محادثات جديدة في جنيف بمشاركة وفد موحد للمعارضة السورية



السورية نت - ياسر العيسى

 

يعود قطار المفاوضات السورية في جنيف إلى الانطلاق مجدداً، اليوم الثلاثاء، بعد توقف لنحو 5 أشهر، وتشهد مشاركة المعارضة السورية بوفد موحد.

وتعقد الجولة الجديدة وهي الثامنة، بعد آخر جولة عقدت في يوليو/ تموز الماضي، ولم تثمر تقدماً في ملفات الأجندة التي وضعت في جولات هذا العام، وهي أربعة ملفات: الحكم الانتقالي، الدستور، الانتخابات، ومكافحة الإرهاب.

الجولة الحالية تحمل ثلاث نقاط جديدة عن الجولة السابقة، وتأتي في وقت شهدت فيه الأيام الأخيرة، زخماً وحراكاً دبلوماسياً.

الملمح الأهم في جنيف-8 هو الوفد الموحد للمعارضة، الذي أثمر عنه مؤتمر الرياض الموسع الثاني للمعارضة السورية، الأسبوع الماضي، وشاركت فيه مختلف أطياف المعارضة، لتشكيل الهيئة العليا الجديدة للمفاوضات.

وضمت الهيئة الجديدة 50 عضواً، من الائتلاف السوري المعارض، والفصائل العسكرية، والمستقلين، وهيئة التنسيق الوطنية، ومنصتي القاهرة وموسكو.

وانتخبت نصر الحريري رئيساً للهيئة العليا للمفاوضات، خلفًا لرياض حجاب، الذي استقال، الاثنين قبل الماضي، من دون إبداء أسباب.

وبذلك تتمكن المعارضة من سحب ذريعة النظام، بأنه لا يجد مخاطباً له في مؤتمرات جنيف، مع تعدد المنصات المعارضة، مما يؤشر لوجود زخم جديد، ربما تتكلل بالمفاوضات المباشرة.

وشدد البيان الختامي لمؤتمر المعارضة السورية بالرياض، على ضرورة "خروج بشار الأسد ونظامه من الحكم"، وتحفظت على ذلك منصة موسكو.

مناطق خفض التصعيد

الملمح الثاني يتعلق بنجاح مناطق خفض التصعيد، ووقف إطلاق النار، رغم خروقات النظام، حيث أسهمت في هدوء بالجبهات، مع وصول للمساعدات، باستثناء الغوطة الشرقية التي لم يطبق فيها الاتفاق.

وتوقف الاشتباكات يساهم في العملية السياسية، حيث تراقب الدول الضامنة مناطق خفض التوتر الأربع (أجزاء من حلب وإدلب واللاذقية شمالاً، وريف حمص وحماة وسطاً، والمنطقة الجنوبية، والغوطة الشرقية).

ويعتبر النجاح في مناطق خفض التصعيد، تطبيقاً لبعض بنود القرار الأممي 2254، الذي ينص على إجراءات بناء الثقة والبنود الإنسانية، فيما بقي ملف المعتقلين معلقاً دون حل في جولة أستانة الأخير الشهر الجاري.

وفي الرابع من مايو/ أيار الماضي، اتفقت الدول الضامنة، في اجتماعات "أستانا 4"، على إقامة "مناطق خفض التصعيد"، يتم بموجبها نشر وحدات من قوات الدول الثلاثة لحفظ الأمن في مناطق محددة بسوريا.

وبدأ سريان الاتفاق في السادس من الشهر ذاته، ويشمل أربعة مناطق هي: محافظة إدلب وأجزاء من محافظة حلب وأخرى من ريف اللاذقية (شمال غرب)، وحماة (وسط)، وريف حمص الشمالي (وسط)، وريف دمشق، ودرعا (جنوب).

كما تم الاتفاق في اجتماعات أستانا 6 التي عقدت في سبتمبر/ أيلول الماضي، على إنشاء منطقة آمنة في محافظة إدلب تراقبها تركيا، التي أرسلت بعدها قواتها إلى المحافظة، وبدأت بإنشاء مراكز مراقبة.

أما النقطة الثالثة، فهي مخرجات القمة في سوتشي، وهي التأكيد على الحل السياسي ووحدة البلاد، حيث تعتبر الدول المشاركة في القمة، وهي تركيا وإيران وروسيا، دولاً مؤثرة على الأطراف السورية.

ويمثل تقليص مساحات نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، بعداً جديداً للحل، حيث كانت القوى الخارجية مثل روسيا وأمريكا تتذرع بأولوية مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، قبيل الانتقال للحل السياسي.

ومع تقليص نفوذ التنظيم، يبدو أن التركيز سيكون على الحل، وستكون مناقشة المسائل الدستورية وقضايا الإرهاب على أجندة المباحثات، بحسب مصادر أممية.

كما تستمر في هذه الجولة اجتماعات الخبراء، ضمن العملية التشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية، التي أنشأها المبعوث الأممي الخاص بسوريا "ستافان دي مستورا"، خلال الجولة السادسة، إضافة إلى حضور منتظر للسلال الأربعة للمحادثات.

وشهد العام الحالي عدة جولات من المحادثات في جنيف، وجرى الاتفاق في أولاها (جنيف 4)، فبراير/ شباط الماضي، على أربعة ملفات لمناقشتها كجدول أعمال للمحادثات، وهي: الحكم الانتقالي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.

ولم تحقق الجولتان التاليتان، خلال مارس/ آذار، ومايو/ أيار الماضيين، تقدماً في هذه الملفات، وبقي الحديث عن الإطار العام، فيما جاءت الجولة الأحدث، في مايو/ أيار الماضي قصيرة، ولم تثمر سوى عن اجتماع تقني واحد لمناقشة المسائل الخاصة بالدستور.

مسار جنيف

وعلى صعيد مسار جنيف تختلف الأطراف المشاركة في المحادثات في وجهات النظر حول المرحلة الانتقالية، وتأسيس الحكم الانتقالي.

وترى المعارضة السورية، بدعم من حلفائها وأبرزهم تركيا، أن يتم تأسيس حكم انتقالي كامل الصلاحيات، إلا أن روسيا وإيران، اللتين تدعمان نظام بشار الأسد، تريدان صيغة للتشارك في الحكم الموجود.

وبدأ التأسيس لمسار جنيف، في يونيو/ حزيران 2012، باجتماع أولي شاركت فيه الدول المعنية بالأزمة، ودعت، في بيان لها، إلى وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح المعتقلين، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وإدخال المساعدات، يعقب ذلك تأسيس هيئة حكم انتقالي من أسماء مقبولة من النظام والمعارضة، تكون كاملة الصلاحيات، بمعنى أن لا يكون للأسد أي دور في السلطة.

وينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الصادر في ديسمبر/ كانون الأول 2015، على أن يتم تأسيس هيئة حكم انتقالي بعد محادثات بين النظام والمعارضة، خلال ستة أشهر، تقوم بصياغة دستور جديد في 12 شهراً، ثم إجراء انتخابات.

وفي ظل تباين مواقف الدول الداعمة للنظام والولايات المتحدة الأمريكية، التي تطلق تصريحات متباينة، فإن مواقف تركيا هي احترام القرار 2254، والتشديد على أن "حكومة الوحدة الوطنية"، التي يروج لها النظام وحلفاؤه لن تستطيع أن تحل مكان "هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات".

وتصر المعارضة على التطبيق الكامل للقرار الدولي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات

وعقدت محادثات جنيف الأولى في 30 يونيو/ حزيران 2012، و"جنيف 2" في 22 يناير/ كانون الثاني 2014، وانتهت الجولتان دون نتيجة، فيما عقدت "جنيف 3"، في 29 يناير/ كانون الثاني 2016، وتوقفت المحادثات مع حصار النظام لمدينة حلب (شمال)، قبل عقد عدة جولات أخرى لم تنجح في تحقيق أي تقدم.

وفي 30 ديسمبر/كانون الأول 2016، تم توقيع اتفاق هدنة بضمانة تركية روسية، على أنه في حال نجاح الهدنة بتخفيف الحرب، يتم الانتقال إلى استئناف المحادثات السياسية في جنيف، وهو ما توافقت عليه الأطراف.

اقرأ أيضا: عشية جنيف.. ضغوطات دولية على الأسد لاستخدامه الكيماوي والنظام يرد




المصدر