‘الصحافة في الخطوط الأمامية (الجبهات): أهمية وحماية الصحافيين في سورية’

16 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
7 minutes

اسم المقالة الأصلي
Journalism on the Front Lines: Importance and Protection of Journalists in Syria

الكاتب
                                                       إيما كابرول / Emma Cabrol

المصدر
مركز حرمون للدراسات المعاصرة، برنامج الباحثين الزائرين الدوليين

ترجمة
وحدة الترجمة والتعريب

 

منذ اندلاع الصراع السوري عام 2011، قُتل 128 صحافيًا، وأكثر من 200 إعلامي، واحتُجز العشرات، وهناك 6 مفقودين. وتُعدّ سورية حاليًّا أخطر دولةٍ، بالنسبة إلى الصحافيين، وقيل إنَّ “أولئك الذين يحاولون نشر أخبار الاضطرابات، من داخل سورية إلى بقية العالم، يخاطرون بحياتهم”. ومع أنَّ الحق في حرية الرأي والتعبير هو أحد حقوق الإنسان الأساسية؛ إلا أن الصحافيين في سورية ما يزالون يخشون على حياتهم.

إنَّ دور الصحافيين في أوقات الحرب أمرٌ بالغ الأهمية، ووفقًا للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة (ICTY)، فالمعلومات الصحافية “تؤدي دورًا حيويًّا في توجيه انتباه المجتمع الدولي إلى أهوال الصراع، وحقيقته”. وتوضّح المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة (ICTY)، أيضًا، أهمية الصحافيين في المساعدة على منع الجرائم، والمعاقبة عليها. والواقع أنَّ الأدلّة التي يجمعها الصحافيون كثيرًا ما تُدين الانتهاكات بحق القانون الدولي، وغالبًا ما تُستخدم في المحاكم الدولية لمحاسبة مرتكبيها. وعلاوةً على ذلك، عندما يَطَّلع المواطنون على الوضع، من خلال التغطية الإعلامية؛ يصبحون قادرين على التأثير في القرارات المتخذة في البرلمانات الوطنية، أو في المؤسسات الدولية، مثل مجلس الأمن. وبالتالي؛ تلعب المعلومات الإعلامية دورًا أساسيًّا ومهمًا في أثناء الصراعات، وبعدها.

مع ذلك، وعلى الرغم من الدور المهم الذي يؤديه الصحافيون، في صون السلم والأمن الدوليين، هناك نقصٌ في حمايتهم بموجب القانون الدولي؛ حيث لا يزالون مستهدفين. ووفقًا للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة (ICTY)، لأنّ صحافيي الحرب يزودون المجتمعَ الدولي بمعلوماتٍ حاسمة من ساحة المعركة؛ هم يحتاجون إلى نظام حمايةٍ ملائم. ومع أنّهم يستفيدون، بموجب القانون الدولي الإنساني، من الحماية ذاتها المقدمة للمدنيين، يتعرضون لخطرٍ أكبر. في سورية، من إجمالي عدد الصحافيين الذين قتلوا منذ عام 2011، تمَّ اغتيال 17 شخصًا على الأقل، و17 آخرين قُتلوا من دون أنْ ينال قاتلهم العقاب.

في عام 2012، استهدف النظام السوري -عمدًا- مركزًا إعلاميًا، حيث كان يجتمع صحافيون معارضون، ودوليون، وأدّى الهجوم إلى مقتل الصحافية ماري كولفين، والمصور الصحافي ريمي أوشليك، وإصابة صحافيين آخرين (قُتلا في 22 شباط/ فبراير 2012، في قصفٍ للنظام السوري على مدينة حمص).

في الوقت الحالي، إنَّ النموذجين الرسميين من الصحافيين الموجودين في الصراعات الداخلية، هما من الميدانيين والمستقلين. وكثيرًا ما يُساء تعريف الصحافيين الميدانيين المرافقين للقوات العسكرية على أنَّهم جنودٌ؛ فيُستهدفون. ومن ناحيةٍ أخرى، يتعرّض الصحافيون المستقلون لأكبر المخاطر، لأنَّهم يعملون بشكلٍ مستقل، وبالتالي يمثلون هدفًا أسهل.

إنَّ إعدام (داعش) للصحافيين الأميركيين في سورية في عام 2014 يشير إلى إمكانية استخدام الصحافيين كأدواتٍ سياسية فعالّة. وعلى الرغم من هذا الخطر الكبير، إلّا أنّ الصحافيين الميدانيين، والمستقلين لا يتمتعون بحمايةٍ فعلية من القانون الدولي الإنساني، وهذا يدّلُ على وجود فجوةٍ كبيرة في القانون الدولي؛ إذ إنَّ هؤلاء الصحافيين غالبًا ما يُستهدفون عمدًا، وبالتالي فهم بحاجةٍ إلى نظام حمايةٍ مميز.

علاوةً على ذلك، فالأزمةُ السورية هي أكثر الصراعات التي نُقلت عبر “وسائل اجتماعية” في التاريخ، حيث تلعب قنوات التواصل الاجتماعي، ومستخدموها دورًا حاسمًا في بناء سردية الصراع. في الواقع، بسبب التهديدات الموجهة للصحافيين الذين ينقلون الأخبار من سورية، غالبًا ما تعتمد وكالات الأنباء الدولية على معلوماتٍ من وسائل التواصل الاجتماعي، ينشرها الصحافيون. وهؤلاء الناس يُعرِّضون حياتهم لخطرٍ كبير، من أجل جمع الأخبار التي ينشروها في الدوائر الإعلامية الدولية. منذ عام 2011، بدأ العديد من المدنيين بكتابة التقارير عن الأزمة، حتى لو لم تكن تلك مهنتهم قبل الحرب. كان مالك بلاكتوفيتش مطوّرَ برامج، ولكن بعد عام 2011 شعر بالحاجة إلى محاربة دكتاتورية الأسد، وكَشْفِ الفظائع المرتكبة في سورية، وإيصالها إلى العالم؛ فبدأ بكتابة التقارير للصحافيين والمنظمات الأجنبية، مثل شبكة NBC الإخبارية.

يلعب المواطنون الصحافيون دورًا مهمًا، ومن دونهم ستكون التغطية الإعلامية الدولية المتعلقة بسورية شبه مستحيلة. غير أنَّ عملهم غيرُ معترفٍ به رسميًا، وهم محرومون من الحماية بموجب القانون الدولي، إلى جانب حقوقهم كمدنيين.

في الختام، على الرغم من دورهم الأساس في الحرب السورية، والأخطار الجسيمة التي تواجههم، فإنَّ الصحافيين لا يستفيدون من نظام حمايةٍ محدد في القانون الدولي، وبالتالي لا يزالون غير محميين بشكلٍ كافٍ، ويشير هذا إلى ضرورة إعادة النظر في تعريف الصحافة في القانون الدولي الإنساني، كما يجب وضع خطط حمايةٍ خاصة، لجميع أنواع الصحافيين، سواء في النزاعات الدولية أو الداخلية. وربما ينبغي تأمين الصحافيين بمستوى الحماية نفسه الذي يتمتّع به الموظفون الدينيون، والطبيون في القانون الدولي، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية، لأنَّ العاملين في وسائط الإعلام يقومون بدور محوري، في إشراك المجتمع الدولي في الصراعات الداخلية، ويمكن أنْ تُستخدم تقاريرهم كدليلٍ على محاسبة الأفراد المسؤولين عن الجرائم الخطيرة. وسيقود الإعلاميون الطريق نحو بناء الأمل في السلام والعدالة في سورية، وغيرها من الصراعات الداخلية.

إلى أنْ يتمَّ توفير الحماية الكافية لهم، سيظلون يدفعون ثمنًا باهظًا، في سبيل كشف الفظائع السورية أمام أعين العالم.

جيرون
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون