المعلوماتية



الـ (معلوماتية) هي ترجمة لمصطلح ((Informatics، وهي مفهوم حديث، تم اشتقاقه من كلمة معلومات ((Information، مع كلمة (أوتوماتيك)، وبدأ استخدامه في ستينيات القران الماضي، ويقصد به مجمل البيانات الأساسية التي يتم إدخالها إلى الحاسوب، من أحرف وكلمات وخطوط وصور وأرقام وأصوات ورسوم هندسية ومعادلات رياضية وغيرها، تمت معالجتها لتصبح بحد ذاتها معلومة أو نتيجة.

إن أي معلومة متداولة هي بالأساس مبنية على قواعد محددة، من معاني وأوصاف وعلوم ومعارف وأدوات وخبرات وحقائق، جزء منها بديهي ومتداول، وجزء منها مكمل وافتراضي، يتم إنضاجها؛ لتكتسب أهميتها بعد تأكيدها من خلال النظريات المحددة والمبرهنة سابقًا، والمعلومة بشكل عام ناتجة عن العديد من البيانات الخام التي استخدمت من قبل أدوات وبرامج المعالجة للوصول إليها.

على ذلك؛ فإن الـ (معلوماتية) هي مجموع تلك المعلومات المرتبطة مع بعضها بقوانين محددة، تعطي تصورًا واضحًا ذا معنى عن الهدف الذي نريد معرفته، وهي مع تطور تكنولوجيا المعلومات، واعتماد الأفراد والمؤسسات عليها للوصول إلى نتائج، أو أفكار، أو مهام، أو اتصالات، أو أعمال، أو حقائق مختلفة ومتشعبة وحديثة، أو الوصول إلى مادة أرشيفية يتم استحضارها لتداولها بسرعة، أصبحت جزءًا من حياة الأفراد والمجتمعات وأماكن العمل والمؤسسات العامة والخاصة، ومواقع الترفيه، وهي موجودة بدءًا من المنازل والمدارس وصولًا إلى الجامعات، مع حركة البنوك والمطارات والقطارات الحديثة والتنقلات الأخرى والاتصالات السريعة، ودخلت في أدق تفاصيل يومياتنا، وترافقنا برامجها أينما تحركنا، من خلال أجهزة الاتصالات الشخصية الحديثة والخفيفة، وقد أثّرت في سلوكنا وعاداتنا، وانطبعت بها الكثير من تصرفاتنا ومهماتنا اليومية.

ارتبطت الـ (معلوماتية) ارتباطًا وثيقًا بأدواتها التي جعلتها إحدى لغات العصر، كالحواسيب والمعالجات التقنية المختلفة، وأجهزة الاتصالات الحديثة مع كافة برامجها المرافقة، من خلال نقل الصورة والفكرة والصوت، وبثّ المعلومة بطريقة حيوية وتفاعلية، فالبرامج التي تداخلت وتناغمت مع بعضها، لتحويل البيانات إلى حالة حسية متداولة، بعد توليفها وتقييمها وتصنيفها بالاستناد إلى معطيات رقمية، تعمل بشكل متناسق على تحليل البيانات المتوفرة، ليتم تخزينها أو تناقلها بدقة وسرعة.

إن موارد المعلومات هي نشاط ذهني يقوم بتغذية التكنولوجيا التي تعمل عليها، كبيانات أساس، وبذلك تعتبر من المواد الخام التي لا تنتهي ولا تنضب، إنما متجددة ومتشعبة، ويمكن دمج عدة معلومات مع بعضها، للوصول إلى معلومة جديدة كليًا، وإن الدول المتطورة المنتجة والمستثمرة في الـ (معلوماتية) أصبحت مركزًا لجني وتحصيل الأموال الطائلة من كافة مناطق العالم، ويمكن ملاحظة أن أثرياء العالم الجدد، في العقد الأخير، هم أصحاب شركات الـ (معلوماتية) وتكنولوجيا أدواتها.

تمكننا الـ (معلوماتية) من سرعة المعرفة والاستكشاف والدخول في مجالات جديدة، وفي أطر بحثية أكثر يسرًا وتنوعًا وشمولًا، وتفتح مساحات رحبة للنشاط الفكري ونتاجه المتنوع، وقد ساعدت في نهضة كافة العلوم التي غيرت حياة الأفراد والمجتمعات، وساعدت في تنظيم العمل وتقصير مدة إنجاز المهمات، وتوثيقها وتوزيعها وبث نتائجها، وفتحت آفاقًا جديدة للتأمل والاستنتاج، ويمكن أن نورد مثالًا بأن عمليات طبية معقدة أصبحت تجرى من مركز طبي في دولة، لمريض في غرفة عمليات بدولة أخرى، فكيف ببقية العلوم.

بالتأكيد، يمكن وصف العصر الحالي بأنه عصر الـ (معلوماتية)، ولعل من يمتلك المعلومة ووسائل توجيهها، أصبح يستطيع توجيه القرار والرغبات والتطلعات لدى أجيال كاملة، أينما كانت، ويمكنه التأثير في بنية المجتمعات، ونمط تفكيرها، وسياق حركتها، ليستثمر ويتحكم في عاداتها وسلوكها وسقف طموحاتها.


حافظ قرقوط


المصدر
جيرون