بيغين للدراسات: قراءة الردود الفلسطينية على إعلان ترامب في القدس




تأمل السلطة الفلسطينية وحماس في أن ينتفض الشباب الفلسطيني ضد إعلان الرئيس ترامب الذي يقر بأن القدس عاصمة إسرائيل. ومن شأن الخروج إلى الشوارع أن يجنب الفصائل مسؤولية قيادة التحركات.  ومع ذلك فإن قراء صحيفة القدس، وهم الغالبية الفلسطينية الصامتة، يرفضون التضحية بأبنائهم نيابة عن الفصائل المتحاربة.

 

في 6 كانون الأول/ديسمبر 2017، أعلن الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تعترف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقراءة سريعة لوسائل الإعلام الفلسطينية الرئيسية تكشف ما تعتبره الجهات الفاعلة الفلسطينية المختلفة الاستجابةَ المناسبةَ.

الصورة تذكرنا بأطباق الحساء الثلاثة في حكاية “الدببة الثلاثة”. إذ كانت هناك دعوة لاستجابة شرسة وعنيفة (الحساء الحار)، وتعبير عن الأمل في أن يؤدي الإعلان إلى انتفاضة ثالثة (الحساء دافئ)، والأمل أنه لن تكون هناك استجابة شعبية (الحساء البارد).

وظهر الرد “الدافئ” في صحيفة الحياة الجديدة، وهي الصحيفة التي أقامتها السلطة الفلسطينية والتي تعبر بدقة عن موقف محمود عباس. وتذكر السلطة الفلسطينية أنها ملزمة بالاتفاقات المختلفة الموقعة أثناء عملية أوسلو للسلام بأن تتصرف سلمياً، وأن تمتنع عن أي شكل من أشكال التحريض. ولكن ليس هناك شيء سلمي في العنوان الذي ظهر في الصحيفة  الناطقة باسم السلطة الفلسطينية: “حالة من التوتر والانتفاضة الثالثة من المرجح أن تبدأ  لحظة إعلان ترامب القدس عاصمة إسرائيل”.

وتعكس الصورة المرفقة أدناه الاقتراح القائل إنه بينما لا تبرز السلطة الفلسطينية لا تبرز دعمها الكامل لهذه النتيجة، فإن القارئ مدعو لقراءة ما بين السطور.

ولا يوجد أي ضبط من هذا القبيل يميز صحيفة الرسالة الناطقة الناطقة  باسم حماس، والتي  نشرت الصورة أدناه مع شرح “دعوة إلى التسلح من أجل القدس”. مرة أخرى تتطابق الصورة مع المشاعر في العنوان. فبينما من الممكن أن تفسر الصورة التي اختارتها الصحيفة الناطقة بلسان السلطة الفلسطينية بأنها دفاعية، اختارت حماس الرد العنيف وهو الرمي العنيف للحجارة.

العنصر الأكثر أهمية في مقال حماس هو ما تُرِك دون أن يقال.

“أيام الغضب” التي تخطط لها الفصائل الفلسطينية في الأيام المقبلة ستكون قائمة، وتأمل حماس في احتجاجات عنيفة جماعية. وليس ثمة ذكر لخطط تتضمن قيادة حماس لجولة رابعة من القتال مع إسرائيل من خلال إطلاق الصواريخ أو الهجمات عبر الأنفاق، وبطبيعة الحال هذه أخبار جيدة من منظور إسرائيلي. ويشير دعم موجة العنف كما أعرب عنها في الصحيفة الناطقة باسم  حماس، والصورة المصاحبة لها، إلى أن المنظمة تفضل أن لا تتحمل مباشرة المسؤولية عن الاحتجاجات العنيفة التي تدعو إليها، ومن المرجح أن تقوم بالقليل من الإجراءات احتجاجاً على الإعلان.

في صحيفة القدس، التي تعد الموقع الإخباري الفلسطيني الأكثر قراءة على نطاق واسع، ليس هناك أي إشارة إلى الاحتجاج الشعبي على الإطلاق. وبدلاً من ذلك تتطرق العناوين الرئيسية إلى الطقس العاصف المتوقع في القدس، والعديد من تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المعارضين للقرار الأمريكي، وتتهم عدة أشخاص في السعودية بالفساد.

فصحيفة القدس تمثل الطبقة التجارية؛ أي الأغلبية الفلسطينية الصامتة، في القدس والضفة الغربية. ومن الواضح أن الموقف الذي تتخذه الصحيفة هو أكثر تأييداً لموقف السلطة ضد القرار، ولكن قيامها بإعداد  صفحتها الأولى بطريقة تحد من إلحاح القضية، يعتبر أكثر انسجاماً مع آراء السلطات الإسرائيلية التي  تأمل أيضاً أن تكون العاصفة القادمة هي عاصفة جوية بالفعل ، وليست مجازية.

الحكمة تكمن بالطبع في آراء صحيفة القدس. وقد يرغب مسؤولو السلطة الفلسطينية وحماس في أن يعارض الشباب العربي هذا الإعلان بعنف، لكنهم يدركون بوضوح أن المكاسب السياسية المحتملة لهذا العنف ستكون ضئيلة مقارنة بالأرواح والإصابات. ويدركون أن إسرائيل باستطاعتها أن تؤمن بسهولة وحدات الشرطة والجيش اللازمة لقمع أي اضطرابات شعبية، ومن غير المرجح أن يؤدي هذا العنف إلى إجبار الرئيس ترامب على إلغاء قراره.

هذا الفهم هو القاسم المشترك الذي يحفز ردود فعل السياسيين الذين يقفون وراء وسائل الإعلام  مثل الحياة الجديدة والرسالة والقدس. الفارق الوحيد هو أن السلطة الفلسطينية وحماس تأملان أن يقوم الشباب الفلسطيني بخطوة غاضبة دون المخاطرة بمشاريعهما البيروقراطية، ولكنهما قد لا تحصلان على رغبتهما لأن الأغلبية الفلسطينية الصامتة قد تعبت من التضحية بأبنائها نيابة عن هذه الفصائل المتحاربة.

المصدر: مركز بيغين للدراسات

الرابط: https://besacenter.org/perspectives-papers/reading-palestinian-responses-trumps-jerusalem-declaration/

Share this:


المصدر