زوجات المعتقلين.. انكسارات متتالية

26 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
4 minutes

بعد القصف الهمجي الذي تعرّض له حيّها ومنزلها؛ نزحت (أم الحسن)، وهي زوجة معتقل، من مدينة البوكمال بريف محافظة دير الزور، هي وأطفالها إلى ريف إدلب الشمالي، وتُعدّ (أم الحسن) واحدة من مئات النساء السوريات اللواتي اعتقل النظام أزواجهنّ؛ فاضطررن إلى مواجهة ظروفٍ مأسوية وحدهن مع عبء رعاية الأطفال.

اعتقلت قوات النظام زوج (أم الحسن)، في أثناء ذهابه لقبض راتبه الشهري من دمشق، منذُ 3 سنوات، وترك خلفه طفلين دون التسعة أعوام، وإلى الآن، لم يُعرف عن مصيره أي شيء، إن كان قد قُتل أم ما زال على قيد الحياة. وقالت أم الحسن لـ (جيرون): “لا أريد شيئًا من هذه الدنيا سوى زوجي، فمنزلي دُمّر ومستقبل أولادي ضاع، ونعيش حاليًا أوضاعًا غاية في الصعوبة؛ إذ يُضطّر أولادي الصغار إلى العمل في جمع القطع البلاستيكية من مكبات النفايات، وبيعها لتأمين قوت اليوم، وكذلك يقومون بجمع الأخشاب لنطهو عليها الطعام، أما أنا، فأتجول يوميًا من مكان إلى آخر؛ بحثًا عن عملٍ يكفيني وأولادي، لكن من دون جدوى”.

تعيش (أم الحسن)، في أحد مخيمات ريف إدلب، وأكدت أن ما قُدِّم لهم من مساعدات إغاثية قليلٌ جدًا، وأشارت إلى أن هذه الإعانات ليست منتظمة، وقالت في هذا الخصوص: “منذ سبعة أشهر، لم أتلقَ أي مساعدة من أي منظمة. بعد وصولي إلى المخيم، قدمت لي جمعيات خيرية بعض المستلزمات الرئيسة، وبعدها باتت تصل المساعدات بشكل محدود ومتقطّع، وحاليًا، لا تصلني أي مساعدة، شأني شأن العديد من العائلات الأخرى هنا الذين يضطرون إلى إرسال أبنائهم للقيام بأعمال مختلفة، لتأمين الطعام”.

ذكر عاملون في القطاع الإغاثي، فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، لـ (جيرون): “أن الزوجات اللواتي أمسين وحيدات، بعد اختفاء أزواجهن، كثيرات جدًا، وتشكّل هذه النسوة نسبة كبيرة من سكان المخيمات، وحاجاتهن أيضًا كبيرة؛ لذا فإن المساعدات الإغاثية لا تسدّ نواقصهم بشكل متواتر، والحل بالنسبة إليهن هو العمل والإنتاج، والاعتماد على الذات بالحدود الدنيا، غير أن معظم هؤلاء النساء غير قادرات على العمل، فهن غير متعلمات، ولا يتقنّ مهنة، وظروفهن النفسية متدهورة”.

لا تقتصر صعوبات العيش -بالنسبة إلى زوجات المعتقلين والمختفين- على قساوة الوضع المعاشي والمادي ومرارته، بل تمتد لتشمل تعقيدات أخرى اجتماعية، ترتبط بأعراف وعادات خاطئة تحدّ من حرية المرأة وتقيّدها، فضلًا عن تعقيدات إجرائية لها صلة بالأوراق الثبوتية، إذ تؤكد جهات حقوقية أن نسبة كبيرة من النساء اللواتي يقاسين مرارة العيش وحدهن، بعد اختفاء أزواجهن سنوات، يرغبن في الطلاق والزواج مرة أخرى، إلا أن تعقيدات إتمام الطلاق، أو الانتقال من مدينة إلى أخرى، تحول دون ذلك.

يوجد في سورية 106 آلاف معتقل ومختف قسريًا، منذ اندلاع الثورة. و”النظام مسؤول عن 87 بالمئة من هذه الاعتقالات والإخفاءات”. بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقريرها الصادر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ملهم العمر
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون