‘نيوز داي: المعارضة السورية، المشتتة والمتعددة، بصدد الظهور بوجه جديد’

28 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
10 minutes

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 1 نيسان/ أبريل 2017 من وكالة سانا –الوكالة الإخبارية السورية الرسمية، مقاتلين مناوئين للحكومة السورية يحملون أسلحتهم وأمتعتهم، متجهين إلى باص، وهم يغادرون آخر معاقل الثوار: منطقة الوعر في محافظة حمص، سورية. (الصورة لـ سانا عبر الأسوشييتد برس)

تجتمع المعارضة السورية في المملكة العربية السعودية، على أمل الاجتماع على بعثة موحدة، قبيل بدء المفاوضات الأربعاء 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، لكنهم أشبه ببيتٍ مشتت، بشكل يعزز تفوق بشار الأسد؛ وقد استقال، قبل الاجتماع بساعات، عدد من الشخصيات المعارضة.

تسعى المعارضة السورية، المشتتة، التي تجتمع يوم الأربعاء في العاصمة السعودية، إلى توحيد صفوفها، والتوصل إلى رؤية موحدة، في وقتٍ تبدو فيه المساعي الدولية متجهة نحو قرارٍ، يبقي الرئيس بشار الأسد في السلطة.

ما تزال المعارضة مشتغلة بالاختلافات، وقد ضعفت بسبب انشغال حلفائها في نزاعات أخرى. وفي المقابل، يُبدو الرئيس بشار الأسد اليوم أكثر أمانًا في منصبه، منذ بداية الحرب، معززًا بانتصارات عسكرية كبيرة بدعم من حليفتيه: روسيا وإيران، اللتين حولتا مجريات الصراع. وقبل أيام من جولة المحادثات الجديدة التي ستقام في جنيف، والجهد المنفرد الذي تقوم به روسيا الذي يسعى إلى جمع المعارضة والحكومة، تجتمع المعارضة في الرياض، لاختيار ممثلين جدد عنها.

في هذه الصورة التي التقطت في 3 آذار/ مارس 2017، يظهر نصر الحريري، رئيس مجموعة سورية معارضة رئيسة، اللجنة العليا للمفاوضات، يقيم مؤتمرًا صحفيًا بعد جولة من المفاوضات مع المبعوث الخاص من الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، في الاجتماع الأوروبي للأمم المتحدة، في جنيف، سويسرا.

قبل ساعات من الاجتماع، استقال اثنا عشر من شخصيات المعارضة، من بينهم رئيس لجنة المفاوضات العليا التي تشكلت في الرياض: رياض حجاب، احتجاجًا منهم، كما يبدو، على قبول آخرين بحكم رجل يعتبرونه طاغية مخزيًا.

عانت المعارضة السورية طويلًا في إثبات أهميتها، في ظل قيادة مؤلفة من أكاديميين وسياسيين منفيين، أو رجال دين إسلاميين وجهاديين محافظين جدًا. وعلى الرغم من وجود المجموعة الواسعة من الحلفاء الدوليين -كالدول الغربية ودول الخليج العربي الثرية والجارة تركيا- فإن المعارضة لم تكن يومًا متفوقة، وقد أدت كثرة حلفائها، الذين غالبًا ما تنازعوا على النفوذ، إلى إضعافها. وفيما يلي نظرة إلى المعارضة السورية، من يمثلها ومن يدعمها.

من هم ممثلو المعارضة السورية

عندما اندلعت الاحتجاجات في سورية ضد الأسد في عام 2011، كانت ثورة عفوية ضد حكم عائلته، استُلهمت من احتجاجات “الربيع العربي” التي اجتاحت العالم العربي. وتحولت بعد فترة قصيرة إلى مواجهة عنيفة، عندما أطلقت الحكومة النار على المتظاهرين واحتجزت الآلاف منهم. وبدأ ضباط الجيش بالانشقاق وانضموا إلى الثوار، وكان معظمهم من الأرياف، ليشكلوا الجيش السوري الحر، وهو القوة الرئيسة التي تحارب الأسد منذ منتصف عام 2011.

أصبح الجيش السوري الحر محور المساعدات الأجنبية، لكنه اشتكى من أنه لا يحصل على الأسلحة والذخيرة اللازمة لترجيح كفته على كفة الحكومة السورية، وأدى افتقار قيادة الجيش السوري الحر إلى هيكلية مركزية وتعرضها إلى خلافات داخلية، إلى سطوع نجم الجماعات الإسلامية التي استقطبت دعم المانحين الخليجيين وتركيا. وقد فتح هذا البابَ أمام القوى الأجنبية، لاختيار جماعاتها والدفع باتجاه رؤيتها الخاصة لسورية.

ما الذي يفرقهم

يمكن أن يعزى جزء من الخلافات الحاصلة بينهم إلى داعميهم؛ فالدولتان المتنافستان: المملكة العربية السعودية وقطر، تشاحنتا حول نفوذيهما على المعارضة؛ الأمر الذي أدى إلى انقسام في صفوف الثوار، إذ تدعم كل دولة الفصيلَ التابع لها، واتخذت جماعات المعارضة الأخرى من تركيا مركزًا لها.

أولًا، هناك المجلس الوطني السوري الذي شُكّل في إسطنبول عام 2011. وبعد عام واحد، حل الائتلاف الوطني محله، وجلب ممثلين عن الجماعات المدنية، وحصل على دعم الجيش السوري الحر. وتم الاعتراف بالائتلاف من قبل فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ومئة دولة أخرى، بأنه “الممثل الشرعي” للشعب السوري. وطالب بالإطاحة بالأسد وقواته الأمنية، ووافق على الذهاب إلى محادثات جنيف التي حضرتها الحكومة، لكن المجلس الوطني السوري قاطعها.

اختلف الأكراد حول المجموعات التي سينضمون إليها، ويطالب الحزب الكردي الذي يسيطر حاليًا على ربع الأراضي السورية، بدعم من الولايات المتحدة، بحكم فيدرالي، وقد تم توجيه دعوة له لأول مرة إلى المحادثات التي استضافتها روسيا. وهناك المعارضة المتمركزة في دمشق، والتي تحذر من تأثير الإسلاميين في صفوف الجماعات المنفية والدور القوي الذي تلعبه دول الخليج، وتتساهل الحكومة معها، على الرغم من مطالبتها بتغيير النظام.

قررت روسيا الداعم الأساسي للأسد، ومصر التي أبقت على تواصل مع الحكومة السورية، الانضمام إلى المطالبة بتمثيل المعارضة السورية. وفي عام 2014، تم تشكيل جماعة معارضة في القاهرة، تضمنت مسؤولًا سابقًا في الحكومة السورية هو جهاد مقدسي، وتطالب الجماعة بانتقال سياسي للسلطة، بموجب محادثات جنيف التي تقودها الأمم المتحدة. وتطالب جماعة أخرى في موسكو، شملت نائب رئيس الوزراء السابق والعضو في الحزب الشيوعي السوري قدري جميل، بالإصلاحات ولكن تحت قيادة الأسد.

وفي عام 2015، قررت الرياض تشكيل مجموعة شاملة جديدة، هي لجنة المفاوضات العليا، بقيادة رياض حجاب، الذي كان رئيس وزراء سابق والذي يقيم في قطر. وتقود المجموعة تمثيل المعارضة في محادثات جنيف اللاحقة، وكانت قد مثلت المعارضة السياسية في المحادثات الأمنية التي رعتها روسيا في أستانا.

وصرح مساعدون لصحف محلية أن حجاب، من خلال استقالته يوم الإثنين، كان يحتج على المملكة العربية السعودية بالتخلي عن المطالبة برحيل الأسد. وتشير التقارير الإعلامية إلى أن المملكة العربية السعودية لم توجه دعوة إلى لجنة المفاوضات العليا إلى اجتماع الرياض، عام 2017. ومع جولة جديدة من المحادثات الدولية المقرر إجراؤها يوم 28 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، يبدو أن لجنة المعارضة على وشك الانبثاق، متضمنة الجماعات المعارضة من الرياض وموسكو والقاهرة معًا.

تحولات القوة

تأتي قمة الرياض بعد أن جمدت خطوط الصراع في سورية بفضل مساع تقودها روسيا، من خلال مفاوضات مكثفة مع تركيا وإيران والأردن والولايات المتحدة على مدار العام.

قال وسيط سوري بين الجانبين: الحكومة والمعارضة، والقوى الخارجية في العاصمة السعودية: “أصبح دور المملكة العربية السعودية الآن إنتاج كتلة معارضة شاملة، تحضيرًا للمحادثات القادمة مع الحكومة، في كل من جنيف وسوتشي، من أجل ترجمة مأزق التفاوض السوري إلى تقدم دبلوماسي ملحوظ. ولم يذكر الوسيط اسمه، لأنه لم يُؤذن له بالتحدث إلى الصحافة.

وكانت المحادثات السابقة قد أُحبطت، بسبب رفض لجنة المفاوضات العليا قبول جماعتي المعارضة الموجودتين في القاهرة وموسكو، على اعتبارهما قريبتين من الأسد؛ ما سمح للأسد وروسيا بتأخير المسار الدبلوماسي على الأرض، على أساس أنهما لم يكونا يفاوضان ممثلًا عن ائتلاف المعارضة، في حين حققا خطوات كبيرة في سحق الثوار المسلحين في سورية.

تشاركت روسيا وإيران، اللتان دعمتا الأسد في استعادة السيطرة على نحو نصف أراضي البلاد، مع تركيا، أحد الداعمين الأساسيين للمعارضة السورية، والتي أصبحت الآن أكثر اهتمامًا بالنفوذ الكردي المتزايد في شمال سورية.

ركزت الولايات المتحدة في سورية على هزيمة مسلحي “تنظيم الدولة الإسلامية”، وتحالفت مع (قوات سورية الديمقراطية) الكردية. وفي حين تردد الرئيس أوباما بشأن دعمه للثوار السوريين، أنهى الرئيس دونالد ترامب بشكل كلي برنامج تمويل الثوار المعتدلين بعد التدقيق الذي قامت به وكالة الاستخبارات الأميركية.

يُقال إن مؤتمر الرياض قد نُظّم بعد مشاورات بين روسيا والرياض. وأشاد وزير الخارجية الروسي: سيرغي لافروف، باستقالة حجاب واصفًا إياها بأنها “رحيل شخصية في المعارضة متطرفة الفكر”، وأعرب عن أمله في أن تكون بمثابة توحيد للمعارضة. وقال: “إننا ندعم مساعي المملكة العربية السعودية في هذا الاتجاه”.

في الوقت نفسه، يرى المعارضون أن موسكو تحاول إنشاء مسار موازٍ لمحادثات جنيف، والتي تنص على انتقال سياسي للسلطة في سورية. وقد أدت معركة مفاجئة وشرسة، شنها الثوار في محيط العاصمة السورية، بدعم خارجي محدود، إلى إرباك الجيش، وأوضحت أن قوات الأسد غير فعالة نهائيًا، من دون دعم خارجي.

اسم المقالة الأصلية
Syria’s opposition, divided and varied, to get a new face

كاتب المقالة
Sarah El Deeb & Filip Isa

سارة الديب وفيليب  عيسى

مكان وتاريخ النشر
News Day

22/ تشرين الثاني نوفمبر 2017

رابط المقالة
https://www.newsday.com/news/world/syria-s-opposition-divided-and-varied-to-get-a-new-face-1.15095312/

ترجمة
مروان زكريا

مروان زكريا
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون