سحب القوات الروسية من سورية.. تصريحات الضرورات الداخلية



تكررت التصريحات الروسية، في الآونة الأخيرة، التي تؤكد نية موسكو سحب قواتها من سورية، وكان آخرها تأكيد نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، الأسبوع الماضي، إذ قال: إن “الاستعدادات جارية لسحب القوات الروسية من سورية”، وذلك بعد أيام من تصريحات لمسؤولين في وزارة الدفاع الروسية، أوضحوا فيها أن روسيا تذهب في الوقت الحالي، لتقليص عديد قواتها المتواجدة في سورية.

مصادر من المعارضة السورية قالت لـ (جيرون): إن هذه التصريحات الروسية “ليست أكثر من مناورات سياسية، تهدف موسكو من خلفها إلى الحصول على غطاء دولي، لتشريع احتلالها لسورية، ولتبدو أنها تدفع باتجاه الحل السياسي، وأن جوهر وجودها في البلاد مرتبط بمحاربة الإرهاب”، معتبرة أن “حقيقة الأمر أنها لن تنسحب من سورية، وتسعى لوجود طويل الأمد”.

يقول بسام قوتلي، عضو مجموعة العمل من أجل سورية: إن “هذه التصريحات تصب في منحيين: الأول اقتراب الانتخابات الروسية وضرورة أن تبدو روسيا غير غارقة في المستنقع السوري، كي لا يتم ربط هذا الوجود بوجود روسيا السابق في أفغانستان، والثاني محاولة خلق أجواء إيجابية للقاءات جنيف وسوتشي”، موضحًا في تصريحات لـ (جيرون) أن “هذه التصريحات تزامنت مع تصريحات مشابهة، عن سحب 400 عنصر للجيش الأميركي من سورية”.

أضاف: “لا أعتقد أن هناك توجهًا فعليًا لسحب القوات الروسية من سورية. موسكو تسعى لوجود طويل الأمد في البلاد، يُعيد إنتاج مفهوم الدولة العظمى التي لها حضور على ضفاف المتوسط”، معتبرًا أن “مثل هذه التصريحات تعطي الأطراف المشاركة في الصراع والتفاوض مجالًا دعائيًا محددًا ضمن العملية السياسية، وتمنحهم هوامش لتسويق فكرة أن الحل هو سوري-سوري، بينما في حقيقة الأمر أن أي حل في سورية حاليًا يرتبط بالتفاهمات الأميركية الروسية”.

من جانب آخر، يرى العميد الطيار المنشق عبد الهادي ساري أن “التصريحات الروسية الأخيرة تعدّ مؤشرًا واضحًا على أن موسكو مستعجلة للوصول إلى حل سياسي في سورية، بما يمنح بوتين رصيدًا إضافيًا، قبيل الانتخابات القادمة في آذار/ مارس، لا سيّما أن بوتين يسعى بشكل حثيث، لتطبيق النموذج الروسي في القوقاز على الوضع في سورية، وأعتقد أنه لن ينجح في ذلك”.

أضاف ساري، خلال حديث مع (جيرون): “من جانب آخر، روسيا تشعر بأنها غارقة في تعقيدات الصراع السوري، وتحاول الخروج منه بأقل الخسائر الممكنة، ولذلك تسعى -من خلال هذه التصريحات- للحصول على دعم المجتمع الدولي للرؤية الروسية للحل في سورية”.

تابع: “أضف إلى ذلك أن هناك أعباء اقتصادية كبيرة نتيجة الوجود العسكري في سورية، وهو ما يزيد من الضغوط الداخلية على بوتين، وبالتالي من الممكن أن تقلص روسيا، إلى حدٍّ ما، هذا التواجد لتخفيف استنزاف اقتصادها الضعيف أساسًا”.

يرى الباحث إبراهيم الأصيل أن مسألة سحب روسيا لقواتها من سورية “ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتفاهمات بينها وبين واشنطن”، وقال في حديث مع (جيرون): “لا أعتقد أن هناك -حتى الآن- تفاهمات أولية واضحة، حول مستقبل سورية. لكلٍّ من روسيا والولايات المتحدة رؤية مختلفة، ولكن -بلا شك- النفوذ الروسي أكبر، لدينا موضوع التواجد الإيراني العسكري، محل الخلاف الكبير بين الروس والأميركيين، وبالتالي هل بإمكان موسكو فعلًا الانسحاب من سورية، وترك كل تلك الملفات معلقة؟”.


جيرون


المصدر
جيرون