جريدة اللوموند: سورية: كيف تعارض روسيا أفعال الأمم المتحدة منذ ست سنوات



عبرت موسكو، العضو الدائم في مجلس الأمن، يوم الخميس 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، عن معارضتها الرسمية العاشرة لقرار بخصوص الصراع في سورية.

تظاهرة ضد نظام بشار الأسد، بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2016، في مدينة جنيف.

بعد ست سنوات ونصف من الحرب، يبدو أن السيناريو الآن قد أصبح راسخًا؛ فلحماية حليفها، استخدمت روسيا من جديد حقها في الفيتو، يوم الخميس 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، ضد قرار قدمته الولايات المتحدة، كان يهدف إلى تمديد مهمة لجنة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية. كان ذلك الاعتراض الرسمي العاشر من طرف موسكو: العضو الدائم في مجلس الأمن، في الملف السوري.

بدء تنفيذ مخطط الحجب ذاك، منذ بداية الصراع في 15 آذار/ مارس 2011. ومنذ ذلك الوقت، تكتفي روسيا بالتصويت على القرارات التي تقتصر على إدانة أخلاقية للجرائم المرتكبة من جانب النظام والجماعات المسلحة الحاضرة، وتتجنب المبادرات الدوية التي قد يكون لها آثار ملزمة لدمشق.

2011، تشكل الثنائي الروسي السوري

بدأت هذه السيرورة الطويلة بالتشكل في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، بعد ستة أشهر مما اعتُقِد بكونه تمردًا في أعقاب الربيع العربي، حيث أوقفت روسيا والصين مشروع قرار غربي باتخاذ “تدابير موجهة”، لاعتراض حملة القمع التي يشنها نظام بشار الأسد، طبيب العيون الذي أصبح رئيسًا في عام 2000.

لقد تعرضت التظاهرات شبه اليومية في البلاد للسحق الدموي، ولوح بتعبير “جرائم ضد الإنسانية”، ضد رجل دمشق القوي، ولم يكف سحب إشارة مباشرة لفرض عقوبات لتجاوز معارضة موسكو القرار، وكان ذلك أول فيتو روسي– صيني، منذ الفيتو الذي منع الأمم المتحدة من إنزال العقوبات بحق رئيس زيمبابوي: روبرت موغابي، في تموز/ يوليو 2008.

2012، إجهاض خطة السلام

في 4 شباط/ فبراير 2012، وفي مواجهة اشتداد النزاع، طرح مجلس الأمن إلى التصويت مشروع قرار يطالب برحيل الرئيس السوري لاستكمال الخطة الجامعة العربية التي تنص على انتقال ديمقراطي، لكن الصين وروسيا اعترضتا على تنفيذها. يومئذٍ، شجب السفير الفرنسي جيرارد آرو: “إنه يوم حزين لهذا المجلس، وللسوريين ولأصدقاء الديمقراطية”. وعبرت السفيرة الأميركية، سوزان رايس عن شعورها “بالقرف”، في الوقت الذي تلا فيه التصويت عملية قصف في مدينة حمص، خلفت أكثر من 260 قتيلًا بساعات.

تكرر السيناريو ذاته بتاريخ 19 تموز/ يوليو، عندما عارض الثنائي الروسي- الصيني القرار الغربي الذي يهدد النظام الوري بعقوبات اقتصادية في حال استخدام جديد للأسلحة الثقيلة. وسم هذا الفيتو نهاية خطة سلام كوفي أنان، والتي لم تدخل حيّز التنفيذ على الإطلاق، حي علّق المراقبون العسكريون الثلاثمئة نشاطاتهم لأسباب أمنية، وذلك على الرغم من التصويت على تلك الخطة في نيسان/ أبريل 2012، وكانت روسيا من بين المصوتين عليها. وفقًا للسفير الروسي فيتالي تشوركين، فقد فتح ذلك “الطريق”، أمام تدخل عسكري.

2014، انسداد قانوني

في أيار/ مايو 2014، قوبلت فرنسا بالرفض، عندما حاوت التصدي للانسداد الروسي، بطريقة قانونية؛ إذ اقترحت باريس إحالة جرائم ارتكبها المعسكران إلى المحكمة الجنائية الدولية. كانت تلك محاولة للإيقاع بموسكو التي تدعي، منذ بداية الصراع، بوجوب النظر إلى نظام بشار الأسد والمعارضة بالطريقة نفسها. أوقف نص القرار، الذي تبناه نحو ستين دولة، بواسطة روسيا والصين؛ وساهم ذلك الفيتو في تعزيز مناخ غياب المحاسبة في الصراع السوري، والذي كان قد سبب أكثر من 150 ألف قتيل إلى تاريخه. كما ستندر من بعده المبادرات الدولية.

2016، حلب الشهيدة

لن تعود المبادرات الدوية إلا في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، حيث طرحت فرنسا نصًا، يدعو إلى وقف فوري لعمليات القصف على حلب، شمال سورية. لكن روسيا -المتدخلة في البلاد منذ 30 أيلول/ سبتمبر 2015 والمقدمة لدعم جوي للسلطة السورية- عارضته، بينما امتنعت الصين، التي كانت تصطف إلى جانب روسيا حتى ذلك الوقت، عن التصويت.

في كانون الأول/ ديسمبر 2016، استخدمت روسيا والصين كلتاهما الفيتو ضد النص الذي قدّمته إسبانيا ومصر ونيوزلندا، والذي كان يقترح هدنة سبعة أيام في حلب. ورد في ذلك النص بالتحديد: “على كل الأطراف المشاركة في الصراع السوري أن تنهي هجماتها في مدينة حلب”، وتوقع “الاستجابة للحاجات الإنسانية العاجلة”، عن طريق السماح للمساعدات بالدخول إلى المناطق المحاصرة. ولكن ضعف قوات الثوار لحظة اقتراح القرار، دفع بالروس إلى رفضه، لأسباب عسكرية استراتيجية. وتعرضت الأحياء الثائرة، منذ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، لقصفٍ هو الأعنف منذ عامين، ببراميل متفجرة وقنابل وصواريخ. هرب أكثر من 50 ألفًا من سكان الجزء الشرقي لمدينة حلب، وكان عددهم 250 ألفًا، منذ إطلاق النظام لهجومه على المدينة الشهيدة.

2017، الهجمات الكيماوية

في 28 شباط/ فبراير 2017، وضعت روسيا والصين الفيتو، أمام قرار للأمم المتحدة الذي يرمي إلى فرض عقوبات على أحد عشر مسؤولًا سوريًا، قادة عسكريين بشكل أساسي، وعشر منظمات، جميعهم على صلة باستخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، ثلاث مرات خلال عامي 2014 و2015، استهدف القرار كلًا من القوات الحكومية (لاستخدامها غاز الكلور في ثلاث هجمات) وجهاديي الدولة الإسلامية (لاستخدامهم غاز الخردل).

في بداية نيسان/ أبريل 2017، طالبت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا بإجراء تحقيق دولي، وبتعاون دمشق مع ذلك التحقيق، حول هجوم 4 نيسان/ أبريل الكيماوي على خان شيخون، والذي نُسب إلى نظام بشار الاسد. كان على القرار أن يؤمن دعم المجتمع الدولي لمحققي منظمة منع انتشار الأسلحة الكيماوية (OIAC). كما طالب نصه بشكل خاص أن تقوم السلطات السورية، بإعطاء تفاصيل نشاطات جيشها العسكرية يوم الهجوم، وأسماء قادة الأسطول الجوي، ومنح حرية الوصول للقواعد الجوية.

في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2017، عارضت روسيا تجديد مهمة هيئة “آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية” مدة عام. كان عمل خبراء تلك الهيئة، المكلفة بجمع الأدلة، وبمعرفة مرتكبي الهجمات الكيماوية في سورية، أحد المكتسبات النادرة في مجال التعاون الدولي في الملف السوري. لقد أضحى مستقبل تلك المجموعة أكثر غموضًا بقليل، مع تصويت يوم 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.

العنوان الأصلي Syrie : comment la Russie s’oppose aux actions de l’ONU depuis six ans المترجم جريدة اللوموند Le Monde المصدر جريدة اللوموند Le Monde الرابط http://www.lemonde.fr/syrie/article/2017/11/17/syrie-comment-la-russie-s-oppose-aux-actions-de-l-onu-depuis-six-ans_5216435_1618247.html المترجم أنس عيسى


أنس عيسى


المصدر
جيرون