نيوز داي: آلاف المقاتلين الأجانب في سورية، هل يغادرون؟



بيروت- الأسوشييتد برس

تتراجع حدة الصراع في الحرب الأهلية السورية ببطء، لكن البلاد ممتلئة بالسلاح، وبطيف واسع من الميليشيات وآلاف المقاتلين الأجانب، بعضهم ربما لن يغادر سورية أبدًا.

بدعم أساسي من الحليفين: الإيراني والروسي؛ تمكن بشار الأسد من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من سورية، في تقدّمٍ بدا أنه وضع حدًا لاحتمال إسقاط عسكري لنظامه، على الأقل في الوقت الحالي. ولكن ذلك يعتمد اعتمادًا كبيرًا على استمرار الدعم الذي تقدمه الميليشيات المكفولة من إيران، والتي انتشرت في أنحاء البلاد المدمرة من جراء الحرب.

أما الحرب على جماعة “الدولة الإسلامية” التي تكاثرت في وقت قريب، بعد بدء الصراع عام 2011، فقد قدمت تبريرًا ملائمًا لنشر المقاتلين الأجانب في سورية، مع القول إنهم يحاربون المتطرفين. أما الآن، بعد أن كفت (داعش) عن السيطرة على أي منطقة مدنية كبيرة في سورية، فقد تتراجع أعداد بعض القوات، لكن القوى الأجنبية التي تحمل طموحات ومصالح طويلة المدى، سوف تحاول البقاء في البلاد سنوات مقبلة. ومن شأن ذلك أن يعقد المساعي لتسوية سلمية بشكل أكبر، حتى إن بعض البلدان أشارت بالفعل إلى نيتها في البقاء في سورية على المدى المنظور.

الجمعة 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2012، الجيش التركي ينتشر في مواقع على الجانب التركي من الحدود مع سورية، بالقرب من مدينة تل أبيض التي يسيطر عليها الثوار، في آكجاكالي، تركيا. (الأسوشييتد برس).

الأميركان

كان يفترض أن يكون تواجد المقاتلين الأميركيين في سورية، بهدف تدريب ودعم القوى الكردية المحلية لمقاتلة جماعة “تنظيم الدولة الإسلامية”. ازداد عدد المقاتلين بشكل تدريجي. على الرغم من الحدود الرسمية التي ظلت بعدد 503 حتى وقت قصير، قبل مغادرة الرئيس باراك أوباما مكتبه، يعتقد أن الرقم الآن قد تجاوز 1500 مقاتل، بمن فيهم القوى الخاصة، ووحدة المدفعية البحرية، والقوى الجوية وغيرها. وينتشرون على أكثر من 12 قاعدة عسكرية، في أنحاء سورية.

انتهاء القتال ضد (داعش) يبعد أي مبررات قانونية لوجود مقاتلين أميركيين في سورية، لكن المسؤولين الأميركيين يقترحون أن لديهم خطة للإبقاء على وجود المقاتلين في الشمال السوري، حتى حدوث تسوية عامة للحرب. وأثار ذلك الأمر المخاوفَ بشأن مشروع أكثر استمرارية، قد يزج بالأميركيين في صراع مع سورية، وإيران حليفة الأسد.

في وقت مبكر من هذا الشهر، قال جيم ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، في إشارة إلى المحادثات السياسية التي تديرها الأمم المتحدة: “نحن لسنا بصدد المغادرة في الوقت الحالي، قبل انتهاء مسار جنيف”. قد طلب مسؤولون أكراد من القوات الأميركية أن يبقوا هناك، وسط مخاوف من أن يسهل انسحابٌ سريع لهم، لقوات الأسد أن تبادر بالهجوم على الرقعة التي يسيطر عليها الأكراد في الشمال.

في هذه الصورة التي التقطت يوم السبت 18 حزيران/ يونيو 2016، يظهر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو –وسط الصورة- في زيارة إلى قاعدة حميميم في سورية. (الصورة لـ فاديم سافيتسكي/ إعلام وزارة الدفاع الروسية، عبر الأسوشييتد برس).

في وقت سابق من هذا الشهر، طالبت الحكومة السورية بانسحاب القوات الأميركية، بعد انتهاء الحرب على (داعش). وذكر تصريح وزارة الخارجية أن تواجد المقاتلين الأميركيين لن يؤدي إلى فرض حل سياسي للصراع.

الروس

لم تذكر روسيا، في مرة من المرات، عدد الشخصيات العسكرية، أو الطائرات الحربية، أو غيرها من الأسلحة التي قد أرسلت إلى سورية. وتشير الأرقام، من نتائج الانتخابات البرلمانية، عن بعد في أيلول/ سبتمبر 2016، إلى أن عدد الشخصيات العسكرية الروسية المتواجدة في سورية يبلغ 4300 شخصية. من المرجح أن التواجد الروسي ازداد عن ذلك، مع نشر موسكو لشرطة عسكرية، بغية حراسة ما يدعى “مناطق عدم التصعيد” في سورية.

تشير المواد الواردة التي تتضمن فيديو مصور في قاعدة (حميميم) الجوية، وهي الحاضن الرئيس للجيش الروسي في سورية منذ بدء حملته في أيلول/ سبتمبر 2015، إلى أن عشرات الطائرات الروسية والمروحيات المزودة بالمدافع الرشاشة، موجودة هناك. وقد نشرت روسيا كذلك قوات خاصة لجمع المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الضربات الجوية. وقد ساعد ضباط كبار في الجيش الروسي، في تدريب وتوجيه مقاتلي الحكومة السورية. في الأشهر الأخيرة، ازداد تواجد الشرطة العسكرية الروسية في سورية.

قال رئيس أركان الجيش الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، الأسبوع الفائت، أن روسيا سوف تخفض “بشكل كبير” تواجدها العسكري في سورية، مع قرب انتهاء حملته. في الوقت نفسه، أشار إلى نية روسيا في إبقاء حضورها في كل من قاعدة حميميم العسكرية الجوية، ومرفق التزويد البحري في طرطوس. وأضاف غيراسيموف أيضًا النية في الإبقاء على مركز التسوية التابع للجيش الروسي، وهو عبارة عن مجموعة من الضباط الذين أسهموا في المفاوضات والحفاظ على اتفاقيات وقف إطلاق النار في سورية، وتنسيق إيصال المساعدات الإنسانية.

قد سمحت الحكومة السورية لروسيا باستخدام قاعدة حميميم الجوية بشكل حر، ومجاني. كما وقّعت موسكو صفقة مع سورية، لاستخدام قاعدة طرطوس مدة 49 سنة، قابلة للتمديد في حال موافقة الطرفين. ويخطط الجيش الروسي لتحديث القاعدة الجوية؛ لتمكينها من استقبال عدد أكبر من الطائرات. وينوي كذلك توسيع مرفق طرطوس بشكل كبير لجعله قاعدة بحرية من أعلى مستوى، وبقدرة على استقبال السفن الحربية بأنواعها.

الإيرانيون، والميليشيات المدعومة إيرانيًا

من بين كل المقاتلين الأجانب في سورية، ربما لم يكن أحد منهم على مستوى سعة انتشار واحتمالية بقاء الإيرانيين. وقد بذلت جمهورية إيران الإسلامية جهدًا هائلًا لإبقاء الأسد في السلطة، وزودته بكميات كبيرة من المساعدات العسكرية والمالية على مر سنوات الصراع الست. حيث نشرت قواتها من “الحرس الثوري” الإسلامي في سورية، إلى جانب الضباط الإيرانيين الذين زودوا الجيش السوري بالدعم العسكري والسياسي. ويقول المسؤولون الإيرانيون إن أكثر من 1000 مقاتل إيراني قد قتل في سورية والعراق، بعد نشرهم للدفاع عن الطائفة الشيعية المقدسة.

تم نشر عشرات الآلاف من القوات المحلية الموالية للحكومة، والتي تديرها إيران، والمعروفة باسم “قوى الدفاع الوطني” في أرجاء سورية. إضافة إلى الميليشيات الشيعية العراقية، والآلاف من مقاتلي (حزب الله) اللبناني المدعوم إيرانيًا، وكان كل هؤلاء مجتمعين عاملًا رئيسًا، في تحويل الحرب لمصلحة الحكومة. وينتشر (حزب الله) بشكل واسع في أنحاء سورية، وبشكل خاص الجانب الحدودي مع لبنان، حيث أنشأت الجماعة الشيعية مرافق عسكرية وقواعد، من المرجح أن تبقى إلى زمن طويل. تهدف استراتيجية إيران إلى ضمان تمكنها من ملاحقة مصالحها الحيوية بعد الحرب في سورية، مستخدمة أجزاء من سورية كقاعدة لها، وتأكيد وجود ممر جغرافي مفتوح من طهران إلى بيروت.

الأتراك:

أرسلت تركيا قوات برية إلى سورية، العام الماضي، لأول مرة، في حملة تحت اسم (درع الفرات). وهدفت إلى محاربة “تنظيم الدولة الإسلامية”، مع أن تركيا تسعى كذلك، قبل كل شيء، إلى الحد من توسع النفوذ الكردي في سورية على طول حدودها مع سورية. وتعتبر أنقرة أن المقاتلين الأكراد في سورية امتدادًا للمتمردين الأكراد الذين شنوا تمردًا في تركيا لعقود ثلاثة.

لم يصرح المسؤولون الأتراك عن عدد الجنود الأتراك الذين تم نشرهم في سورية، لكن خبراء أمنيين يقدرون العدد بـ 2500 جندي على الأقل، متموضعين في رقعة من الأرض محيطة بمدن الراعي، والباب، وجرابلس؛ وهي منطقة حدودة استرجعها الأتراك مع الثوار المدعومين من تركيا من قبضة (داعش) ضمن عملية (درع الفرات).

تبني تركيا المدارس والمستشفيات، في مناطق محررة من (درع الفرات)، لتشجيع اللاجئين في تركيا على العودة، وليس من الواضح كم سيبقى الجنود الأتراك في تلك المنطقة. قد اقترح الرئيس رجب طيب أردوغان أن يستهدف الجنود الأتراك جماعة الأكراد السورية التي تعتبرها تركيا تهديدًا لأمنها، في منطقة عفرين، شمال إدلب، حالما تنتهي مهمة “خفض التصعيد”.

اسم المقالة الأصلي Thousands of foreign troops in Syria _ but will they leave? الكاتب Sarah El Deeb

سارة الديب مكان النشر وتاريخه News Day

28/ تشرين الثاني نوفمبر 2017 رابط المقالة https://www.newsday.com/news/world/thousands-of-foreign-troops-in-syria-but-will-they-leave-1.15228215 ترجمة مروان زكريا


مروان زكريا


المصدر
جيرون