رُفيدة وصهيب.. عندما يروي الصغار قصص الحصار
8 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
من قلب الغوطة الشرقية المحاصرة، يحاول الطفلان: رفيدة (7سنوات) وشقيقها صهيب (12 سنة)، أن يجدوا -عبر الرسائل المصورة التي ينشرونها على موقع (تويتر)- متنفسًا لهم، ووسيلة للتعبير عن حجم المعاناة التي يعانيها أطفال الغوطة الشرقية، منذ حاصرتها قوات النظام عام 2013.
منذ مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأ صهيب ورفيدة بتصوير مقاطع فيديو، ونشرها على (تويتر)، عبّروا فيها عن حجم المآسي التي ألحقها الحصار بهم، في محاولة منهم، لإيصال رسالة إلى العالم: أنهم -كبقية أطفال العالم- يحلمون في العيش بأمانٍ وسلام.
تقول رفيدة وشقيقها صهيب، في إحدى التغريدات المكتوبة بالإنكليزية: “خذوا أسلحتكم وأعطونا طفولتنا”، وفي تغريدة أخرى: “رسالة من أطفال الغوطة المحاصرة لأطفال العالم: نريد أن نعيش بسلام”، على أمل أن تُحدث رسائلهم يقظة، في ضمير المجتمع الدولي الذي يكتفي بالمراقبة فحسب، من دون أيّ تحرك عملي على أرض الواقع، ينهي معاناة المدنيين في الغوطة.
يقول خالد (الشقيق الأكبر لرُفيدة وصهيب)، وهو يساعدهم في إدارة حسابهم على موقع (تويتر)، لـ (جيرون): “راودتني الفكرة أنا ووالدتي، عندما رأينا رفيدة وصهيب يتحدثون دائمًا عن معاناتهم، كونهم أطفالًا، من جراء الحصار، ويسألون دائمًا: لماذا نحن محاصرون! وعندما طرحنا فكرة إنشاء حساب على (تويتر) وبثِّ رسائلَ مصورة، وجدت هذه الفكرة استحسانًا كبيرًا من كليهما، وبدأنا بتصوير مقاطع فيديو، يتحدثان فيها باللغة الإنكليزية عن يومياتهم في الحصار”.
لا تتضمن رسائل رفيدة وصهيب -سواء المصورة أو المكتوبة- عبارات سياسية، فهي موجهة إلى الشعوب الغربية والمسؤولين في المنظمات الحقوقية أو تلك المسؤولة عن حقوق الطفل، وتهدف إلى تسليط الضوء بشكل أكبر على معاناة الأطفال في الغوطة الشرقية. وخلال شهر تقريبًا بلغ عدد متابعي حساب رفيدة وصهيب على موقع (تويتر) أكثر من 350 متابعًا، منهم إعلاميون وناشطون في مجال حقوق الإنسان.
لا يقتصر هدف رفيدة وصهيب على نقل معاناتهم هم فحسب، بل يحرصون أيضًا على تسليط الضوء على الأوضاع الصعبة التي يعيشها أصدقاؤهم، على الصعيد المعيشي والصحي، حيث نشر الشقيقان مؤخرًا فيديو، ناشدوا من خلاله العالَم مساعدة طفلةً، تدعى (راما) مصابة بمرض السرطان، وهي بحاجة إلى العلاج بأسرع وقت ممكن.
على الرغم من حديث وسائل الإعلام عن حصار الغوطة وآثاره، يعتقد خالد أن “الأطفال هم خير من يعبّر عن مأساتهم؛ لأن ما يرونه من آثار الحصار بشكلٍ يومي يختلف عما يلحظه الكبار”، وأضاف: “على الرغم من سعادة رفيدة وصهيب بتفاعل المتابعين معهم، لكن ذلك لا يقلّل من حجم الخوف الذي يتعرضون له يوميًا، خصوصًا عندما يشتدّ القصف ويركضون إلى الملاجئ هربًا من الموت. لا شيء يخفّف من هذه المعاناة إلا انتهاؤها، ووقف القصف والحصار”.
حرم الحصار والحرب (صهيب) من أبسط حقوقه طفلًا، وهو اللعب مع أصدقائه وركوب المراجيح، كما اعتاد أن يفعل ذلك بصحبة والده، قبل ست سنوات. وحُرمت رفيدة أيضًا من رؤية جدتها وأقاربها في الأعياد والمناسبات؛ لأنهم يعيشون خارج الغوطة، ولا توجد وسيلة للذهاب إليهم ورؤيتهم، وتقول عبر تسجيل صوتي لـ (جيرون): “جميع الطرقات مغلقة. حتى الطعام بالكاد يصل إلينا، فكيف سيستطيع الناس الدخول والخروج!”.
يحلم صهيب بأن يصبح عندما يكبر طيارًا؛ لكي يُعيد جميع أقاربه الذين اضطُّروا إلى الهرب خارج سورية، ويعيشوا سويًا كما في السابق، ويعيدوا بناء بيوتهم ومدينتهم المدمرة، أما رفيدة فتمنّت أن تعود إلى متابعة دراستها من جديد، لكي تصبح طبيبة وتعالج جميع المرضى، وتنقذ حياتهم، وتحلم أيضًا بزيارة العاصمة دمشق ورؤية الجامع الأموي الذي حدثتها والدتها عنه.
نسرين أنابلي
[sociallocker]
جيرون