نبذات موجزة من(كتاب الأوراق الخاصة جدا للموسيقار عبد الوهاب )

إعداد وتقديم \\أستاذ فاروق جويدة كتاب الأوراق الخاصة جدا للموسيقار محمد عبد الوهاب يعد من الكتب النادرة والجذابة في آن واحد ، حيث يعد الكتاب فريداً لكشفه عن بعض من الأسرار التي لا نعرفها عن حياة الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وفي ذات الوقت هو يعتبر جذاباً لأنه مختصر ومنظم بشكل يجعلك لا تشعر بالملل أو الرتابة ، لنقرأ معاً بعض النبذات عن الموسيقار محمد عبد الوهاب . ينقسم لثلاثة فصول يحتوي كل فصل على 10 أجزاء تقريبا ، أولا رحلته مع الموسيقى وثانيا رحلته مع الناس وثالثا رحلته مع السياسة بالإضافة إلى المقدمة التي أعدها الأستاذ فاروق جويدة . افتتح فاروق جويدة كتاب الأوراق الخاصة للموسيقار محمد عبد الوهاب بمدحه كثيرا وذكر بأن شهادته في عبد الوهاب تعد مجروحة لأنه كان صديقا قريبا له بحكم انه كان يعرف والده جيدا وكان يدخل منزلهم الكائن في محافظة البحيرة منذ تفتحت عيناه على الحياة ، ثم زاد مرة أخرى في مدحه ومدح زوجته السيدة نهلة القدسي التي أعطته مذكرات الموسيقار محمد عبد الوهاب بناءاً على توصية من زوجها الموسيقار محمد عبد الوهاب قبل أن يلاقي ربه . ذكر جويدة بعض المميزات عن الموسيقار محمد عبد الوهاب أهمها على الإطلاق انه مستمع جيد جدا لكل من حوله وهذا يعد ذكاء كبير وهو منضبط في مواعيده ومنظم . أما عيوبه التي يلحظها فهي انه كان مجامل جدا وذلك كمحاولة منه لكسب الناس داخل الوسط الفني والسياسي ، وكان عبد الوهاب أيضا مصاب ببعض الوسوسة سواء من المرض لخوفه من الموت وأيضا وسوسة من جهة مستقبله الفني . قال جويدة إن عبد الوهاب رجلا واضحا وضوح الشمس ليس له أسرار والجميع يعرف حياته الفنية والشخصية فلم يكن هناك شيء يخجل منه ليخفيه ، ولكن في هذا الكتاب هناك الجديد عن عبد الوهاب فتلك المذكرات كانت تظهر شخصية عبد الوهاب الحقيقية بدون دبلوماسية أو مجاملات ، فقد كتب في أوراقه الخاصة ما لم يكن يستطيع أن يبوح به أمام الناس ، فقد كان يفرض عليه مجتمع النخبة قيودا كثيرة تحرر منها في تلك الأوراق البسيطة . بعد ذلك يعرض فاروق جويدة الأوراق الخاصة جدا بمحمد عبد الوهاب بصياغة عبد الوهاب نفسه دون أي تدخل منه فقد شرح فقط في مقدمة الكتاب ما الذي سيعرضه في المذكرات وفتح للقارئ العنان لكي يستمتع بسرد عبد الوهاب لأفكاره ورحلته الفنية. أول فصل تحت عنوان "عندما قال أساتذة الموسيقى" : (عبد الوهاب مجرم حرب) ، حيث يسرد عبد الوهاب في هذا الفصل لحظة الإبداع عنده التي يشعر فيها بالحب واللهفة وكأنه سيقابل حبيبته وهذا الشعور يأتيه عندما يجيئه خاطر لحني ولو جاءه هذا الخاطر يقول انه يترك كل شيء لأجله حتى لو كان في اجتماع فهو يعتذر ويقوم بسرعة متوجها لمنزله ويدخل غرفته ويغلقها بإحكام ويأخذ العود والمسجل ليلحن ويصف لنا كيف انه يرى الخاطر اللحني كأنه فتاة جميلة أنعم الله بها عليه . ويستكمل عبد الوهاب لحظات إبداعه ويروي كيف أن الخاطر الموسيقي يمكن أن يأتيه وهو نائم فيحاول أن يحفظه في خياله ولكنه يؤرقه ويخاف أن ينساه ويضيع عليه فرصة عمره ولكن يفكر أن قيامه سيعرضه للبرد وصحته لن تحتمل ويظل في قلق لكن في النهاية ينتصر الفن ويقرر أن يقوم من نومه ليسجل الخاطر اللحني الجديد . وينصح عبد الوهاب الملحنين بوجوب مراجعة اللحن فإن في ذلك إتقان وكمال ، ويقول انه برغم مراجعته المستمرة للحن يجد كثيرا أن لحنه آخر هيافة حيث أن الفنان في وجهة نظره يبحث عن الكمال ودائما اللحن ناقص لهذا فالمراجعة تخلق الأفضل . ويبدو الإيمان الشديد في كلام عبد الوهاب عن موهبته حيث انه يقول : إن رضا الناس عن عمل الفنان ليس مرتبطا فقط بموهبته أو خبرته بل هو القبول الذي يهبه الله من يشاء فالفنان له علاقة مباشرة بالله ورضاؤه هو أكبر تكريم له. من جهة أخرى يرى محمد عبد الوهاب أن الخوف يؤدي إلى الفشل فلا يستطيع الإنسان أن يفكر وهو خائف ولا يمكن أن يصل الإنسان إلى الشعور الصادق وهو خائف فالرسام مثلا إذا رسم لوحة ويداه ترتعشان من الخوف فلا يمكن إلا أن يرسم شيئا مشوشا لا جمال فيه فما بالك بالمغني الذي يعطي أنفاسه وأعماقه وصدقه للفن ، فالثقة في ذاتها هي تقوى الإنسان وأول مراتب توصيل الثقة للناس أن يثق الإنسان في نفسه وهنا ينصح عبد الوهاب المطرب والمطربة والعازف ألا يخاف لأن ذلك سيجعل عمله به شوشرة ونشاز ستصل للمستمع مما يؤدي للفشل. في نهاية الفصل نلاحظ مدح محمد عبد الوهاب في نفسه من حيث تذكير الناس بإنجازاته الموسيقية من انه أول من قدم للمستمع غناء وموسيقى حرة بلا قيود زمنية لا تخضع لإيقاع وقوانين يمكن كتابتها ، وهو أول من اخضع الغناء في الأغنية الواحدة لجمل حرة الشكل وجمل موزونة كما في الألحان الغربية وبعد ذلك اتبعه الملحنون وأصبح ذلك دستورا في عالم الألحان ، أيضا كان عبد الوهاب أول من خالف قاعدة هامة في التلحين الشرقي ، حيث إن الملحن كان إذا بدأ بنغمة عليه أن ينتهي بنفس النغمة وقد كسر ذلك تماما وقد ثار عليه أساتذة نادي الموسيقى في ذلك الوقت وحاكموه فقال لهم : إن النغمة تشبه حديقة جميلة يتجول فيها الملحن في لحنه ويكتشف فيها مواقع جميلة إذا أ راد في مشواره داخل الحديقة أن يرتاح عند موقع جميل وينتهي من مشواره فما المانع ، فرفضوا كلامه ولكنهم لم يتخذوا أي إجراء ضده ويقول هنا عبد الوهاب في ثقة لأنهم كانوا في حاجة إليه فقد كان نادي الموسيقى هذا يقدمه في حفلاته للحكام على انه طالب بالنادي وكان يحصل على الإعانات من الدولة بسبب ذلك ، ويروي عبد الوهاب كيف تم فصله بعد ذلك عندما انفصل جزء من هذا النادي ليصبح معهد للموسيقى وأصبح تابع للحكومة وبدأ النادي يستغني عن الحفلات وزاد هو في ثورته على كل القيود الموسيقية محطما وثنيتها بحسب وصفه مما جعلهم لا يطيقون صبرا فاجتمعوا كمجلس إدارة وفصلوه ولم يتضامن معه من مجلس الإدارة سوى أحمد الألفي مما أدى إلى فصله هو الآخر،ويقول عبد الوهاب هنا : انه رغم كل ذلك يحمل لهم كل إجلال وتقدير فهم أساتذته الذين تعلم منهم وأيضا انه بتزمتهم أشعلوا داخله جذوة الثورة على حد تعبيره وقد أطلقوا عليه عندما طردوه "مجرم الموسيقى كمجرمي الحرب".