on
صحيفة فزغلياد: “الإرث” السوفيتي يضع العربية السعودية وإيران على حافة الحرب
الصورة: Reuters TV/Reuters
هددت المملكة العربية السعودية إيرانَ، بعواقب جدية نتيجة “عمل الحرب”. وكانت الذريعة الصاروخ – السوفيتي المعدل، الذي أُطلق من اليمن ودمرته الدفاعات الجوية السعودية، بالقرب من العاصمة الرياض. تنفي طهران أي علاقةٍ لها بالهجوم، غير أن السعوديين يحتفظون لنفسهم بحق “الرد على إيران في الزمان والمكان المناسبين”. فهل نحن بانتظار مواجهةٍ مباشرة؟
“نصيحتنا الصادقة الوقف الفوري للهجمات على المواطنين اليمنيين الأبرياء، وترك جميع هذه الاتهامات غير المفيدة جانبًا”. هكذا جاء الرد الإيراني على الاتهامات بـ “العمل العدواني” من جانب إيران، الصادرة عن السعوديين على لسان الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية بارهام قاسمي.
تنفي إيران أيّ علاقةٍ لها بالضربة الصاروخية على الأراضي السعودية، والمنطلقة من الأراضي اليمنية. في اليوم السابق، أصبح معلومًا إطلاق صاروخٍ باليستي باتجاه العاصمة السعودية الرياض، وقد أعلنت وزارة الدفاع السعودية أن وسائل الدفاع الجوية السعودية تمكنت من إسقاط الصاروخ (بركان-1) في منطقة مطار الملك خالد، على مسافة 35 كم شمال العاصمة. يقول المتمردون الشيعة الحوثيين الذين تبنوا عملية الإطلاق إن الصاروخ قد أصاب هدفه بالفعل.
ما هي التهمة التي وجهها السعوديون لإيران
لم تقتصر الاتهامات التي وجهها ممثلو التحالف العربي في اليمن، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، لإيران على تزويد الحوثيين اليمنيين بالصواريخ فحسب، فقد أعلن الممثل الرسمي للتحالف العقيد السعودي تركي المالكي: زودت إيران المتمردين الشيعة بـ “كل أنواع الأسلحة”، بدءًا من الذخائر وانتهاءً بالأسلحة الطائرة. ويؤكد العسكريون السعوديون أيضًا أن صاروخ (بركان-1) هو “صناعةٌ إيرانية”. بحسب رواية التحالف العربي، قام الخبراء الإيرانيون بنقل تكنولوجيا الإطلاق إلى الحوثيين، علاوةً على ذلك، تؤكد السلطات في المملكة أن الخبراء العسكريين الإيرانيين شاركوا بشكلٍ مباشرٍ في إطلاق هذه الصواريخ على أهدافٍ في الأراضي السعودية.
يقول السعوديون إنهم يحتفظون بحق الرد على هذا الهجوم في “الوقت والطريقة المناسبين”. وقال لصحيفة (فزغلياد) كبير خبراء مركز الأبحاث العربية والإسلامية في معهد الاستشراق لدى أكاديمية العلوم الروسية بوريس دوغوف: “لقد سمعنا أن للعربية السعودية الحق بالرد عسكريًا على إيران، استنادًا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”. وتضمن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على حق الدول الأعضاء، بالدفاع فرديًا أو جماعيًا عن نفسها، في حال تعرضها لهجوم. حاليًا، أعلنت قيادة التحالف السعودي عن إغلاق جميع مطارات وموانئ اليمن.
الاصطفاف اليمني
النزاع المسلح الحالي في اليمن مستمر منذ عام 2014. فمن جهةٍ، يشارك في الحرب قوات الرئيس المخلوع السني عبد ربه منصور هادي، المدعوم من العربية السعودية، ومن دول مجلس التعاون الخليج المهيمن عليه من قِبلها. ومن الجهةٍ الأخرى حركة الحوثيين الشيعية (أو أنصار الله) التي تحوز على دعمٍ سياسي من الدولة الشيعية الأكبر: إيران. يشير دولغوف إلى أن “إيران تنفي دعمها العسكري للحوثيين، ولكنها تدعمهم دبلوماسيًا بشكلٍ علني، كما تقدم لهم الشحنات الإنسانية”. يدخل فرع تنظيم “الدولة الإسلامية” في اليمن، وكذلك تحالف “أنصار الشريعة”، المرتبط بـ “القاعدة” طرفًا ثالثًا في النزاع.
يؤكد الخبير أن “الأحداث الأخيرة، وبخاصة قصف العاصمة السعودية من الأراضي اليمنية، صعدت الوضع في المنطقة برمتها، وكذلك العلاقات بين إيران والعربية السعودية”. ولكنه يشير إلى أن بداية هذه المواجهة كانت في عام 2014، عندما تدخل السعوديون مباشرةً في النزاع الداخلي في اليمن.
يفترض دولغوف أن “الضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة السعودية، أدت إلى وقوع كارثةٍ إنسانية في اليمن” ويتابع: “أكثر من 20 ألف مدني قُتلوا، ودمرت البنية التحتية (بما في ذلك، شبكات المياه ومراكز معالجة المياه)، ما أدى إلى تفشي وباء الكوليرا الذي ذهب بحياة الآلاف”.
بحسب العربية السعودية، الضربة نفذت بصواريخ “سكود” المعدلة
سببت مشاركة المملكة العربية السعودية في الحملة اليمنية رداتِ فعلٍ من جانب الحوثيين. يذكر الخبير أن “قصف الأراضي السعودية الحالي من قبل الحوثيين لم يكن المرة الأولى من هذا النوع”. ففي نهاية شهر تموز/ يوليو من العام الحالي، قام الحوثيون بإطلاق صاروخين على معمل تكرير النفط، كما نفذ الحوثيون قصفًا صاروخيًا على معمل تكرير النفط في منطقة ينبع، على بعد 1000 كم من الحدود اليمنية-السعودية.
تنقل وسائل الإعلام العربية أنّ الحوثيين استخدموا في هجومهم صاروخ (بركان-2). وهو في حقيقة الأمر سلاحٌ سوفيتي موروث. “بركان” هو نسخة معدلة من الصاروخ السوفيتي نسخة (ОТРК) 9К72 التي يدخل فيها صاروخ من مرحلةٍ واحدة Р-17، الذي يطلق عليه الناتو (Scud B). في سبعينيات القرن الماضي، صدرت كميات كبيرة من هذا الطراز إلى دول مختلفة، من ضمنها الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، التي كانت تدور في الفلك السوفيتي. وقد قامت إيران بشراء هذه المنظومات، عبر ليبيا.
صاروخ (بركان-1)، الذي عرضه الحوثيون عام 2016، يذكر بالنسخة الإيرانية من صاروخ (شهاب-2)، وهو كوري شمالي من طراز (هوا سون-6). وقد استُخدم صاروخ “بركان” للمرة الأولى في نيسان من العام الماضي، لقصف قاعدة “الملك فهد” الجوية السعودية. بيّنت الضربة الثانية على معمل تكرير النفط، صيف هذا العام، عدم قدرة الدفاعات الجوية السعودية على تحييد الصواريخ، المطورة على أساس نماذج الصواريخ السوفيتية القديمة.
ينشط الحوثيون ضد المملكة العربية السعودية على الأرض أيضًا. ويشير دولغوف إلى “وقوع حوادث، استطاعت المجموعات الحوثية خلالها التسللَ إلى الأراضي السعودية، وأطلقوا النار على حرس الحدود، وهاجموا القوافل”. ولكن هل من الممكن وقوع صدامٍ مباشر بين إيران والمملكة العربية السعودية؟ وما هي القوى التي تمتلكها الأطراف المتنازعة، وأين يمكن أن تكون أرض المعركة؟
من يغلب من؟
من وجهة نظر القوى البشرية، تتفوق إيران بدرجةٍ كبيرة، الأمر الذي تحدث عنه للصحيفة مدير مركز دراسة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، العقيد في الاحتياط سيمون باغداساروف: يبلغ عدد أفراد القوات المسلحة الإيرانية، بما في ذلك فيلق حرس الثورة الإسلامية من 600 على 900 ألف شخص، إضافة إلى احتياطٍ كبير تحت التجنيد، وخاصة ميليشيا “الباسيج”. “يتبع الباسيج تنظيميًا للحرس الثوري، ويمكن أن يصل تعداده إلى عدة ملايين”، يضيف المتحدث. أما عدد القوات المسلحة الملكية السعودية مع الحرس الوطني والتشكيلات شبه العسكرية، فحوالي 220 ألف فقط.
إضافة إلى ذلك، يجب الإشارة إلى أن المملكة تحتل المرتبة الرابعة في العالم، من حيث الإنفاق العسكري، بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا. وبحسب معلومات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام عام 2017، ينفق السعوديون على أغراض الدفاع نحو 63.7 مليار دولار، أو 10 بالمئة من إجمالي النتاج المحلي. وتأتي إيران بحسب التصنيف نفسه، في المركز 17 عالميًا بـ 12.3 مليار دولار سنويًا (حسب الأرقام المصرح عنها)، أو 3 بالمئة من الناتج المحلي. يشير الخبير إلى أن “إيران تمتلك عددًا كبيرًا من الدبابات، والطائرات، بما فيها من الإنتاج المحلي؛ الأمر الذي لا يتوفر للسعودية”. وبحسب البيانات المعلنة، حول تسليح الجيش الإيراني، لدى إيران أكثر من 1600 دبابة، منها 150 دبابة “ذو الفقار” محلية الصنع (بنيت على أساس مكونات ت-72 الروسية والأميركية إم 48 وإم 60)، بالإضافة إلى 480 دبابة ت- 72. يبلغ عدد الطائرات القتالية لدى الجيش الإيراني 300 طائرة. من بينها ميغ- 29 وسوخوي-24 وسوخوي-25. وبالحديث عن منظمات الدفاع الجوي، نذكر أن إيران اختبرت بنجاح منظمة إس-300 الصاروخية المضادة للأهداف الجوية. وأضاف باغدا ساروف: “ونذكر بالصواريخ بعيدة المدى (شهاب-3) التي يصل مداها إلى 2000 كم”.
بحسب معلومات الخبراء، تمتلك السعودية نحو 450 دبابة أميركية الصنع M1A2 Abrams (وعددًا مماثلًا من العربات المدرعة M2 Bradley، وكذلك قرابة 2000 عربة وسيارة مدرعة من أنواعٍ أخرى). من حيث القوات الجوية تمتلك السعودية أكثر من 260 طائرة قتالية (معلوم وجود 152 طائرة (F-15)، و81 طائرة تورنادو، و32 طائرة Дунфэн-2 بمجال عمل يبلغ قطره 2.5 ألف كم).
ساحة المعركة: سورية؟
يشكك الخبراء العسكريون والمستشرقون، أن إيران والمملكة العربية السعودية ستصلان إلى مرحلة من الحرب، تتبادلان فيها الضربات الصاروخية، عبر الخليج وعبر القناة الرئيسية لنقل النفط الخام: مضيق هرمز، وإشراك القطع البحرية لأساطيلهما، وعمليات إنزال.. إلخ. فتحويل منطقة الخليج النفطية إلى ساحة عملياتٍ قتالية ليس في مصلحة أي من البلدين: السعودية (المرتبة الثانية من حيث احتياطات الذهب الأسود)، وإيران (المركز الرابع).
يقول الخبير دولغوف: “لا أظن أن المملكة العربية السعودية ستذهب باتجاه نزاعٍ عسكري مفتوح مع إيران؛ لأن إيران تمتلك قدراتٍ عسكريةً ضخمة، النزاع ليس في مصلحة الرياض (مع أن الولايات المتحدة الأميركية تقف خلف السعودية، ويتواجد فيها مستشارون أميركيون)”. يتفق باغدا ساروف مع دولغوف في الرأي: “لا يجب الاعتقاد أن السعودية ستهاجم إيران مباشرةً”. ومع ذلك يشير الخبير إلى أنه “يمكن الافتراض أن المواجهة العسكرية ممكنةٌ بين البلدين، على الأراضي السورية. وبشكلٍ أكثر دقةٍ في مناطق جنوب سورية، الملاصقة لحدود العراق والأردن”.
اسم المقالة الأصلية Советское «наследие» поставило Саудовскую Аравию и Иран на грань войны كاتب المقالة ميخائيل موشكين مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد. 6 تشرين ثان 2017 رابط المقالة https://vz.ru/world/2017/11/6/894041.html ترجمة سمير رمان
سمير رمان
المصدر
جيرون