أبو عجاج إلى مؤتمر سوتشي
5 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
عندما أعلِن عن انعقاد مؤتمر سوتشي للشعوب السورية، في روسيا الاتحادية؛ أخذت الحكومة تدعو المواطنين المهتمين بقضية حل أزمة الشعوب السورية، إلى الانخراط في الوفد الذي سيمثل “شعب السويداء”، وما لفّ لفه في المحافظة، بين الشعوب السورية التي ستشترك في هذا المؤتمر العتيد، تلبية لرغبة الحكومة الروسية الحريصة على حل هذه الأزمة؛ ليس لسواد عيون السوريين، وإنما كي تخرج من هذا المستنقع بأقل الخسائر.
كان من بين المدعوين إلى هذا المؤتمر جارنا أبو عجاج، المحسوب على المعارضة السورية، والذي طالما جاءني ينتقد أداء الحكومة تجاه المواطنين من جهة، وتجاه الأزمة التي تعيشها البلاد، منذ سبع سنوات.
صباح أمس
جاءني أبو عجاج، من صباح الله الباكر، يستشيرني، قبل أن أقول يا فتاح يا عليم. قال:
– ما رأيك يا أستاذ مسعود؟ أريد نصيحتك. وكما يقولون من شاورك دخل بحظك. قلت:
– خير، يا أبا عجاج، ما الأمر؟ قال:
– لقد وُجهت لي دعوة لحضور مؤتمر سوتشي. قلت له:
– أنت! بأي صفة يدعونك؟ على حد علمي أنت معارض قد الدنيا. أجاب أبو عجاج:
– والله لا أدري، المهم أنا هنا كي آخذ رأيك في الموضوع. قلت:
– أنا أعلم أن المدعوين ذاهبون ليمثلوا شعب السويداء، يعني بالمشرمحي: “الشعب الدرزي”، بحسب الدعوة للمؤتمر. وأنت -أيضًا- لو ذهبت ستذهب بصفتك ابن هذا الشعب، أليس كذلك؟
يبدو أن النتيجة التي وصلت إليها لم تعجب أبا عجاج، واعتبر نفسه محاصرًا، فقال:
– أنت دائمًا، يا أستاذ مسعود، تضع مطبات أمام كل توجه لحل الأزمة السورية. يا أخي أولًا هي محاولة قد تنجح، وقد لا تنجح. فإذا نجحت فخير وبركة. وإن لم تنجح نكون قد كسبنا زيارة إلى روسيا الاتحادية، آكلين شاربين نائمين. يعني حسد أم ضيق عين؟ قلت له:
– بالعكس. هذا مكسب كبير. وأهم ما في الأمر أنكم ستكونون نائمين في المؤتمر. اسمع أبا عجاج! أنت جئت تستنصحني، وأنا لن أخذلك. أنصح لك بعدم الموافقة على الذهاب، حفاظًا على مواقفك السابقة. إن انتصحت كان بها. وإلا فسوف أغريك بالذهاب، وسترى النتيجة. ردّ أبو عجاج:
– المشكلة، يا أستاذ مسعود، أنني مقتنع بجدوى المشاركة في هذا المؤتمر. فقلت له:
– ما شاء الله! ما دمت مقتنعًا، لماذا جئت تستشيرني!؟
خرج أبو عجاج، وهو مصمم على الذهاب إلى المؤتمر. لكن الاشتراك فيه يحتاج إلى فت ولت. صحيح أن الذهاب والإياب والإقامة على حساب حكومة روسيا الاتحادية السخية؛ لكن هناك ترتيبات أخرى؛ الأمر يحتاج إلى قيافة، ثياب جديدة، تجهيزات، مصاريف، هدايا عند العودة. وأبو عجاج على الحديدة، كما أعلم.
……..
في صباح اليوم التالي
جاءت أم عجاج ملهوفة، فاستقبلتها أم رباح، وبادرتها:
– كنت ذاهبة اليوم لتهنئتكم، مباركة دعوة أبي عجاج إلى المؤتمر. ردت أم عجاج:
– اسكتي يا أم رباح، ستباركين لي أم ستعزينني؟
– بماذا، كفى الله الشر؟
– السجادة التي في غرفة القعدة. ما نزال ندفع أقساطها للمعمل.
– ما بها؟
– باعها الأفندي أبو عجاج. يريد أن يشتري طقمًا ومستلزمات للرحلة المشؤومة.
– وتقولين مشؤومة، والجميع يتقاتلون للذهاب إلى روسيا!
– قاتلهم الله، على ماذا يتقاتلون؟ يريدون الذهاب إلى روسيا؛ وروسيا عندنا في سورية، في كل مكان؟
………..
نبأ عاجل
أعلنت حكومة روسيا الاتحادية عن تأجيل مؤتمر سوتشي إلى شهر شباط القادم، تمهيدًا لإلغائه.
فوزات رزق
[sociallocker]
جيرون