روسيا وإيران وتركيا وأمريكا والأسد والمعارضة.. ماذا يريد كل منهم في حديثهم عن مستقبل سوريا؟



السورية نت - مراد الشامي

مراد القوتلي - السورية نت

مع تراجع تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من سوريا والعراق، واقترابه من الهزيمة الكاملة في كلا البلدين، عاد الحديث مجدداً عن ضرورة التفكير في حل سياسي للملف السوري، ينهي 7 سنوات من القتل والتشريد المتواصل.

من جنيف إلى أستانا وسوتشي وصولاً للرياض، تتحرك الأطراف الفاعلة والمؤثرة في الملف السوري، وتحكمها في ذلك مصالح تسعى الأطراف إلى تحقيقها في إطار سعيها للتوصل إلى حل.

وتمثل روسيا، وإيران، والولايات المتحدة، وتركيا، ونظام الأسد، والمعارضة السورية الأطراف الفاعلة في سوريا، وتتشابه أهداف حليفتي النظام (موسكو وإيران) في بعض النواحي، لكنها تتباين من حيث من الأهمية في نواحٍ أخرى.

فماذا تريد هذه الأطراف في سوريا، وماذا تريد في ظل المساعي إلى التوصل لتسوية سياسية؟

روسيا

لدى موسكو أهداف رئيسية في سوريا، أولها حماية الأسد لأطول وقت ممكن مستغلة حاجته إليها، ومحققة من خلاله مصالحها "تحت غطاء قانوني" كما تدعي روسيا، زاعمةً أن تدخلها ونشاطها جاء بطلب من "الحكومة الشرعية"، حسب تعبيرها.

الهدف الرئيسي الثاني لروسيا هو المحافظة على قواعدها العسكرية على الساحل السوري، والتي توفر لها منفذا هاماً للغاية على البحر المتوسط، وتمنحها موطئ قدم عسكري في الشرق الأوسط.

وهذا الوجود العسكري تعمل روسيا على استغلاله سياسياً، فمن جهة تهدف موسكو من تعزيز وجودها في سوريا إلى جعلها طرفاً رئيسياً في أي حل يجري التوصل إليه، والنظر إليها من قبل الدول الإقليمية على أنها لاعب رئيسي في المنطقة لا يمكن تجاهلها، بعد عزلها من قبل أوروبا وأمريكا عقب ضمها لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا عام 2014.

وبالإضافة إلى ذلك، تضع روسيا نصب أعينها لعب دور رئيسي في إعادة الإعمار بسوريا، وترويج أسلحتها التي تستخدمها في الأراضي السورية، وكان

رئيس الوزراء الروسي "دميتري ميدفيديف" قال في فبراير/ شباط 2017، أن عائدات بلاده من تصدير الأسلحة بلغت 15 مليار دولار في 2016 بعد عام واحد فقط من تدخلها في سوريا.

إيران

ينصب جزء من مصالح واهتمام طهران في سوريا على الإبقاء على شخص الأسد وأركان نظامه المؤثرين، ولديها أهداف أخرى تتمثل في تعزيز النفوذ بالعمق السوري، وتحقيق خطتها الرامية إلى إقامة ممر بري ينطلق من الأراضي الإيرانية مروراً بالعراق وسوريا، وصولاً إلى لبنان حيث ميليشيا "حزب الله".

وأحد أهداف هذا الممر تسهيل نقل الدعم إلى ميليشيا "حزب الله" وتقويته محلياً ولضمان استمرار مهمته في سوريا، باعتباره الذراع الأقوى لطهران في المنطقة.

وتريد إيران حالياً تثبيت مكاسب تدخلها في سوريا، لا سيما بعدما دفعت فاتورة بشرية ومادية كبيرة لنشر نفوذها هناك، ولذلك تهدف إيران إلى قطع الطريق على أي اتفاق ينص على إخراج قواتها من سوريا، بإقامتها لقواعد عسكرية على غرار القاعدة التي اكتُشفت مؤخراً في الكسوة، وهو ما أبدت إسرائيل اعتراضها الشديد عليه.

كما تتشابه إيران مع روسيا في هدفها بأن يكون لها دور رئيسي في عملية إعادة الإعمار، والسيطرة على مفاصل حيوية في الاقتصاد السوري، وامتلاكها عبر ذلك أوراق ضغط على الأسد، الذي يحاول موازنة علاقاته ومصالحه بين حليفتيه موسكو وطهران.

تركيا

يتركز تأكيد أنقرة عند حديثها عن سوريا على عدم تقسيم الأخيرة، والإبقاء عليها موحدة التراب، ويمثل أحد الأهداف الرئيسية لأنقرة إضعاف الميليشيات الكردية في سوريا، ومنعها من إقامة دويلة لها على الحدود الجنوبية لتركيا التي تعتبر تلك الميليشيات تهديداً لأمنها القومي وخطراً يهدد حدودها.

ولذلك فإن أكثر ما ركز عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر سوتشي الذي عُقد أمس الأربعاء 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 هو مسألة الميليشيات الكردية، حيث قال: إن "حل السلبيات في منطقة عفرين السورية (التي تسيطر عليها القوات الكردية) سيكون خطوة حاسمة في حل الأزمة السورية".

وفي هذا السياق، تعمل تركيا على عدم شرعنة الميليشيات الكردية، عبر إبعادها عن المؤتمرات التي تتناول البحث عن حل في سوريا، وهو ما فعلته أنقرة بمجرد أول إعلان روسي عن مؤتمر سوتشي، والذي تأجل بسبب اعتراض أنقرة على دعوة الأكراد.

وفي تصريح له على قناة DW الألمانية، أمس الأربعاء، قال الكاتب التركي محمد زاهد غول، إن "تركيا ربما تغيرت أولوياتها في الوقت الراهن، هذا ممكن أن يقال، بمعنى أن تركيا التي كانت تريد بشكل واضح وصريح من خلال دعم المعارضة بشقيها السياسي والمسلح، أن تكون أولويتها في سوريا إسقاط النظام، أمام أولويتها الآن هو عدم تقسيم سوريا، وبقاء سوريا موحدة، وألا يكون على الحدود السورية التركية جسم يعادي تركيا، سواءً من خلال المنظمات الإرهابية الانفصالية، أو داعش وغيرها التي استهدفت الأراضي التركية".

الولايات المتحدة

ترى أمريكا في سوريا ميداناً لتحقيق الهدف الرئيسي الذي من أجله تزعمت واشنطن التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة"، ولذلك تسعى إلى هزيمته بدعمها للميليشيات الكردية كي تخرج "منتصرة" أمام المجتمع الدولي، والرأي العام الأمريكي الذي لا يزال يخشى من أي تدخل عسكري أمريكي بعد تجربة العراق المريرة.

ولدى الولايات المتحدة اهتمام في عدم إخراجها من أي حل سياسي يجري التوصل إليه حول سوريا، في وقت تشهد فيه العلاقات التركية الروسية والإيرانية تقارباً ملحوظاً، وسعياً لإضعاف الموقف الأمريكي في المفاوضات السياسية.

كذلك تريد أمريكا الإبقاء على قواعد عسكرية في مناطق الأكراد شمال وشمال شرق سوريا، خصوصاً في الرقة، حيث ترى واشنطن في إقامة قاعدة عسكرية هناك أمراً هاماً، لكونها تأتي في موقع متوسط بين دول الخليج، وإيران، فضلاً عن مجاورتها للعراق الذي يعد بلداً هاماً لأمريكا.

الأسد

يعتقد رئيس النظام أن بإمكانه إعادة سوريا إلى ما قبل 15 مارس/ آذار 2011، ويعلن في تصريحاته المتكررة هدفاً رئيساً يتمثل "في إعادة جميع المناطق التي خسرها"، ويتمثل الهدف الرئيسي للنظام في الإبقاء على شخص الأسد وأركان نظامه في السلطة.

ويريد النظام استثمار دعم إيران وروسيا له في محاربة "تنظيم الدولة"، محاولاً إعادة تأهيل نفسه أمام المجتمع الدولي بحجة "مكافحة الإرهاب"، ويسعى إلى إقناع العالم بهذه المهمة، ونسيان للفظائع التي ارتبكها طيلة السنوات السبع الماضية، والتي تسبب خلالها بمقتل ما لا يقل عن 400 ألف شخص، ولجوء ما لا يقل عن 5.5 مليون سوري، بالإضافة إلى نزوح 7 ملايين داخل الأراضي السورية.

كما يحرص النظام على الإبقاء على الوجودين الإيراني والروسي لضمان حمايته من المعارضة السورية، ولتقديم دفعة سياسية له خلال المفاوضات تزيد من فرص بقائه بالسلطة.

المعارضة السورية

تؤكد المعارضة حرصها على بقاء سوريا موحدة، وخروج الإيرانيين والروس والمقاتلين الأجانب من الأراضي السورية، والبدء في مرحلة انتقالية تفضي إلى نظام سياسي جديد لا مكان للأسد فيه.

وتهدف المعارضة إلى تداول سلسل للسلطة، وإنهاء الدولة الأمنية، كما تنادي بضرورة محاكمة الأسد وأركان نظامه والمتورطين في عمليات القتل، لكن المعارضة تعاني انقسامات في صفوفها، وتلك الانقسامات هي التي بنت عليها دول غربية حجتها في تخفيض دعمهاً للمعارضة، والمناداة بضرورة حكم مشترك بينها وبين أشخاص من النظام.

الأكراد

يتمثل هدفهم الرئيسي في وصل الكانتونات التي يسيطرون عليها بجوار الحدود التركية، وإقامة حكم ذاتي خاص بهم، والاستمرار في تقديم أنفسهم أمام العالم على أنهم "جهة فاعلة" في محاربة الإرهاب، وحجز مقعد لهم في أي حل سياسي في سوريا.

وفيما تتباين أهداف هذه الأطراف من سوريا، وتُعقد المؤتمرات والنقاشات السرية والعلنية، يبقى المدنيون السوريون أكثر من يدفع الثمن.

اقرأ أيضا: ما حقيقة منع نظام الأسد لـ"اللطميات" في المناطق التي يسيطر عليها؟




المصدر