سوتشي والرياض توافقات تؤجل البحث في مصير الأسد



تزامنت اجتماعات المعارضة السورية في الرياض، مع “قمة سوتشي” التي جمعت قادة الدول الضامنة الثلاث (روسيا، تركيا، إيران)، الأمر الذي رأى فيه مراقبون ضغطًا روسيًا كبيرًا، لعقد صفقات مع أنقرة وطهران؛ للقبول بالمؤتمر المزمع عقده مطلع الشهر القادم.

يقول الباحث في مركز (جسور) للدراسات عبد الوهاب عاصي: “ليس مصادفة أن تتزامن لقاءات سوتشي، مع مؤتمر المعارضة في الرياض”، ورأى في حديث لـ (جيرون) أن هذا التزامن هو “محاولة من الروس، للتأكيد أنهم أصحاب الثقل الأكبر في القضية السورية. وإلى حد بعيد، استطاعت موسكو أن تحقق ما تريد، عبر تفاهمات ثلاثية مع الرياض وطهران وأنقرة”.

من جهة ثانية، يرى بسام قوتلي، من (مجموعة العمل من أجل سورية)، أن “روسيا تحاول الوصول إلى توافقات مع جميع الأطراف؛ بهدف دعم رؤيتها للحل السياسي في سورية، وفي هذا السياق، إن لقاء سوتشي كان الهدف منه عقد صفقة، تراعي هموم أنقرة وطهران، وأعتقد أن الطرفين حصلا على ما يريدان”.

أضاف قوتلي لـ (جيرون) أن “إيران حصلت على ما تطمح إليه من ضمانات، لتشريع وجودها في سورية على المدى الطويل، بالمقابل حصلت تركيا على تطمينات، بخصوص وقف المشروع الكردي في الشمال، أو على الأقل تحجيمه وضبطه، بينما روسيا حازت على موافقة القوتين الإقليميتين الكبيرتين لمشروعها السياسي في سورية؛ وهو ما يمنحها أوراقًا إضافية تعزز مواقفها في ملفات أخرى، مثل جورجيا وأوكرانيا”.

الضغوط الروسية -وفق محللين- كانت واضحة بين سطور البيان الختامي لمؤتمر الرياض، لا سيما أن البيان تبنى لغة عامة، لم تدخل إلى جوهر القضايا الخلافية، وعلى رأسها مصير رئيس النظام السوري الذي بقي من دون تحديد فترة زمنية محددة، واكتفى البيان بالتأكيد بأن لا مستقبل لبشار الأسد.

يعتقد عاصي أن “البيان ترجمة أو محاكاة لموقف الخارجية السعودية الداعي إلى الواقعية السياسية، وانعكاسٌ للتفاهمات بين موسكو والرياض، في هذا الشأن، وقد سبق هذا الموقف تصريحٌ لرئيس الائتلاف الوطني رياض سيف قال فيه (الموقف من بشار الأسد محسوم)، لكنه لم يحدد أي فترة زمنية، ما يعني أننا قد ندخل في مرحلة من الاجتهادات السياسية، تصل إلى حد التماهي مع تفسير روسيا للقرار 2254، في حين تبقى بيانات المعارضة تؤكد على التمسك بالثوابت”.

رأى عاصي أن أبرز ملامح الفترة القادمة ستتجسد عبر “ضغط روسي أكبر، مزهوة بالتوافق مع السعوديين والأتراك والإيرانيين، لتثبيت مناطق خفض التصعيد، تزامنًا مع التأكيد على دورٍ ما للأمم المتحدة، ولكن وفق رؤية موسكو”.

لم يختلف القوتلي كثيرًا مع عاصي حول هذه النقطة، ورأى أن المرحلة القادمة “ستشهد تنازلات سياسية مهمة من المعارضة؛ للانخراط في الخطة الروسية، في ظل غياب أي دور فعال للأميركيين والأوروبيين”، مشيرًا إلى أن “موسكو تجد أن الفرصة مواتية، لفرض تسوية سياسية في سورية، ولذلك فهي مستعجلة، خوفًا من حدوث تغيير في المعادلات الدولية”، ولفت إلى أن “مصير الأسد غير محسوم، وبقاؤه مرهون بمدى قناعة حلفائه أولًا بوجود بديل قادر على أن يراعي مصالحهم”.

أما باسل الجنيدي، مدير مركز الشرق للدراسات، فقال: إن المرحلة القادمة قد تشهد اختراقًا لتحريك التسوية السياسية، بفعل الضغوط الروسية، وأضاف في حديثه لـ (جيرون): “لا أعتقد أن هناك حلًا قريبًا في سورية؛ إذ إن التوافقات الدولية والتوازنات الإقليمية غير ناضجة بعد، لإنتاج مثل هذا الحل، وتبدو الأطراف السورية الأضعفَ ضمن هذه المعادلات والتوازنات”. (م.ش).


جيرون


المصدر
جيرون