الجامعات السورية الخاصة في تركيا.. مؤسسات ربحية



بعد مرورِ سنواتٍ على إحداثها، ما تزال الجامعات السورية الخاصة في تركيا تراوح مكانها؛ إذ لم تستطع أن تتجاوز أيًا من مشكلاتها السابقة على المستويين: العلمي والإداري، لا سيما مشكلة (الاعتراف) بالشهادات الصادرة عنها، سواء في تركيا أو في دولة أخرى، فيما يؤكد بعض طلابها أنها “مؤسسات معقولة، أتاحت لنا فرصة البقاء على صلة بالتعليم”.

قال محمد نور حمدان، أستاذ جامعي في (جامعة الزهراء) الخاصة في عنتاب، لـ (جيرون): “للجامعات السورية الخاصة في تركيا فوائد عدة، منها أنها حافظت على التعليم باللغة العربية، وأتاحت المجال للطلاب الذين لم تستوعبهم الجامعات التركية في الدراسة الأكاديمية، فضلًا عن تأمينها فرصَ عمل للأكاديميين السوريين، وتحلّي طواقهما الإدارية والأكاديمية بالمرونة، في التعامل مع الظروف الخاصة التي يعاني منها الطلاب السوريون، ولكن هناك الكثير من التحديات والصعوبات التي تواجهها، أهمها موضوع الاعتراف والحصول عليه، والتمويل، فمعظم الجامعات تعاني من ضعف التمويل، ومن قلة عدد الطلاب، بسبب فرض الرسوم التي لا يستطيع الطالب تأمين أي جزء منها”.

في الموضوع ذاته، قال الدكتور إبراهيم سلقيني، وهو أستاذ جامعي، لـ (جيرون): “تعدّ الجامعات التركية الخاصة مؤسساتٍ وقفية تركية، ويراقب مجلس التعليم العالي التركي كلّ نشاطها العلمي والإداري والمالي، أما الجامعات الخاصة السورية في تركيا، فهي مؤسسات منهجية تطبّق تعاليم الشرع الإسلامي، ويتمتع القائمون عليها بخبرات إدارية عالية، إضافة إلى كفايتهم العلمية، وأي خلل في أحد هذه المحاور الثلاثة، يجعل حياة الطالب العلمية في خطر”.

أضاف: “لكن -مع الأسف- ثمة جامعات تدّعي أنها غير ربحية، وهي بخلاف ما تدّعي، يخدعون الطلاب بأن شهاداتهم ستصدر من جامعات عربية، مع أن اتفاقاتهم هي اتفاقات تعاون علمي، ولا تصدر عنها أي شهادات معترف بها، ويخدعون الطلاب بذلك، ويظهر كذبهم واضحًا، من خلال إطلاقهم كليات باختصاصات علمية معينة (صيدلة وهندسة وطب أسنان)، من دون تجهيز مخابر، على الرغم من أن هذه الكليات لا يمكن إنشاؤها -قانونيًا ولا علميًا- من دون مخابر، وأخشى القول: إن الحل (مع استفحال الفساد) يكمن في إغلاقها، وتطبيق القوانين التركية عليها؛ لضمان مصلحة الطلاب ومستقبلهم، ونظرًا إلى وجود بدائل تركية كثيرة حاليًا، بخلاف الوضع في الداخل السوري المحرر، حيث لا توجد خيارات أو بدائل متاحة عن هذه المؤسسات”.

من جانب آخر، أكدّ محمد صالح أحمدو، وهو مدير سابق في وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، ومطّلع على أوضاع الجامعات الخاصة، أن الحكومة التركية بدأت بتنظيم التعليم ما قبل الجامعي للسوريين، وستقوم لاحقًا بالالتفات إلى الجامعات السورية الخاصة، وضبط نظامها.

وأضاف، في هذا الصدد: “مع بدء عملية التهجير القسري للعائلات السورية من المدن البلدات والقرى السورية، ولجوئها إلى تركيا؛ كان لا بدّ لولي الأمر من البحث عن عملٍ يرتزق منه، ومدرسة أو كلية لأولاده، يكملون تعليمهم فيها، فكانت المدارس السورية العشوائية في بداية الأمر، ثم تم تنظيمها إلى أن أصبحت على صورتها الحالية، لكن الأمر لا يقتصر على التعليم دون الجامعي”.

عدّ أحمدو أن أخطاء الجامعات السورية الخاصة كبيرة، ولا سيما أنها تبيع وهم المقبولية للطلاب، ورأى أن تحسين آليات عملها يتطلّب “تشكيلَ مجلس تعليمي أكاديمي، يجتمع مع مجلس التعليم العالي التركي، لتبادل وجهات النظر وسُبُل الحصول على اعتراف تركي بتلك الجامعات، أو افتتاح جامعات خاصة سورية على الأراضي التركية، يشرف عليها مجلس التعليم العالي التركي، لضمان حصول الطلاب على شهادة معترف عليها عالميًا”.

في حين، اعتبر حمدان أن ضبط سير عمل هذه الجامعات يحتاج بدايةً إلى “تشكيل اتحاد للجامعات الخاصة، يعمل على التنسيق فيما بينها، وعلى توفير دعم الحكومة السورية المؤقتة لها، من حيث تأمين الاعتراف، ووضع معايير لإبعاد الجامعات المزيفة، التي تحاول خداع الطلاب وبيعهم وعودًا”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون