معارضون: استدعاء الأسد إلى سوتشي استثمار سياسي لبوتين



قال معارضون سوريون: إن “زيارة” بشار الأسد “المفاجئة”، إلى مدينة سوتشي، للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هي “استدعاء مهين”، وخطوة إضافية للاستثمار الروسي في الأسد، ولابتزاز القوى الإقليمية والدولية، من مبدأ أن روسيا هي من يمسك بزمام الأمور في سورية، لا سيّما أن زيارته كانت قبل يومين من قمة سوتشي الثلاثية التي جمعَت بوتين بالرئيسين: التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني.

يعتقد المعارض السوري غسان المفلح، في حديث لـ (جيرون)، أن “بوتين طلب من الأسد العملَ على إبعاد الوجود الإيراني عن الواجهة، فضلًا عن البتّ في ملف المعتقلين، وإنهاء هذا الملف، استكمالًا لمهمة المبعوث الروسي الخاص في مؤتمر أستانا”.

رأى المفلح أن “بوتين يستثمر في الأسد الآن، وفي الوقت نفسه، يقوم بعملية ابتزاز الغرب، وإيصال رسالة واضحة، مفادها أنه هو من يتحكم بمصير بشار الأسد”، موضحًا أنه “فضلًا عن الاستثمار الداخلي -في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الروسية المقبلة- بوتين يريد أن يوصل رسالة إلى خصومه الداخليين الذين ينتقدونه، ويقولون إن تدخله في سورية كان من دون نتائج”.

من جهة ثانية، يرى المعارض رضوان زيادة، خلال حديث لـ (جيرون)، أن “من الصعب أن يطلق على هذا الاستدعاء مسمى (زيارة رسمية)”، وشدد على أن “من الواضح أن الأمر أشبه بالاستدعاء، فالأسد حضر وحيدًا من دون مساعديه، أو حتى السفير السوري في موسكو، وبحضور وزير الدفاع بدلًا من وزير الخارجية. إنه استدعاء مماثل لما حدث قبل عامين”. وأضاف: “النظام السوري لا يستطيع إلا أن يكون مدينًا بشكل شخصي لفلاديمير بوتين، ولروسيا، لتوفيرها الحماية له على المستوى الدولي في مجلس الأمن، فضلًا عن التدخل العسكري الروسي”.

أشار زيادة إلى أن “روسيا تشتكي أحيانًا من الأسد، من أنه لا يصغي لها دومًا، لكنه بدا صغيرًا ومجبرًا على القبول بأي صيغة، لأنه يعرف الخطر المحدق به، بمجرد أن تغير روسيا موقفها بخصوص ملف الكيماوي، أو المجازر التي ارتكبها، فنظام الأسد يتم حصاره دوليًا، في هذا الإطار”. واعتقدَ أن “روسيا بحاجة إلى أن يقدم لها الأسد شيئًا جديدًا، خصوصًا -بحسب ما أعتقد- أن الروس يفكرون بتسوية سياسية، يمتلكون فيها الكلمة الفصل بالشأن السوري”.

في المقابل، لا يعتقد عبد الوهاب عاصي، الباحث في مركز (جسور) للدراسات، أن “الزيارة كانت لإبلاغ الأسد بضرورة تخليه عن الحكم، توافقًا مع متطلبات الحل السياسي”، وأضاف في حديث لـ (جيرون): “على العكس تمامًا، هي رسالة واضحة بأن موسكو متمسكة ببقاء الأسد، وبأن على المجتمعين في الرياض أن يتأقلموا مع هذا الواقع، إلى جانب منح مسار أستانا الشرعية المطلوبة؛ لأنه يؤكد على دور رئيس النظام في المرحلة الانتقالية”.

تابع عاصي: “الأميركيون لا يعارضون ذلك، ولا يوجد توجه لدى الإدارة الأميركية لمعاداة الروس، أو انتهاج سياسة متصلبة تجاه موسكو، بل تعمل واشنطن وفق سياسة الاحتواء، بمعنى: لا مشكلة في أستانا وفي رؤية موسكو، طالما أنها لا تتجاوز المصالح الأميركية والأوروبية”.

يرى عاصي أن “على المعارضة ترتيب أولوياتها وفق معطيات واقعٍ، بدأ يتبدل ويذهب باتجاه تسويات سياسية، على الأرجح تقبل بوجود الأسد في المرحلة الانتقالية، تمهيدًا لانتخابات جديدة في البلاد، وهذه المواقف لا تتعلق فقط بالأميركيين والأوروبيين أو الروس، بل حتى الدول العربية، وعلى رأسها السعودية وقطر”.

وكان بوتين قد جمع بشار الأسد في سوتشي بقادة وزارة الدفاع والأركان العامة، وقال للأسد: “أريد أن أعرفكم بالأشخاص الذين لعبوا دورًا حاسمًا في إنقاذ سورية”، وأضاف بوتين متحدثًا لوزير الدفاع سيرغي شويغو وكبار الجنرالات الذين حضروا اللقاء: “بطبيعة الحال، السيد الأسد يعرف العديد منكم شخصيًا. لقد قال لي اليوم، خلال محادثاتنا: (بفضل الجيش الروسي، أنقذت سوريا كدولة)”، بحسب ما أورده موقع (روسيا اليوم).

عقب انتهاء محادثات بوتين مع الأسد، أجرى الرئيس الروسي اتصالات هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أطلعه فيها على لقائه مع نتائج مباحثاته مع الأسد، ثم أجرى اتصالات مماثلة مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.


جيرون


المصدر
جيرون