طارق حمدان.. الرسم صوتنا العابر للغات



قدِم طارق مع أسرته من بلدة المزيريب في ريف درعا، بعد ثلاثة شهور من إنشاء مخيم الزعتري عام 2012، وما يزال يمكث فيه حتى اليوم، وذلك بعد أن دمرت إحدى قذائف النظام منزله في سورية. وقد انخرط منذ قدومه في مختلف أنواع العمل الذي رافق تطور المخيم، منذ كان مؤلفًا من بضعة خيام، حتى بات مخيم الزعتري اليوم ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم.

يعرض طارق حمدان لوحاته ومنحوتاته، في معرضٍ أقامته منظمة (آي آر دي)، بالتعاون مع مفوضية اللاجئين، داخل مخيم الزعتري للاجئين السوريين، كمقر دائم لعرض إنتاج هواة الرسم في المخيم.

يقول طارق في حديثٍ، لـ (جيرون): “بدأتُ منذ سنة أطوّر هوايتي القديمة: الرسم بالفحم والألوان الزيتية، وشاهدت فيديوهات عن كيفية النحت على أقلام الرصاص التي يستخدمها طلاب المدارس، فقررت أن أبدأ بهذه التجربة، لأضيفها إلى الرسم، واليوم أستطيع نحت أي شكل أريده”.

تعرف طارق، من خلال الرسم والنحت، على مجموعة من الشبان في المخيم، يمتلكون مواهب مشابهة؛ فقرروا العمل بشكل جماعي، وأنتجوا عدة أعمال مختلفة، وعرضوها على منظمة (آي آر دي)، في المخيم -وهي منظمة تهتم وتدعم هذا النوع من العمل- فدعمتهم بالأدوات والمستلزمات الخاصة بالرسم والنحت، وعرضَت أعمالَهم في معرضٍ، أنشأته خصيصًا في مركزها داخل المخيم.

لا تقدّم المنظمات أي دعم مادي مباشر لهم، ولكنها تساعد في بيع اللوحات والمنحوتات، ليعود ثمنها على أصحابها، وهو ما دفع طارق ومن معه إلى تشكيل أول لجنة فنية في مخيم الزعتري، أطلقوا عليها، لجنة (فن من الزعتري)، تتكون من عشرة أشخاص، كما شكلت لجنة فنية أخرى، حملت اسم (طوق الياسمين)، وعدد أفرادها يزيد عن عشرة، ويختص كل شخص من اللجنتين بعملٍ أو أكثر، كالرسم والنحت والخط العربي، كما يقول طارق.

يضيف طارق: كل لجنة تعمل وحدها، ولكن تحت إشراف مفوضية اللاجئين، ومنظمة (آي آر دي)، كما أن هناك رسامين غير أعضاء في اللجنتين، يشاركون في المعرض الدائم للمخيم، وقد كُللت نجاحات اللجان بإرسال لوحات من رسم أعضائها، لتُعرَض في بريطانيا، كما تقوم لجنة (طوق الياسمين) حاليًا بمبادرات لتعليم الرسم، في المدارس ومراكز تعليم الأطفال في المخيم، بشكل تطوعي.

يقوم طارق وزملاؤه، متطوعين، بالرسم على كرفانات اللاجئين، وعلى مواقف السيارات في المخيم، بعيدًا عن عمل اللجان الفنية؛ بهدف جعل المخيم أجمل، عندما ينظر إليه ساكنوه وزائروه. ويرى أن ما قام به مع زملائه يعد نجاحًا كبيرًا، في ظل الظروف القاسية التي ترافق اللجوء، ويقول: إن الرسم -والفن عمومًا- يساعد في إخراج الطاقة الكامنة في الإنسان، والمشاعر الموجودة لديه، لتنطبع على لوحاته أو منحوتاته، معاناة، أملًا، حبًا، أو حنينًا.. وهم يحاولون، من خلال أعمالهم البسيطة، إيصال صوت اللاجئين السوريين، والشعب السوري، بلغةٍ ربما تكون هي الوحيدة العابرة لكل اللغات، والتي يفهمها جميع الناس.


عاصم الزعبي


المصدر
جيرون