أطفال مناطق الحصار في سورية.. ضحايا الجوع



جدد مارك لوكوك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإغاثية، تعبيره عن قلقه من تبعات استمرار الأوضاع الإنسانية المزرية، في المناطق المحاصرة بالدرجة الأولى، كالغوطة الشرقية ومخيم اليرموك، وسائر المناطق التي أنهكتها الحرب، سواء كانت واقعة تحت سيطرة مناطق المعارضة أو قوات النظام.

يأمل لوكوك خلال زيارته لسورية، في كانون الثاني/ يناير العام المقبل، التي أعلن عنها خلال جلسةٍ عقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع في سورية، أمس الأربعاء، أن “يتم وضع آليات وحلول جديدة، لتحسين الظروف الإنسانية للمدنين في المناطق المحاصرة، من خلال تقييم الوضع على يد مختصين من قبل الأمم المتحدة، وبحث سبل تحسين ظروف إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين”.

أشار المسؤول الأممي، خلال كلمته في الجلسة، إلى “توافر الأدلة التي تفيد بأن معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، في الغوطة الشرقية، قد زادت خمسة أضعاف، خلال الأشهر العشرة الماضية “، وذلك وفقًا لشهادات وتقييمات غير مباشرة، قدمها موظفو الأمم المتحدة، في أثناء تسيير قوافل إلى كفربطنا ودوما، خلال الشهر الماضي.

يرى لوكوك أن كارثة موت الأطفال، بسبب سوء التغذية، هي أمر يمكن تجنبه؛ إذا استطاعت الأمم المتحدة إدخال مزيد من قوافل المساعدات بشكل دوري. وأبدى تفاؤله بتحقيق تقدم في هذا المجال؛ بناء على محادثات قال إنه أجراها مع موسكو وطهران، الأسبوع الماضي.

الدكتور محمد كتّوب مدير المناصَرة بمنظمة (sams) صرح لـ (جيرون) بأن “دخول قوافل المساعدات هو عامل مساعد لتقليص عدد وفيات الأطفال نتيجة سوء التغذية، لكنها ليست الحل الجذري للمشكلة؛ لأن القوافل التي تدخل قليلة جدًا، ولا تكفي لتغطية النقص الموجود. وخلال الشهر الماضي توفي 3 أطفال في الغوطة، بسبب الجوع”.

وتابع “المشكلة الأساسية هي ضرورة توافر الطعام والمواد الغذائية الخاصة بالأطفال، كالحليب والمكملات الغذائية. وبالتالي حتى لو تمت معالجة حالات سوء التغذية، من خلال المساعدات التي تقدمها القوافل، فسيُصاب الأطفال مجددًا بالحالة نفسها، بسبب عدم توافر الأغذية بشكل دائم”.

يرى الدكتور كتّوب أن هناك حاجة ماسة إلى فتح المعابر؛ لكي تستطيع جميع المنظمات تقديم المساعدات الطبية والغذائية، وألا يقتصر الأمر على قوافل الأمم المتحدة فقط. وتحدث عن آخر قافلة مساعدات دخلت بلدة (النشابية) التابعة لدوما، منذ يومين، وكانت تحمل 1440 سلة غذائية فقط. وأضاف: “هذا يعني أن هناك 1440 عائلة فقط، من أصل 86125 عائلة، تناولت طعامها هذا الشهر، ماذا عن بقية العائلات، وباقي الأشهر القادمة!”.

لا يختلف الوضع الإنساني في مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق عن نظيره في الغوطة الشرقية؛ فمنذ حصاره في تموز/ يوليو عام 2013 من قبل النظام السوري والميليشيات الموالية له، يعاني المدنيون الباقون فيه من نقص كبير في الرعاية الطبية والمواد الغذائية، تسبب بوفاة 190 شخصًا، ثلثهم أطفال، بحسب (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية).

بحسب ناشطين من المخيم، تتخذ المعاناة أشكالًا معقدة، فبموازاة استمرار حصار النظام وميليشياته، أغلقت فصائل المعارضة المسلحة حاجز العروبة – يلدا، وهو المنفذ الوحيد لأهالي المخيم. وتسبب هذا بحرمان ما بين 6000 و8000 شخص من الحصول على أي موارد، تساعدهم في الحد الأدنى من العيش؛ وقد أدى ذلك إلى وفاة شخصين خلال الأسابيع الأخيرة.

وتعاني أكثر من 80 عائلة في المنطقة الغربية للمخيم الواقعة تحت سيطرة (تحرير الشام)، من أوضاع إنسانية لا تقل سوءًا، بسبب تعرضها لحصار مزدوج من قبل النظام وتنظيم (داعش).

ختم لوكوك حديثه، باستعراض الأوضاع المعيشية المزرية، في عموم مناطق سورية. وذكر أن هناك حوالي 3 ملايين شخص ما زالوا يعيشون في مناطق محاصرة، وأماكن يصعب الوصول إليها في أنحاء سورية، بمن فيهم ما يقرب من 420 ألفًا في 10 مناطق محاصرة، غالبيتهم العظمى في الغوطة الشرقية. ولفت إلى أن سورية تمثل أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث تشرد نحو نصف السوريين من ديارهم، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، كما يتعرض أكثر من 6500 شخص يوميًا للنزوح والتشرد.

بالنسبة إلى الأطفال، هناك 1.75 مليون طفل، أي ثلث عدد الأطفال في سن الدراسة، محرومون من التعليم، إضافة إلى أن ثلث عدد المداس دُمّر أو لحقت به أضرار. وفي القطاع الطبي، أقل من نصف المنشآت الطبية السورية تعمل بشكل كامل؛ ما يؤدي إلى وقوع آلاف الوفيات الناجمة عن أمراض أو إصابات، يمكن الوقاية منها ومعالجتها. ن. أ


جيرون


المصدر
جيرون