المشروعات الصغيرة تتراجع في “المحرر”.. سند الأهالي في الحصار



تعاني المشروعات الصغيرة (زراعية/ تربية حيوان) التي تبنتها بعض المنظمات الإنسانية والدولية، في مرحلة سابقة، من عثرات كثيرة، خاصة في المناطق السورية المحاصرة، حيث شكّلت هذه المشروعات في العامين 2014 و2015 موردًا أساسيًا للأهالي، في تلك المناطق وساعدتهم في الصمود والإنتاج.

يُرجع بعض المختصين هذا التراجع إلى عدم دراسة هذه المشروعات جيدًا، قبل تنفيذها وتوجيهيها للشرائح القادرة على إدراتها، فضلًا عن العبث الذي يقوم به النظام السوري، عبر أزلامه وسماسرته، ليمتصوا من هذه المشروعات الكثير من الموارد.

قال الباحث الدكتور مروان الخطيب لـ (جيرون): “المشكلة تتعلق بنقطتين: الأولى أن تلك المشاريع لم تستطع أن تحل مشكلة الاعتماد على عصابات النظام، وخاصة أن تأمين عناصر المشروع تتم في جميع الأحوال من خلالهم، وبالتالي تصل مبالغ مهمة من المشروع إلى جيوب هذه العصابات، وهذا يتناقض مع الغاية الأساسية وهي دعم المحاصرين فقط. والنقطة الثانية هي انعدام إمكانية التقييم المستقل لهذه المشاريع، لضمان الشفافية، وبخاصة مع انكشاف العديد من المشاريع الوهمية”.

في الموضوع ذاته، أوضح الصيدلاني دهام دهام، وهو مدير سابق في إحدى المؤسسات السورية المعنية بهذه المشروعات، لـ (جيرون)، أن “معظم هذه المشروعات كان غطاءً لصرف الدعم المُقدّم، ولم تذهب للمحتاجين إليها، فضلًا عن أنها لم تكن مدروسة كفاية، وهي أشبه بمشروعات الحصص الغذائية”، مضيفًا: “من ناحية أخرى، إن هذه المشاريع لم تقيّم مخرجاتها، ولم يُعرَف من استفاد منها، ولِمنْ ذهبت. وفي نظري هذه مشاريع غير مجدية -وإنْ نُفذت بالشكل المطلوب- لأن طبيعة الأزمة وبيئة السوريين معقدة”.

من جانب آخر، قالت المهندسة الزراعية نور الحمد، وهي مسؤولة قسم المشاريع الزراعية في منظمة أوروبية تعمل في الداخل السوري، لـ (جيرون): “هناك انخفاض كبير في عدد المشروعات المُنفّذة في المناطق المحاصرة، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة، أهمها أن نسبة عمولة تحويل الأموال من تركيا إلى المناطق المحاصرة، ولا سيّما الغوطة الشرقية، عالية جدًا، وتصل إلى أكثر من 10 بالمئة؛ ما يدفع الكثير من المنظمات العاملة والمانحة إلى التفكير مليًا في جدوى هذه المشاريع، مع نسبة التحويل هذه! أضف إلى ذلك الخطر المتزايد من تقدم النظام تجاه المناطق المحاصرة، والسعي للسيطرة عليها؛ وهذا يضع تنفيذ المشاريع فيها على المحك، وفي خطر من أن يضع النظام يده عليها لاحقًا”.

أضافت: “نظرًا إلى الخطورة المتزايدة من سقوط المناطق المحاصرة بيد النظام؛ تم توجيه منظمات الدعم الإنساني الإغاثي إلى البدء بتوفير الملاجئ المناسبة والسلال الغذائية للنازحين المتوقع قدومهم من الغوطة إلى إدلب، ومن ثم العمل على توفير فرص عمل مناسبة لهم”.

فيما اعتبر محمد خير رجب، وهو مدير مؤسسة سورية إغاثية في الداخل السوري، أن عدم دراسة هذه المشروعات، قبل تنفيذها، سبب رئيس في فشلها، وتابع لـ (جيرون): “من أسباب تلاشي المشروعات الصغيرة التي عملت عليها بعض المنظمات الإنسانية، في مرحلة سابقة من (مشروعات زراعية/ تربية حيوان)، في المناطق المحاصرة، أن المواد التي تم توزيعها، من سماد كيماوي ومبيدات حشرية منتهية الصلاحية، وبذار غير مناسب للتربة، لم تكن صالحة في معظمها، فضلًا عن ارتفاع الكلفة من محروقات ومياه، وندرة توفرها، وعدم توزيع الثروة الحيوانية للأشخاص أصحاب المصلحة، حيث يتم التوزيع بشكل عشوائي، وعدم وجود إشراف هندسي ومتابعة من أجل إعطاء التوجيهات اللازمة، وكذلك تناقص المساحات القابلة للزراعة في المناطق المحاصرة، نتيجة العمليات العسكرية للنظام السوري”.

في الموضوع عينه، ركز هاني الحمصي، وهو مهندس زراعي، ومدير سابق لقطاع المشاريع الحيوانية والزراعية في (مؤسسة السنكري)، على ضرورة إحياء المشروعات الصغيرة، ولا سيما الحيوانية منها، وقال لـ (جيرون): “أثبتت مشروعات تربية الحيوانات نجاحها، في العديد من المناطق المحاصرة، وهي تؤمن لقمة العيش للأسر التي تعمل بها”. مؤكدًا أن إعادة إنعاشها، بطرق جديدة، تساعد الأهالي على البقاء، وأضاف في هذا الخصوص: “قبل إقرار أي مشروع، لا بدّ من إجراء دراسة شاملة ومسح استقصائي، لأفضل المشاريع وأكثرها قابلية للنجاح، ولا بد أيضًا، قبل اعتماد أي مشروع، من التأكّد من توفر عوامل نجاحه، كوجود المختصين والإداريين”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون