‘واشنطن بوست: اقتراح بوتين بخصوص أوكرانيا فخ آخر لترامب’
29 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سبوتنيك.
بعد أن سمحت إدارة ترامب لروسيا بالسيطرة على سورية؛ تُخاطر الآن بتكرار الخطأ في أوكرانيا، حيث تُثار مناقشاتٍ دبلوماسية حول مبادرة روسية. خطةُ موسكو هي إضفاء الشرعية على غزوها، وسيطرتها على أجزاء من المقاطعتين الشرقيتين، من خلال جرِّ الرئيس ترامب نحو صفقةٍ سيئة أخرى.
نموذج فلاديمير بوتين مألوفٌ: يستخدم جيشه لتصعيد القتال على الأرض، ويقدم اقتراحًا للغرب يُسوَّق على أنَّه تخفيض للتصعيد. وملاقاة للرغبات الأوروبية والأميركية، من أجل سلامٍ من دون تدخلٍ غربي؛ يطرح الرئيس الروسي تسويةً مزعومة، ولكنْ في التفاصيل، فإنَّ مقترحات بوتين مصممةٌ حقًا لتقسيم خصومه، وتقوية مكاسبه.
هكذا كانت الحال في أيلول/ سبتمبر، عندما قدَّم بوتين اقتراحًا بـ “قوات حفظ سلام”، داخل شرق أوكرانيا، بينما تواصل روسيا تأجيج انتفاضةٍ انفصالية عنيفة، أسفرت عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخصٍ، وتشريد أكثر من 1.5 مليون شخص منذ عام 2014. قررت سلطات أوكرانيا، وأوروبا، والولايات المتحدة جميعًا التشارك مع موسكو في هذه الفكرة.
ولكنْ، كما أخبرني مؤخرًا وزير الخارجية الأوكراني: بافلو كليمكين، في منتدى هاليفاكس الدولي للأمن، إنَّ خطة بوتين ليست حقًا “لحفظ السلام” على الإطلاق. فهو يقترح أنَّ القوات الدولية تُستخدم فقط لحماية أعضاء بعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، في شرق أوكرانيا. وقال كليمكين: “إنَّ فكرة مهمة حفظ السلام فكرةٌ خطيرة”. وأضاف: “لكنَّ الاقتراح الروسي الخاص ببعثة الحماية غيرُ منطقيّ على الإطلاق”.
لسببٍ واحد، كان الاقتراح الروسي الأصلي هو نشر هذه القوات على طول خط التماس، بين الجيش الأوكراني والقوات الانفصالية. وكما ترى الحكومة الأوكرانية، هذا هو ببساطة أسلوب بوتين، لتحصين الواقع الذي خلقته روسيا على الأرض.
مع ذلك، فإنَّ داعمي أوكرانيا الدوليين يتعاملون مع الاقتراح بجدية، حيث دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الرئيسَ بوتين، في أيلول/ سبتمبر، وأقنعته بأنْ يتنازل عن نقطةٍ واحدة؛ وافق بوتين على أنَّه يُمكن نشر القوة الدولية، لكن ليس فقط على طول خط التماس؛ ما أعطى الحكومات الغربية الثقة في أنَّ مفاوضاتٍ حقيقية مع موسكو أمرٌ ممكن.
تحدث وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، عن هذه الفكرة مع الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر. والتقى كورت فولكر، مبعوث ترامب الخاص غير المتفرغ لأوكرانيا، مع نظيره الروسي فلاديسلاف سوركوف، يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، واقترح خطةً مضادة.
أخبرني فولكر أنَّ فكرة الولايات المتحدة هي إنشاءُ قوة حفظ سلامٍ حقيقية تابعة للأمم المتحدة، ليست مطلقة الصلاحية فحسب، بل أيضًا لها سلطة أمنية في جميع المناطق المتنازع عليها، وأنَّ القوة يجب أنْ تكون قادرةً على الوصول إلى الحدود الأوكرانية الروسية، ولا يوجد فيها أيّ موظفٍ روسي.
رفضت موسكو 26 فقرة، من بين تسعة وعشرين فقرة تكوّن اقتراح فولكر؛ ولكن فولكر قال: إنَّه يعتزم مواصلة التفاوض، وإنّ خطة حفظ السلام تمثل أفضل أملٍ للعودة إلى (مينسك 2)، وهي اتفاقية سلامٍ تعهدت أوكرانيا وروسيا كلتاهما بالالتزام بها.
توقفت هذه العملية بشكلٍ رئيسٍ؛ لأنَّ روسيا لنْ تحترم البنود التي تنص على وقف إطلاق النار، وإزالة أسلحتها الثقيلة من شرق أوكرانيا، والوصول إلى الحدود. وما تزال روسيا لا تعترف بأنَّ لديها قواتٍ على الأرض في شرق أوكرانيا، فضلًا عن إزالتها.
لكنَّ الاستراتيجية الأميركية تقوم على افتراض أنَّ بوتين يبحث -أو على الأقل يفكر بالبحث- عن وسيلةٍ للخروج من التزاماته المالية، والعسكرية في شرق أوكرانيا. وقال فولكر: إذا كان هدف بوتين المزمن هو إقامة أوكرانيا مؤيدة لموسكو؛ فسيكون لتدخله المستمر تأثيرٌ معاكس.
وقال فولكر: “إنَّ ما نحاول القيام به هو توضيح الخيارات: إذا كانوا سيثبتون على رأيهم؛ فهذا ممكن، لكنه سيكلفهم الكثير. وإذا أرادوا التقدم؛ فهو أمرٌ يمكن أنْ نتفق عليه جميعًا، ويمكننا إيجاد وسيلة لتحقيق هذا العمل”.
تتحمل أوكرانيا مسؤولياتها، بموجب اتفاق (مينسك) أيضًا، بما في ذلك إجراء انتخاباتٍ محلية في شرقي أوكرانيا؛ ما يمنح المنطقة وضعًا خاصًا، ومنح العفو عن الانفصاليين. ولا يمكن أنْ يحدث ذلك إلا إذا كان بوتين يلتزم بتعهداته.
ولكنْ، إذا كان هدف بوتين هو البقاء في أوكرانيا، وإبقاء البلاد بحالةٍ من عدم الاستقرار، ومنعها من الانضمام إلى المؤسسات الأوروبية، والسيطرة على منطقةٍ عازلة؛ فإنه لن يوافق أبدًا على مهمةٍ لحفظ السلام، تتفق مع شروط أوكرانيا، أو الغرب.
على الأرجح، يكرر بوتين استراتيجيته المتبعة في سورية، بحيث يشترك مع الولايات المتحدة بدبلوماسية المخادعة، لشراء الوقت لتعزيز مكاسب ميدانية، ليس لديه أيُّ نيةٍ في التخلي عنها. ترامب –ومن قبله الرئيس باراك أوباما- وافق عليها، بما يضمن أنْ المرحلة المقبلة من الصراع ستسير وفق شروط روسيا.
تحدث ترامب وبوتين، يوم 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، و”ناقشا كيفية تنفيذ سلامٍ دائم، في أوكرانيا”، وفقًا للبيت الأبيض. ويجب على ترامب متابعة هذا السلام، ولكن ليس وفق شروط بوتين.
اسم المقالة الأصلي
Putin’s proposal for Ukraine is another trap for Trump
الكاتب
جوش روجين، Josh Rogin
مكان النشر وتاريخه
واشنطن بوست، The Washington Post، 26/11
رابط المقالة
https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/putins-proposal-for-ukraine-is-another-trap-for-trump/2017/11/26/2b238622-cfc3-11e7-9d3a-bcbe2af58c3a_story.html?utm_term=.c0740a9cc137
عدد الكلمات
704
ترجمة
أحمد عيشة
أحمد عيشة
[sociallocker]
جيرون