‘دوتش فيله: “علي” سائق سيارة أجرة (أوبير-Uber) لبناني ومقاتل في صفوف “حزب الله”’
7 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
“علي” سائق سيارة أجرة (أوبير-Uber) لبناني ومقاتل في صفوف “حزب الله”
عملُ “عليّ” اليومي هو قيادة سيارة أجرة لصالح شركة (أوبير-Uber)، ووظيفته الأخرى هي مُقاتل في صفوف (حزب الله). شارك عليٌّ في القتال في سورية، لكنه يقول إن الحرب عرّته. وهو يعمل الآن على تعلم الألمانية للعثور على عمل، في مكان بعيد عن الصراع.
يقول علي، وهو سائق سيارة أجرة لصالح شركة (أوبير-Uber)، ويعمل أيضًا مقاتلًا مع ميليشيات شيعية تابعة لـ (حزب الله): “نحن متعبون؛ بعد القتال في سورية والعراق، طوال سنوات”. ينحدر عليٌّ من بعلبك في شمال لبنان، لكنه يعيش مع عائلته في الضاحية، مركز (حزب الله) في بيروت. كان يقود سيارته برفقة مراسلة (DW)، في الحي الذي يدين بالولاء لزعيم (حزب الله) الشيخ حسن نصر الله.
تظهر صور حسن نصر الله بشكل طوعي، وتُميّز كل ساحة تقريبًا. في إحدى صوره كان يزرع شتلة، وفي صورٍ أخرى كان يُشير بشكلٍ حازم إلى أنه يُظهر الطريق الصحيح. وسط هذه الصور، نُشاهد أيضًا صورًا لقتلى، قضوا في الحرب السورية. يقول علي، مُشيرًا إلى ملصق مُعلق في محطة للحافلات: “انظروا، مهندس آخر استشهد في سورية”.
من جهة أخرى، حصل عليٌّ على تدريب على المسح الطوبغرافي، وعند قيام الحكومة السورية بالهجوم على بلدة القصير، ضد قوات المعارضة عام 2013، رسم عليّ خرائط لمنطقة الحرب لصالح (حزب الله). وقد فقد عليٌّ العديد من أصدقائه في ساحة المعركة.
تعلّم عليّ المسح الطوبغرافي عن طريق التدريب، ولكنه تحوّل إلى قيادة سيارة أجرة (أوبير/ Uber)، بسبب نقص فرص العمل.
“حزب الله” يُظهر ضبط النفس
قُتل أكثر من ألف مقاتل من (حزب الله) في الحرب السورية. وهو يخدم (حزب الله) للتقليل من عدد الضحايا، بحيث لا يتم وهن عزيمة الجندي، بذلك يمكن للحزب ضمان استمرار إمدادات الرجال إلى الخطوط الأمامية. ويرى عليٌّ أنّ ارتفاع عدد القتلى والإرهاق من الحرب بين المقاتلين مثله، هو السبب الذي جعل “نصر الله” يُمارس ضبط النفس، بعد اللقاء الأخير مع السعودية.
استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على نحو غير متوقع، في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، بينما كان في الرياض، بناءً على ما يُعتقد أنه أوامر من المملكة العربية السعودية؛ ما أدى إلى دخول المنطقة في حالة من الذعر. في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، عاد وتراجع عن الاستقالة، بطريقة استسلامية لقوة (حزب الله). استمرت الدراما مدة ثلاثة أسابيع، وخلال هذه الفترة، طالب “نصر الله” بالهدوء -يتحدث علي- بينما كان يظهر روح الحنكة السياسية، ولكنه يعكس أيضًا حقيقة أنه “ليس هناك شهية للحرب”.
على مدى السنوات العديدة الماضية من الحروب في المنطقة، اكتسب (حزب الله) الكثير من الخبرة العسكرية؛ وأصبحت ميليشياته أقوى قوة عابرة للحدود في المنطقة حليفة لإيران. “مقاومة إسرائيل” هي الهدف المُعلن للحزب، بينما هو مشغول بتعزيز مكاسب الحروب الأخيرة. يُصر الحزب على أن الانتشار على الحدود مع (إسرائيل) هو للحماية من العدوان الإسرائيلي. كما يخشى الإسرائيليون من أن يكون (حزب الله) أكثر استعدادًا للهجوم. وهذا اشتباه متبادل، وحتى لو لم يبحث أي منهما عن حرب، فلا يمكن استبعاد فرص مناوشة تؤدي إلى نشوء حرب.
الحرب ضد عدو مشترك
على الرغم من ذلك، فإن “علي” ليس في مزاج ليتم سحبه إلى صراع آخر، على الأقل ليس على الفور. ويُشدد على ولائه للحزب، ويتحدث عن استعداده للموت من أجل القضية المشتركة، لكنه الآن يعتقد أن المعركة ضد عدو واحد (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش) قد تم رُبحها، وهو يستحق الآن إجازة. يقول عليّ: “كان الخيار بين (داعش) أو الموت، وأنا اخترت الموت”، وأضاف “لكن الآن؛ ذهبت (داعش)”.
بعيدًا عن (حزب الله) و(إسرائيل) وتنظيم (داعش) وتنظيم (القاعدة)، يواجه عليٌّ الصعوبات ذاتها، مثل أي لبناني آخر يبلغ من العمر 30 عامًا، ويقول: “أنا مهندس، ولكني مُضطر إلى قيادة سيارة أجرة”. عندما تكون سيارة الأجرة هي وسيلة النقل الخاصة بك في بيروت، يمكنك أن تتوقع أن تسمع حكايات يومية عن المشكلات الاقتصادية في لبنان، في كثير من الأحيان، من سائقي سيارات الأجرة المتعلمين، والذين يعانون من الإحباط بسبب الأوضاع مثل علي.
لا يستطيع علي الحديث عن “حزب الله” بحرّية في حيه. بعد تناول بضعة أكواب من القهوة، تحدّث علي بانفتاح حول بعض الطموحات المفاجئة لجندي من (حزب الله).
حياة جديدة في ألمانيا؟
يقول علي: “أنا أحب ألمانيا”. مثل مئات الآلاف غيره، يُريد عليٌّ الانتقال إلى ألمانيا، على أمل الحصول على العمل المناسب والمال؛ ليكون قادرًا على إعالة عائلته وتحقيق أحلامه. ويضيف “المشكلة الأكبر في لبنان هي البطالة.. أين نعمل؟”.
يستند الاقتصاد اللبناني إلى التحويلات من مواطنين مقيمين في الخارج، يرسلون الأموال بسعادة إلى الوطن، لأن العملة اللبنانية (الليرة) مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالدولار الأميركي. كما أنها ليست دولة مُصدّرة أو مُصنّعة؛ ما يعني أن القدرة على توليد فرص العمل محدودة.
يقول علي إنه لا يستطيع أن ينتظر انتعاش الاقتصاد اللبناني، وإن لديه خطة مختلفة. يتحدث علي العربية والفرنسية بطلاقة، ويعمل الآن على تعلم اللغة الألمانية مع 12 مهندسًا آخر، ويدفع مبلغًا كبيرًا وقدره 1200 دولار (1.015 يورو) على الرسوم الدراسية. خلال شهر، سوف يُسافر إلى ألمانيا لمواصلة تعلم اللغة، كما كان عليه أن يدخر (5000 يورو) أُخرى. فقد اكتشف أن الشركات في ألمانيا تبحث عن المهنيين المدربين في مجال عملهم، يعمل ساعة على الإنترنت كل يوم باحثًا عن فرص جديدة.
يأمل علي أن يعثر على وظيفة في ألمانيا وبدء حياة جديدة هناك مع صديقته
مُحتسيًا القهوة التركية، باحثًا في (غوغل) عن “مكتب العمل”، وكالة التوظيف الاتحادية، وجد أكثر من 4000 فرصة عمل لـ “المسح الطوبغرافي”، أو مساح الأراضي. يعتمد مستقبل علي على تأمين إحدى هذه الوظائف، عند وصوله إلى ألمانيا. فهو يسعى بشكلٍ يائس للمضي قُدمًا للحصول على حياة كريمة.
واقعًا في حب شابّة مسيحية من الحي المتاخم للضاحية، يُشير علي إلى الجدران المُعلمة والمُدمرة بالرصاص، ومُتحدثًا عن التاريخ العنيف للحرب الأهلية التي دامت ستة عشر عامًا، وعن التغيرات في المجتمع اللبناني. يقول علي: “لا تبقى الأمور كما هي، انظر، أنا شيعي واقع بغرام فتاة مسيحية الآن، وسوف نتزوج، ونذهب معًا إلى ألمانيا، إن شاء الله”.
ماذا سُتخبر الألمان الذين يُصنّفون (حزب الله) منظمة إرهابية؟ “إرهابي! لا، أنا مهندس، وعليهم أن يعرفوا من هزم عدونا المشترك: (داعش)”. ومع خروج مراسلة (DW) من السيارة مودعةً إياه، يجيبها باللغة الألمانية، “وداعًا، وليلة سعيدة سيدة فوهرا”.
اسم المقال الأصلي
Ali, Lebanese Uber driver and Hezbollah fighter
الكاتب
Anchal Vohra (Beirut)
مكان النشر وتاريخه
دوتش فيله، DW
01/11/2017
رابط المقالة
http://www.dw.com/en/ali-lebanese-uber-driver-and-hezbollah-fighter/a-41592690
عدد الكلمات
945
ترجمة
نارمان صدقي
نارمان صدقي
[sociallocker]
جيرون