الأسد يواصل هجماته على مدن الغوطة المحاصرة رغم "خفض التصعيد".. والمدنيون يدفعون الثمن



السورية نت - شادي السيد

استشهد العشرات من المدنيين بينهم عائلات بأكملها جراء القصف المستمر لقوات نظام الأسد منذ أسبوع على الغوطة الشرقية المحاصرة، في تصعيد جديد يشكل انتهاكاً لاتفاق "خفض التصعيد" الساري منذ أشهر عدة.

ويرى محللون أن هذا التصعيد يضعف موقف الفصائل المعارضة التي تعد الغوطة الشرقية آخر معاقلها قرب دمشق، في وقت تتكثف المشاورات الدولية حول القضية السورية، قبل قمة رئاسية روسية ايرانية تركية مرتقبة الأربعاء في روسيا.

وبعد هدوء إلى حد كبير فرضه سريان اتفاق "خفض التصعيد" منذ تموز/يوليو، عادت الطائرات الحربية والسلاح المدفعي التابع للنظام لاستهداف مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة منذ العام 2013.

ومنذ أسبوع، يعيش السكان حالة من الرعب نتيجة القصف العنيف الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 80 مدنياً بينهم 14 طفلاً، وفق ما وثق "المرصد السوري لحقوق الإنسان". ودعا هذا التصعيد الأمم المتحدة الأحد إلى مناشدة الأطراف المعنية "تجنب استهداف المدنيين".

وتعرضت مدينة كفربطنا اليوم لقصف بصواريخ "أرض - أرض" مصدرها النظام ما أودى بحياة 5 مدنيين بينهم 4 أطفال وامرأة، إضافة لعدد كبير من الجرحى.

في مدينة دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية، يقول مجد (28 عاماً)، أب لطفلين، "نضطر أحياناً إلى أن نختبئ داخل المنزل في أماكن غير مؤهلة لذلك، مثل الحمام أو المطبخ، حتى أننا ننام فيهما أحياناً".

ويتحدث عن رعب تعيشه عائلته كلما تجدد القصف.

ورغم أن زوجته تحاول الإيحاء لطفليها بأن الوضع طبيعي، إلا أن طفله البالغ من العمر أربع سنوات "حين يسمع صوت القصف يركض ليختبئ داخل خزانة أو خلف باب ويصرخ طيارة طيارة تضرب"، وفق قوله.

وبعد قصف على مدينة دوما الأحد، شاهد مراسل "فرانس برس" في الغوطة الشرقية مشاهد قاسية لأطباء يحاولون إنقاذ أطفال أصيبوا بجروح خطرة يحدقون بعيون خائفة بانتظار تدخل طارئ لمعالجة أطرافهم التي مزقتها الشظايا. وفي إحدى الغرف، يعانق رجل جسد طفل لا حياة فيه.

وصعّدت قوات النظام قصفها على الغوطة الشرقية إثر هجوم شنته الثلاثاء حركة "أحرار الشام الإسلامية" المتمركزة في مدينة حرستا للسيطرة على إدارة المركبات والتي تعتبر إحدى أبرز النقاط العسكرية للنظام والذي يقصف من خلالها مدن الغوطة.

"مطب قوي"

ويأتي هذا التصعيد برغم أن الغوطة الشرقية تعد واحدة من أربع مناطق سورية يشملها اتفاق "خفض التصعيد" الذي توصلت إليه موسكو وطهران وأنقرة.

ويقول الباحث في مؤسسة "سنتشوري" للأبحاث آرون لوند لـ "فرانس برس": "من الواضح أن اتفاق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية ليس على ما يرام".

ويوضح أنه في السابق "كانت هناك عدة هجمات للنظام وحالياً الفصائل هي من تهاجم"، مضيفاً "من الصعب القول إن كان هناك سريان فعلي لوقف إطلاق النار".

ويتوقع أن تعمل قوات النظام "على المدى الطويل على السيطرة على كامل منطقة الغوطة الشرقية، وإن كان ذلك سيحتاج إلى وقت، باعتبار أنها قريبة جداً من العاصمة لتركها على هذه الحال".

و يرى المحلل العسكري في مركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية نوار أوليفر أن الاتفاق "لم ينته لكنه تعرض لمطب قوي".

وتحاول قوات النظام بحسب مدير "المرصد السوري" رامي عبد الرحمن، من خلال هذا التصعيد "تأليب الحاضنة الشعبية لمقاتلي المعارضة عليهم، لإظهار أنهم غير قادرين على حمايتهم من قصف النظام وباتوا يشكلون عبئاً على السكان".

ويطال قصف قوات النظام منذ أسبوع، معظم مدن وبلدات الغوطة الشرقية التي تعاني جراء الحصار الخانق من نقص فادح في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.

وقتلت مساء الأحد عائلة بأكملها، مؤلفة من رجل وزوجته مع أطفالهما الأربعة جراء غارات استهدفت مبنى في بلدة مديرا المجاورة لدوما.

 

"مشهد يدمي القلب"

وحولت الغارة المبنى إلى ركام. وشاهد مصور متعاون مع "فرانس برس" متطوعين من "الخوذ البيضاء" (الدفاع المدني في مناطق سيطرة فصائل المعارضة) يعملون على البحث عن الضحايا وهم يحملون مصابيح صغيرة. ويقول أحدهم "إنهم ستة أشخاص، وجدنا ثلاثة وبقي ثلاثة آخرين".

وأثناء محاولة أحد المتطوعين رفع الحجارة بواسطة عصا خشبية، يعثر على قدم يضعها في كيس أبيض قربه. ويعلق أحدهم قربه "إنها قدم طفل".

واستهدفت الغارة، بحسب أحد المتطوعين "ملجأ اختبأ السكان فيه عند آذان المغرب"، مضيفاً "هناك أشلاء كثيرة".

ويعمل متطوعو ومسعفو الدفاع المدني وسط ظروف صعبة.

ويروي المسعف في مدينة دوما فراس الكحال (22 عاماً)، تجربة عاشها بعد توجهه مع زملائه إلى منزل استهدفه القصف يوم الجمعة، ويقول "فور دخولنا، رأيت طفلة عمرها لا يتجاوز ثمانية أشهر خرجت من تحت الأنقاض وهي تزحف. خرجت من منزلها المدمر".

ويضيف "كان مشهداً يدمي القلب.. كيف خرجت؟ هذه إرادة رب العالمين"، وأصيبت الطفلة بجروح في رأسها وتمكنت من النجاة بعد إسعافها.

يُشار إلى أن الغوطة الشرقية تعاني من حصار قوات النظام منذ أكثر من 5 سنوات، تسبب بانقطاع في الطاقة الكهربائية ومياه الشرب؛ حيث لجأ القاطنون هناك إلى تأمين الكهرباء عبر مولدات طاقة تعمل بالوقود، فيما يستخرجون المياه من الآبار التي حفروها في المنطقة.

وشهدت الفترة الأخيرة وفاة أطفال بسبب سوء التغذية، بعد أن ضيّق النظام حصاره المفروض على الغوطة الشرقية، عبر إحكام قبضته على طريق تهريب المواد الغذائية، ومنع بعض الوسطاء المحليين من إدخال أي أغذية إلى المنطقة التي يقطنها نحو 400 ألف مدني.

اقرأ أيضا: "ينبغي محاكمة النظام لا شرعنته".. حجاب يشدد على رحيل الأسد قبل مؤتمرين هامين حول سوريا


المصدر