قصف الأسد للغوطة الشرقية يقضي على أمل "خفض التصعيد" ومحللون: النظام يسعى لاستعادتها بأي ثمن



السورية نت - شادي السيد

تكاد ثلاثة أسابيع من قصف متواصل لنظام بشار الأسد على الغوطة الشرقية قرب دمشق تقضي على الأمل بتطبيق هدنة في منطقة "خفض التصعيد" هذه التي يسعى النظام الى استعادتها بأي ثمن، بحسب محللين.

ويصف الخبير في الشؤون السورية في جامعة أدنبره توما بييريه اتفاق "خفض التصعيد" في الغوطة بـ"المزحة"، مضيفاً "نحن بعيدون جداً عن تراجع للقتال".

وفي وقت ترعى الأمم المتحدة جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف، كانت الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، تشهد أعنف الانتهاكات لاتفاق "خفض التصعيد".

وصعّدت قوات النظام قصفها على الغوطة الشرقية إثر هجوم شنته حركة "أحرار الشام" الإسلامية على ثكنة إدارة المركبات التابعة للنظام والتي يستخدمها الأخير في قصف مدن الغوطة.

وأسفر قصف قوات النظام خلال 20 يوماً عن استشهاد 193 مدنياً على الأقل بينهم 44 طفلاً.

وأعلن نظام الأسد  في 28 تشرين الثاني/نوفمبر على وقف لإطلاق النار برعاية روسية، إلا أن طائراته الحربية ومدفعيته واصلت من قصفها مدن وبلدات الغوطة.

ويسري في أربع مناطق سورية هي إدلب وحمص والغوطة الشرقية وجنوب سوريا، اتفاق لـ"خفض التصعيد" توصلت إليه في أيار/مايو الماضي كل من روسيا وإيران، أبرز حلفاء نظام الأسد، وتركيا الداعمة للمعارضة.

ويعيش نحو 400 ألف شخص في الغوطة تحت حصار خانق تفرضه قوات النظام منذ العام 2013، على غرار ميسون التي تبيت منذ منتصف الشهر الماضي عند صديقة لها بعدما طال القصف منزلها في مدينة دوما.

وتقول ميسون، الممرضة في الثلاثين من العمر، "خرجت أشتري بعض الأغراض (...) قالوا لي فجأة أن هناك ضربا قريبا من منزلي".

وتضيف "لم استوعب ما أراه من دمار، عادة تتكسر الشبابيك والأبواب (...) لكنني هذه المرة لم أجد نصف البيت".

أما رجاء فتتخذ هي وأطفالها من غرفة صغيرة في منزلها الواقع في دوما، مسكناً بعدما تدمرت الأجزاء الأخرى منه. وتقول الشابة الحامل في الثلاثين من العمر "حين يبدأ القصف نحتبئ في الحمام، الاولاد يخافون كثيراً ويبكون، لا يريدون البقاء في المنزل".

خفض تصعيد "مؤقت"

ويرى محللون أن اتفاق "خفض التصعيد" أتاح لقوات النظام التركيز على المعارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية "في وسط وشرق البلاد، قبل أن تعود لتحاول استعادة مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.

ويقول الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش "إنه خفض تصعيد مؤقت (...) يهدف إلى فرض حالة من الهدوء على غرب سوريا، للسماح للجيش السوري وروسيا بالسيطرة على محافظة دير الزور شرقاً".

وخلال الأشهر القليلة الماضية، تمكنت قوات النظام من طرد التنظيم من مناطق واسعة في البادية السورية ومحافظة دير الزور الحدودية مع العراق. ولم يعد التنظيم يسيطر سوى على خمسة في المئة من البلاد تتوزع في جيوب صغيرة في دير الزور ووسط وجنوب البلاد.

وباتت قوات النظام تسيطر حالياً على 55 في المئة من مساحة البلاد بفضل الدعم الجوي الروسي والعسكري الإيراني.

ويرى بالانش أن "خفض التصعيد" عبارة عن "اتفاقات هدنة تكتيكية على الأقل في الغوطة والرستن (حمص) وادلب، لأن النظام والروس والإيرانيين سيسعون لاستعادة تلك المناطق، وقضية تركها للمعارضة لإنشاء جمهورياتهم الصغيرة أمر غير مطروح بتاتاً".

أما الوضع في الجنوب فسيبقى للمدى المنظور على حاله، وهو أمر متفق عليه بين روسيا والولايات المتحدة والأردن وإسرائيل.

ويشاطره بييريه الرأي، ويقول "قالها نظام الأسد بوضوح إنه يريد استعادة كافة المناطق السورية".

وقد تكون الغوطة الشرقية الهدف الأول لقوات النظام كونها تقع على أبواب مدينة دمشق، وتشكل سيطرة الفصائل المعارضة عليها خطراً دائماً على العاصمة التي تتعرض دائماً لقذائف المقاتلين المعارضين.

ويرى المحلل المتخصص في الشأن السوري في مؤسسة "سنتشوري" للأبحاث سام هيلر أن "الغوطة الشرقية مهمة جداً كونها تقع على مدخل دمشق".

ويقول هيلر لوكالة "فرانس برس"، "لا أعلم إلى أي مدى يستطيع النظام السيطرة على الغوطة عسكرياً"، ولكن يمكنه العمل على "قضم المنطقة تدريجياً عن طريق الحصار والضغط العسكري والمساعدات الإنسانية الانتقائية".

ولا يتوقع المحللون أن تسارع قوات النظام للسيطرة على إدلب، فهي تحتاج إلى عملية عسكرية كبيرة، كونها واقعة بالكامل منذ العام 2015 تحت سيطرة فصائل إسلامية وجهادية على رأسها "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً).

ويقول بالانش "هناك الكثير من المقاتلين، وبينهم المحنكون في القتال والجاهزون للموت".

ولم تعد الفصائل المعارضة تسيطر حالياً سوى على 12 في المئة من مساحة البلاد، وهي تعاني من انقسام كبير وتشرذم في صفوفها.

اقرأ أيضا: محادثات "جنيف" تستأنف بدءا من الثلاثاء.. ماذا عن مشاركة وفد نظام الأسد؟




المصدر