النظام يصل جنيف اليوم.. وسعي دولي لدفع المفاوضات السورية



يصل وفد النظام السوري إلى العاصمة السويسرية جنيف، اليوم الأربعاء، للمشاركة في مفاوضات جنيف السورية، وسط حراك دولي يهدِف إلى دفع عملية التفاوض، ويعكس إرادة الدول الفاعلة في الملف السوري، لإنهاء الحرب التي أكلت من قدراتهم الاقتصادية والدبلوماسية ما يكفي، وفق ما يرى مصدر معارض مطلع على سير المفاوضات.

قالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة في جنيف أليساندرا فيلوتشي، أمس الثلاثاء، في تصريحات صحفية: إن النظام السوري أخطرَ المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بأن وفده سيصل إلى جنيف يوم الأربعاء (اليوم)، في حين اعتبر أليكسي بورودافكين، مندوب روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أن “هذا قرار صائب.. حضور وفد الحكومة أمر جيد؛ لأن ذلك سيسمح لممثلي دمشق بالإفصاح عن رؤيتهم، وإعطاء التقييم المناسب”، على حد وصفه.

تزامن ذلك مع تصريحات لدي ميستورا، أمس الثلاثاء، قال فيها: “لقد أُبلغت للتو من قبل الروس، خلال اجتماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أنهم (روسيا) اقترحوا، ووافقت الحكومة (السورية)، على وقف إطلاق نار في الغوطة الشرقية”، بحسب وكالة (فرانس برس).

مصدر معارض مطّلع على سير المفاوضات قال لـ (جيرون): إن “ما صدر عن الروس من تصريحات أمس، يعكس أنهم هم من دفعوا بالنظام إلى الذهاب، لا سيّما أن (الروس) هم من قالوا أولًا: إن النظام أبلغ دي ميستورا بحضوره إلى جنيف، كما أنهم هم من قيّموا هذه الخطوة. بمعنى آخر: الروس تفوّقوا على طهران في الضغط”.

أضاف: “الإيرانيون لا يريدون ذهاب النظام إلى جنيف؛ ذلك أن انتهاء الفوضى في البلاد يعني سحب بساط إيران من سورية -وربما لاحقًا لبنان- من جهة، وقطع حلم طهران في الوصول إلى المتوسط، من جهة أخرى”.

أشار المصدر إلى أن “المؤشرات في جنيف واللقاءات الدولية فيها تأخذنا إلى أن موسكو باتت تدفع بالملف السوري إلى سكة المفاوضات والحل السياسي، أكثر من أي وقت مضى، وهذا يعكس مدى التوافق مع القطب الأميركي في هذا الملف”، وعقّب بالقول: “ليس الروس وحدهم من يريدون دفع العملية التفاوضية وإنجاحها. رغبة الروس الجديدة اتفقت مع الرغبة الأوروبية القديمة، ولم تتعارض مع تصورات واشنطن بإدارتها الجديدة، وأعتقد أن السبب في هذا هو تأثير الحرب السورية على اقتصاد تلك الدول، فضلًا عن انهيار كثير من القنوات الدبلوماسية بين تلك الدول، إثر تناقض تحركاتها في الملف السوري”.

تابع: “يمكننا النظر إلى وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية الذي وافق عليه النظام -وأعلنته موسكو- من زاوية الرغبة الروسية في تغيير معطيات التفاوض، خصوصًا أن النظام والإيرانيين لطالما صعّدوا دمويًا، بالتزامن مع كل جولة مفاوضات في جنيف سابقًا”.

في السياق، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون: إن “محادثات السلام حول سورية، في جنيف تحت إشراف الامم المتحدة، هي القاعدة الوحيدة للتوصل إلى حل سياسي، مضيفًا في خطاب له من واشنطن أن “هذه العملية هي القاعدة الوحيدة الممكنة لإعادة إعمار البلاد، وتطبيق حل سياسي لا يترك أي دور لنظام الأسد أو لعائلته في الحكومة السورية”.

أضاف أن “عملية السلام السورية على وشك الدخول في الطريق الصحيح”، مشيرًا إلى أن “الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين تمكنّا، خلال الفترة الأخيرة، من تقريب وجهات نظرهما، بشأن عملية السلام السورية، خلال لقاء قصير جمعهما أخيرًا في آسيا”.

كما قال مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية: إن “إجراء انتخابات حرة، تحت إشراف الأمم المتحدة، بمشاركة أربعة أو خمسة ملايين سوري موجودين خارج سورية”، يمكن أن يساهم في التغيير”، وأضاف في تصريحات لوكالة (فرانس برس): “في حال تم تطبيق قرار مجلس الأمن بشكل صحيح؛ فإن السوريين -برأيي- سيؤكدون رغبتهم في قادة آخرين”.

من جهة ثانية، تسعى باريس إلى تفعيل مبادرة “مجموعة الاتصال” الخاصة بها حول سورية، بالتزامن مع مفاوضات جنيف، كما تسعى إلى منع روسيا من الاستحواذ على كافة مفاتيح الملف السوري، ونقلت صحيفة (الشرق الأوسط)، عن مصادر فرنسية قولها: إن أولويات باريس هي “استنهاض واشنطن في الملف السوري وملف المفاوضات، باللجوء إلى ثلاث حجج رئيسية: الأولى التشديد على أن واشنطن لا تستطيع الخروج من الملف السوري، إذا كان احتواء إيران أهم أولياتها في المنطقة؛ لأن الساحة السورية تشكل أبرز مظاهر التمدد الإيراني. والثانية التأكيد على أن الوصول إلى تسوية سيئة، وغير متوازنة، يعني أنها لن تكون مقبولة من جميع الأطراف الداخلية أو الإقليمية، وبالتالي لن تعني نهاية الحرب. والثالثة حثُّ الطرف الأميركي على عدم الإسراع في سحب قواته، وعدم تكرار الأخطاء التي ارتكبت في العراق”.

ووفق المصادر، فإن “باريس تُروّج لصورة حل شامل، يحفظ وحدة سورية من جهة، ويضمن استمرار بنى الدولة من جهة ثانية، إضافة إلى الوصول إلى نظام متوازن، يحفظ مصالح جميع الأطراف السورية”.

من المتوقع أن يلتقي المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بوفد النظام السوري -الذي يرأسه بشار الجعفري- اليوم الأربعاء؛ لبحث مسار المفاوضات في الساعات المقبلة، في الوقت الذي تحاول فيه المعارضة السورية حشد تأييد الدول الفاعلة في الملف السوري، عبر لقاءات متوقعة مع ممثلين عن دول عدة، وفق مصادر معارضة.


صبحي فرنجية


المصدر
جيرون