المرزوقي: نتائج الحركات الإسلامية السياسية والعسكرية كانت “سلبية نوعًا ما”



قال منصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق: لا يمكن أن “نتحدث عن الإسلام السياسي بموضوعية؛ إذ لا يوجد قوانين ثابتة في العلوم الإنسانية، ولأن طبيعة المعركة تفرض الانحياز علينا للعرق أو المنطقة أو الشهوة”، معتبرًا أن نتائج الحركات الإسلامية السياسية والعسكرية كانت “سلبية نوعًا ما”.

أضاف المرزوقي، في محاضرةٍ نظمها في الدوحة (صالون الكواكبي) المنبثق من (مركز حرمون للدراسات المعاصرة)، أمس الإثنين: “أنا لا أتعامل مع الإسلام السياسي بعين السخط، بسبب تنشئتي المنزلية، ولأني كنت رئيس رابطة حقوقية”، وعقّب: “لكني لا أنظر إليه بعين الرضا، لأني درست في فرنسا، وأعتبر تجربتها متقدمة جدًا. كذلك لأني تعرفت على الإسلام السياسي، وتحالفت معه، ثم حصل الطلاق؛ بسبب تحالفهم مع الدولة العميقة”. واعتبر أن “مهمة الباحثين هي البحث عن تاريخ الإسلام السياسي، منذ يوم سقيفة بني ساعدة أو قبلها، وحتى الآن”، وأوضح: “نحن أمام حركات إسلامية سياسية كثيرة، تجمعها مرجعية واحدة، هي الإسلام، لكنها لا تتشابه في شيء”.

رأى المرزوقي أيضًا أن “هناك فرقًا بين الإسلام السياسي الحاكم (شيعي، سني)، والمعارض (مدني، عسكري)”، مشيرًا إلى أن “المعارض الإسلامي المدني ينقسم إلى مقاوم، مثل إخوان مصر، أو معاضد، مثل النهضة”، وقال: “العسكري ينقسم إلى مقاوم مثل (حماس) و(حزب الله) قبل 2006، ومجاهد أو إرهابي مثل (داعش)”. وتابع: “لا يوجد دولة تلبس لبوس الإسلام حققت أي تقدم حتى الآن. الحركات الإسلامية السياسية المعارضة حققت الكثير: العمل الخيري، الحفاظ على الهوية، مقاومة الاستبداد، شحن المقاومة العسكرية بالروح المعنوية، القدرة على أخلقة السياسة، لكن هذه الفكرة الأخيرة بدأت تنضب بسرعة”.

حول الإسلام السياسي المسلح، قال المرزوقي: إن مئات آلاف القتلى سقطوا “بسببه”، وأضاف أنه “لعب دورًا كبيرًا في تأبيد الاستبداد، حيث أصبحت شماعة الإرهاب سببًا في بقاء الأنظمة أو عودتها، كذلك ضربت مراكز الإسلام خارجيًا، وخاصة الجاليات، كذلك ضرب هذا النوع الديموقراطية الغربية، حيث أصبحت تسنّ الكثير من القوانين التي تحد من الحريات العامة، تسبب في قفزة اقتصادية كبيرة لشركات الأمن”. وعبّر عن قناعته بأن هذا الفشل سيستمر، “بسبب عدم وجود خيار أمام الإسلام السياسي المدني غير الاحتماء أو التحالف مع الأنظمة، وهذا يعتبر فشلًا للأمة بشكل عام”.

كما عدّ المرزوقي أن القاسم المشترك للحركات الإسلامية (السنية والشيعية) هو “ادعاؤها الإسلام مرجعية لها، لا يوجد تعليق عن تقدم الإسلام السياسي الشيعي، وإنما هو إضافة إلى المشكلات الموجودة”، ولفت الانتباه إلى “كوارث حدثت، بسبب الحركات المتشددة التي سببت تشويها للإسلام في الخارج”. وحول كون التشدد الإسلامي ردة فعل عن العلمانية الاستئصالية، قال المرزوقي: بالتأكيد، للعلمانية الاستئصالية دور في نشوء الحركات المتشددة”.

ختم المرزوقي بقوله: “آن أوان النضج الفكري والعقلي، والخروج من المشاحنات الثنائية، بين الإسلاميين والعلمانيين، نقبل بالتعددية والاختلاف، عدم احتكار الحقيقة، بأن نقبل بعيوبنا، ونعيد صياغة حلم جديد للأمة، وهذا الحلم لا يمكن أن يكون معلبًا جاهزًا، لكن يجب العمل الجمعي للخروج من هذه الكارثة”.

في نهاية المحاضرة، قدّم بعض الحضور مداخلات على ما طرحه المرزوقي، وسأل أحدُ الحضور: أليس من الظلم جمع حركات الإسلام السياسي مع الحركات الجهادية؟ لماذا نجح الإسلام السياسي الشيعي في تحقيق أهدافه؟ وأجاب السيد المرزوقي أن القاسم المشترك لهذه الحركات هو ادعاؤها الإسلام مرجعية لها، لا يوجد تعليق عن تقدم الإسلام السياسي الشيعي، وإنما هو إضافة إلى المشكلات الموجودة.

في حين طرَح آخر: ألا ترى أن (حركة النهضة) جنبت تونس حربًا أهلية، من خلال براغماتيتها؟ أليست الحركات الإسلامية المتشددة هي ردة فعل على العلمانية الاستئصالية؟ وأكد المرزوقي في إجابته أن “للعلمانية الاستئصالية دورًا في نشوء الحركات المتشددة، لا يوجد مجال لنشوب حرب أهلية؛ لأن شعب تونس هو أكثر الشعوب تجانسًا، ونظريتي أننا يجب أن نستمر بالنضال، ويجب أن نقتلع الفساد من جذوره، ولكن -حتى الآن- لا يمكننا الجزم بأنها تجربة ناجحة أو فاشلة، بشكل مطلق”.

وتساءل أحد الحضور: ألا ترون أن من المبكر جدًا الحديث عن فشل الإسلام السياسي، ربما هو انكسار أو انحناء، لكن لا يمكن أن نعدّها فاشلة؛ حيث إنها ما زالت تعبر عن رأي غالبية، ولأن الحركات الآن لم تعد تطرح الشعارات الإسلامية الفاقعة الكلاسيكية؟ ورد المرزوقي: “انطلاقًا من تشخيصي -كطبيب- أجد أن هناك كوارث، حدثت بسبب الحركات المتشددة التي سببت تشويهًا للإسلام في الخارج، ومن الحركات المدنية، كتونس التي تبرر تحالفها مع النظام القديم”.


جيرون


المصدر
جيرون