نازحون في العراء.. “مخيمات الموت” تواجه شتاء كارثيًا



مع دخول فصل الشتاء؛ دقّ ناشطون مدنيون ناقوسَ الخطر، معلنين قدوم شتاء استثنائي بقسوته، سيحلّ على النازحين في مخيمات ريف الحسكة، وبخاصة في مخيم (السدّ)، بسبب البرد القارس الذي تشهده الحسكة عادةً في فصل الشتاء، وعدم تدخل أي جهة محلية أو دولية لتقديم إمدادات التدفئة.

يعاني آلاف النازحين، في مخيمات جنوب الحسكة، أوضاعًا مأسوية، في ظل ضعف الخدمات المُقدّمة لهم، وتضاعف أعدادهم يوميًا، في إثر موجات النزوح الكبيرة من أبناء دير الزور، بسبب المعارك المشتعلة، بين تنظيم (داعش) وميليشيات (قسد) من جهة، وقوات النظام وميليشياته وتنظيم (داعش) من جهةٍ أخرى.

يحتوي مخيم (قانا) المعروف باسم مخيم (السدّ) نحو 29 ألف نازح، معظمهم من دير الزور وريفها، وقد أُقيم الصيف الماضي على أرض أملاك عامة تبلغ مساحتها 8 هكتارات، تبعد عن الحسكة مسافة 35 كم باتجاه الجنوب.

في هذا الموضوع، قال الطبيب إبراهيم. س، مدير مكتب منظمة إغاثية في الجزيرة، لـ (جيرون): “يحتوي المخيم حاليًا على 1750 خيمة، وهي لا تتناسب مع الأعداد الكبيرة للقاطنين والوافدين الجدد، حيث يُضطّر الكثير منهم إلى افتراش الأرض والنوم في العراء، فيما يتم استقبال النازحين الهاربين من المعارك، في نقطة تجمع في منطقة تُسمى (أبو خشب)، ثم يُنقلون إلى مخيم (قانا)، قرب سد الحسكة الجنوبي الذي يبعد عن نقطة التجميع 10 كم”.

تبدأ معاناة النازحين، “منذ لحظة وصولهم إلى (أبو خشب)، حيث يخضعون هناك لعمليات تدقيق أمني وتأكُّد من وثائقهم، ويستمر مكوثهم في النقطة بين يومين إلى سبعة أيام، مع انعدامٍ تام لأيّ خدمات في هذه النقطة التي تفتقر في الأصل إلى أبسط مقومات الحياة، حيث الماء شحيح، وتوزيع الخبز غير منتظم، والمؤسسات والمنظمات الدولية لا تطأ هذه المنطقة البتة”، وفقَ إبراهيم.

أضاف: “بعد الانتقال من نقطة التجميع إلى مخيم (قانا)؛ يعيش الأهالي معاناة من نوعٍ جديد، حيث البنية التحتية معدومة، ولا يوجد طرق معبدة، إذ إن المخيم مشيّد على حرم سدّ الحسكة الجنوبي، وتبرز مشكلة الصرف الصحي، حيث يوجد في المخيم 24 مجموعة حمامات، 70 بالمئة منها خارج الخدمة، لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود مياه”.

في السياق ذاته، أكد إبراهيم أن المخيم “يعاني نقصًا في مياه الشرب، حيث يتم تزويده بـ 600 متر مكعب يوميًا، عبر الصهاريج، وهي لا تكفي، كما أن توزيع الخبز والحصص الإغاثية من قِبل بعض المنظمات يكون بطريقة عشوائية؛ ما دفع السكان إلى اللجوء إلى شراءِ ما ينقصهم من الباعة المتجولين، بأسعارٍ مرتفعة جدًا”.

لا يتمكن سكان مخيم (قانا) من الخروج منه إلا في حالتين؛ إما الانتقال إلى مخيم آخر، أو التوجّه إلى مطار القامشلي للسفر إلى دمشق، وشدّد ناشطون على أن “الخدمات الصحية داخل المخيم تكاد تكون معدومة، بسبب افتقار النقطة الطبية فيه إلى الأجهزة اللازمة والأدوية الضرورية، ويتم نقل الحالات الطبية الحرجة إلى مدينة الحسكة، لتلقي العلاج شرطَ وجود مرافقة من إدارة المخيم”.

حذّر إبراهيم من “تحوّل المخيم إلى بحيرة كبيرة من المياه، بالتزامن مع دخول الشتاء، وعدم جاهزية أرض المخيم للسكن، وانعدام مصارف المياه، فضلًا عن افتقار المخيم إلى الطرق السالكة؛ ما سيؤدي إلى صعوبة كبيرة في إيصال المياه والمساعدات للنازحين”.

دعا إبراهيم كافة المنظمات المحلية والدولية إلى التحرّك العاجل؛ لتقديم المساعدات الشتوية من بطانيات ومدافئ، وإلى التعاون لتجهيز مخيمات صالحة للعيش من أجل نقل الناس إليها، لافتًا إلى “ضرورة أن تكون المخيمات الجديدة قريبة من مدن القامشلي والحسكة، وأن تشتمل على خدمات متكاملة”.

يشار إلى أن عشرات الآلاف من النازحين وصلوا مؤخرًا إلى ريف الحسكة، وتمّ تجميعهم في عدد من المخيمات، منها مخيم (رجم الصليبي، السدّ، الهول، المبروكة)، وقد حوّلت ميليشيات (قسد) هذه المخيمات إلى سجون كبيرة، حيث تمنع النازحين من دخول مدن وبلدات الحسكة.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون