أثرياء الحرب في سورية.. اللاذقية أنموذجًا



ظهرت في اللاذقية طبقة فاحشة الثراء من أثرياء الحرب، يتباهون بمظاهر ثرائهم، بينما معظم الشعب السوري يزداد فقرًا وبؤسًا. حيث إنك ترى طوابير من النساء والرجال والأطفال، والمُجندين (حيث توضع لافتة فوق باب الفرن: للعساكر) في منظر يُدمي القلب. وهؤلاء الفقراء الذين يعتمدون في غذائهم على الخبز ينتظرون ساعات، للحصول على بضعة أرغفة من الخبز الذي يستلمونه ساخنًا من الفرن، ويقومون بفرشه على الأرصفة المتسخة، أو على السيارات. ثم يجمعونه ويقوم معظمهم ببيعه، ليربح بضع ليرات. هذا الواقع يوازيه واقع آخر هو الثراء الفاحش، كأن تشهد اللاذقية عيد ميلاد سيدة غنية، وهي زوجة لص وتاجر حرب، تُقيم عيدَ ميلادٍ لشخصها الكريم في فندق (روتانا)، وتكون تكلفة حفل العيد أربعة ملايين ليرة سورية. ثم تمطرنا بصورها على (فيسبوك)، وبعد أربعة أيام تقوم السيدة ذاتها بالاحتفال بعيد ميلاد ابنتها، وتكون التكلفة أكثر من أربعة ملايين ليرة سورية! من أين يحصل هؤلاء اللصوص على المال!

على الأغلب؛ هم يتاجرون بالأسلحة أو المخدرات التي أصبحت منتشرة –للأسف- بكثرة في الجامعة. إن ما يحصل في سورية مُرعب، ويُهدد بالانهيار التام للشعب السوري؛ فعلى مستوى التعليم -مثلًا- عادت سورية إلى مرحلة (الكُتّاب)، حيث يأتي الأساتذة الخصوصيون إلى البيت، ويعطون الدروس للطالب. والحد الأدنى لأجر الأستاذ هو 3000 ليرة على الساعة الواحدة. وأعرف العديد من الأهالي الذين اقترضوا مبالغ كبيرة من البنوك؛ كي يؤمنوا تكاليف الدروس الخصوصية! ولا أعرف كيف أن وزارة خُلبية، كوزارة التربية، تغض النظر عن ظاهرة كهذي، ولا تبالي بإغلاق صفوف كاملة من الشهادة الثانوية.

أما على مستوى قبح شوارع اللاذقية المتزايد والمُرعب، فإننا نجد في شارع الأميركان، مثلًا –وهو شارع رئيسي في منتصف المدينة، قرب مشفى الأسد الجامعي التي تحولت من مشفى تعليمي إلى مشفى عسكري- نجد عمارات شاهقة يزيد عدد طوابقها على 20 طابقًا، مبنية في شارع ضيق. أما محال الألبسة الجاهزة، فأسعارها مُرعبة، إذ يتجاوز سعر الحذاء راتبَ موظف، ويتجاوز سعر المعطف ثلاثة أضعاف راتب الموظف، وهي بالتأكيد محلات لتبييض الأموال. وللأسف، فإن قسمًا كبيرًا من الناس يخشون الأغنياء، ويقدمون لهم ولاء الطاعة والاحترام لمجرد أنهم أثرياء، دون أن يتساءلوا عن مصدر ثرائهم، بل إن أحد التجار، وهو تاجر مسيحي ثري، يتباهى بأنه الصديق الحميم لمن يملك مصنعًا لتصنيع البراميل المُتفجرة! وكل خميس، حين يزور ملك البراميل المُتفجرة التاجر إياه، يغص الشارع الضيق بسيارات الهامر والمرسيدس، وينتشر الحرس المسلحون في الشارع من أوله إلى آخره.

المواطن المسحوق يشعر بالفزع واليأس، ويعرف أنه عاجز عن مقاومة هؤلاء الوحوش، بل إن البعض يدفعهم الفقر والجوع والذل إلى التوسط للعمل مع التاجر الأخطبوط الذي يملك مصنعًا لصناعة البراميل المتفجرة التي لم يبقَ حي في حلب ودير الزور والرقة وإدلب، إلا قصفته ودمرته.

من يتأملْ محلات بيع سندويشات البطاطا مع الثوم، ويرَ الازدحام الكبير أمامها؛ يُدرك أي فقر يُعاني منه هذا الشعب. أي عار أن تكون الوجبة الرئيسية لطفلٍ، سندويشة خبز وبطاطا وقليل من الثوم!

ما بين طبقة من الأثرياء فاحشي الثراء، وطبقة من الفقراء مدقعي الفقر، يعيش الشعب السوري؛ وهذا ينذر بثورة الجياع.


هيفاء بيطار


المصدر
جيرون