هو أن “ألمانيا من الدول التي يرتكز قانونها إلى مبدأ الاختصاص القضائي العالمي، لذا فإن المحاكم الألمانية تستطيع النظر في أي دعوى من أي شخص تعرض لانتهاكات جسيمة بموجب القانون الدولي”. وأردف: “لا شك أن هذه الدعوى ستُشكّل ضغطًا مضافًا وحقيقيًا على النظام الذي رفض في كل المفاوضات أن يتعامل مع ملف المعتقلين بالجدية المطلوبة، وستُجبره على تنفيذ التزامات حقيقية، على صعيد إطلاق سراح المعتقلين”.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون