نيوز داي: سورية حطام، لكن إمساك الأسد بالسلطة يبدو محكمًا



تظهر هذه الصورة الملتقطة في كانون الثاني/ يناير 2017، مشهدًا عامًا للدمار في مدينة حلب القديمة، في سورية. سمعة الأسد في الغرب قد تدمرت، وتغرق البلاد في الحطام وتسيطر ميليشيات محلية وأجنبية متناحرة على نحو نصف البلاد. لكن رغم كل ذلك، يبدو أن الأسد قد نجا من الحرب، وتمكن بشكل غريب من البقاء في كرسي الحكم، على الأقل في المدى المنظور. (الصورة لـ حسان عمار؛ أسوشييتد برس).

وكالة الأسوشييتد بريس – بيروت

أصبحت دولته حطامًا، ومعظمها تحت سيطرة فصائل مسلحة متناحرة، محلية كانت أم أجنبية. نزح نصف السكان، ولقي مئات الآلاف حتفهم، وتعتبره معظم البلدان الغربية طاغية ومنتهكًا لحقوق الإنسان، لكن يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد نجا من الحرب، ومن المرجح أن يتشبث بالسلطة في المستقبل المنظور.

تتحضر أطراف الحرب الأهلية السورية للجولة الثامنة، من محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، والتي تهدف إلى وضع آلية انتقال للسلطة، لإنهاء النزاع المستمر منذ 7 أعوام. وفي حال عدم حدوث أي مفاجآت؛ فمن غير المرجح أن يؤدي أي قرار تفاوضي إلى الإطاحة بالأسد عن السلطة.

أحد أسباب ذلك عسكرية؛ إذ كان لقوات الأسد الزخم على الأرض في السنة الفائتة، مدعومة بحملة جوية روسية عاصفة، ومقاتلين من إيران و(حزب الله). وأصبحت حكومة الأسد الآن تسيطر على أكثر من 50 بالمئة من الأراضي السورية.

لا تكون السيطرة على نصف البلاد عادة أمرًا يدعو إلى التفاؤل، لكن النسبة ازدادت من 19 بالمئة في وقت سابق من هذا العام. وتسيطر قواته على أربع مدن كبرى، وعلى 10 مدن مركزية في المحافظات من أصل 14 محافظة، وعلى الساحل المطل على البحر المتوسط، وليس هناك قوة على الأرض تسعى إلى إجبار الأسد على الرحيل، في هذه المرحلة.

على الجبهة الدبلوماسية، توقفت الأطراف الأساسية الداعمة للمعارضة: الولايات المتحدة وحلفاؤها، منذ وقت طويل، عن المطالبة بأي اتفاق يتضمن إزاحة الأسد الفورية عن السلطة، وأصبحت تسعى إلى انتخابات قد تأتي برئيس جديد.

لكن روسيا، حليفة الأسد، تسيطر على عملية التفاوض حاليًا، وهذا يعني ضغوطًا أقل عليه للقبول بانتخابات حقيقية، أو أي انتخابات قبل انتهاء ولايته عام 2021. وسيكون أي حل سياسي، وفقًا لشروطه، هو دمج أعضاء من المعارضة في حكومة وحدة وطنية، تحت قيادته.

تعاني معارضة الأسد من حالة من الفوضى؛ إذ استقال كبير مفاوضي المعارضة: رياض حجاب، من منصبه، يوم الإثنين، مدعيًا أن القوى الأجنبية تتقاسم سورية، وتتوسط في صفقات جانبية من أجل “إطالة عمر نظام بشار الأسد”. وستجتمع المعارضة، هذا الأسبوع، في المملكة العربية السعودية؛ لاعتماد وفد موحد وموقف تفاوضي واحد. وقد سبق للمملكة العربية السعودية أن أشارت إلى المعارضة أن عليها تقبل فكرة بقاء الأسد في السلطة.

يبدو الأسد واثقًا بشكل متزايد، وقد سافر يوم الإثنين إلى مدينة سوشي الروسية؛ لإجراء محادثات مع الرئيس فلاديمير بوتين. وكانت هذه هي الزيارة الثانية فقط خارج البلاد، منذ اندلاع الصراع في شهر آذار/ مارس من عام 2011، وكانت الأولى إلى روسيا أيضًا.

كان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، قد كرر في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر، مطالبة واشنطن الأسد بالتخلي عن السلطة، مؤكدًا أن “حكم عائلة الأسد يقترب من نهايته”. لكن تحويل هذه الدعوة إلى حقيقة على أرض الواقع يتطلب نفوذًا لا يبدو أن واشنطن مستعدة لاستخدامه.

في هذه الصورة الملتقطة في 5 أيلول/ سبتمبر 2017، مشجعو كرة قدم يحملون صورة لرئيسهم بشار الأسد، قبل مباراة الفريق السوري مع إيران، في الجولة الثالثة من المجموعة الأولى من تصفيات كأس العالم، في إستاد آزادي في طهران، إيران.

في بيان مشترك، صدر في وقت سابق من هذا الشهر، اتفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على عدم وجود حل عسكري للحرب السورية. وصرحا بتعليقات مبهمة عن “التزام الأسد الأخير بجدول أعمال جنيف وعن الإصلاحات الدستورية والانتخابات”، على النحو الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن الدولي.

هناك سيناريوهات قليلة يمكن أن تؤدي إلى سقوط الأسد. أحد هذه السيناريوهات هو أن تجبر روسيا الأسدَ على القبول بانتقال سياسي للسلطة، يضمن رحيله من الرئاسة. لكن من الصعب أن نتصور الحافز الذي قد تقدمه الولايات المتحدة لروسيا كي تتخلى عن حليفها. وهناك سيناريو آخر يتمثل في أن تقوم الولايات المتحدة، أو أي داعم آخر للمعارضة، بالعودة إلى مسارها الداعم، وشن حملة عسكرية شاملة تطيح بالأسد.

قال آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة (ذا سينشري فاونديشن)، ويتخذ من مدينة نيويورك مقرًا له: “يتطلب ذلك تصعيدًا كبيرًا، ويعيد الحرب إلى نقطة البداية، لإلغاء المكاسب التي تحصّل عليها الأسد وتأسيس معارضة قادرة على الحكم ومقبولة من المجتمع الدولي”. وأضاف: “بالنظر إلى الصراع في الوقت الراهن، وإلى تراجع حلفاء المعارضة عن تقديم الدعم؛ فلن يحدث ذلك”.

كان ترامب قد أنهى برنامج تدريب قوات الثوار الذي تدعمه وكالة الاستخبارات الأميركية، في محاولة للإطاحة بالأسد. وقد صبت الولايات المتحدة تركيزها على قتال “تنظيم الدولة الإسلامية” في سورية، ودعم القوات الكردية التي نجحت في إجبار المسلحين على الانسحاب، وسيطرت على ما يقارب من ربع البلاد.

وتركز تركيا -وهي أحد أكبر داعمي المعارضة- على إحباط الطموحات الكردية في سورية، أكثر مما تركز على الإطاحة بالأسد. فهي تدعم قوة من فصائل المعارضة تسيطر على جيب في شمال سورية، وتخوض في مناوشات مع الأكراد. وتقع المنطقة الرئيسة التي يسيطر عليها الثوار، وتركز على قتال الأسد في محافظة إدلب، شمال غرب سورية، بَيد أن الفصائل المتحالفة مع تنظيم القاعدة تسيطر عليها.

ساعدت روسيا، في الوقت نفسه، في التوسط في عقد سلسلة من اتفاقات لوقف إطلاق النار، بين قوات الأسد والثوار على معظم الجبهات، في مختلف أنحاء البلاد. وسمح ذلك للأسد وحلفائه، القوات من إيران ومقاتلي (حزب الله) اللبناني وأفراد الميليشيات الشيعية العراقية، بالتركيز على محاربة “تنظيم الدولة الإسلامية” في شرق البلاد.

في يوم الأحد، أعلنت وسائل الإعلام التابعة للدولة أن قوات الأسد استعادت سيطرتها على مدينة البوكمال، آخر معاقل “تنظيم الدولة الإسلامية” في سورية، تاركة للمسلحين مجموعة من القطاعات الصحراوية في البلاد، وجَيبًا محاصرًا خارج العاصمة دمشق.

قال لوند: “من المؤكد، ستندلع أعمال عنف وتفجيرات واضطرابات، لكنه (أي الأسد) يسيطر على مركز البلاد، ويسيطر على معظم السكان، وهو يمتلك الاقتصاد والمؤسسات ومقعدًا في الأمم المتحدة. إن لديه ما يحتاجه للاستمرار في الحكم”.

وعندما اندلع الصراع السوري باحتجاجات جماهيرية كبيرة، في آذار/ مارس من عام 2011، توقع كثيرون أن يتم إسقاط الأسد بسرعة، كما حدث مع قادة عرب آخرين، وتدفقت الأموال والأسلحة على المعارضة من داعميها الإقليميين والدوليين، وبعدئذٍ جاء تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما وقادة غربيين آخرين بانتهاء حقبة حكم الأسد. لكن تصميم الأسد لم يتزعزع قطّ طوال فترة النزاع، وساعده في ذلك تشتت المعارضة، وتدخل كل من روسيا وإيران.

قال نيكولاوس فان دام، مؤلف كتاب (تحطيم أمة: الحرب الأهلية في سورية): إن الدول الغربية خلقت توقعات كاذبة، من خلال دعوة الأسد إلى التنحي عن السلطة، في حين لم تقدم سوى دعم مصطنع عديم القيمة للمعارضة، إضافةً إلى أنها قللت من شأن تماسك قيادة الأسد.

اسم المقال الأصلي Syria in ruins but Assad’s hold on power looks firm الكاتب ZEINA KARAM زينة كرم مكان النشر وتاريخه News Day

21/ تشرين الثاني نوفمبر 2017 رابط المقال https://www.newsday.com/news/world/his-country-a-smoldering-ruin-but-assad-still-in-his-seat-1.15080320/ ترجمة مروان زكريا


مروان زكريا


المصدر
جيرون