‘الغارديان: خطأ ترامب تجاه القدس كارثة للعالم العربي.. والولايات المتحدة أيضًا’
9 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
[ad_1]
إن خطوة الرئيس الحمقاء: الاعتراف بالقدس عاصمة لـ “إسرائيل”، سيكون لها عواقب سلبية، من المستحيل التنبؤ بها
فلسطينيون في رفح يحتجون في 6 كانون الأول/ ديسمبر ضد خطط الولايات المتحدة لنقل سفارتها في “إسرائيل” إلى القدس. تصوير: إبراهيم أبو مصطفى/ رويترز
في كلِّ مرةٍ نتوقع ألا يتفوق دونالد ترامب على نفسه، لكنّه يفاجئنا، ويتفوق من جديد؛ إذ أعلن الآن أنَّ إدارته ستعترف بالقدس عاصمةً لـ “إسرائيل”؛ قرارٌ يقلب تاريخ ما يقرب من سبعة عقودٍ من السياسة الأميركية. وسيكون لهذه الخطوة عدّة تداعياتٍ سلبية، من المستحيل التنبؤ بالكثير منها.
إنَّ القدس هي أهمُّ قضيةٍ، في ما يسمى بقضايا الوضع النهائي، التي تم تأجيلها مرارًا وتكرارًا خلال المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، بسبب حساسيتها القصوى. لكن ترامب، دمَّر هذا الوضع المعقد، مثل ثورٍ في متجرٍ صيني، معيدًا إلى الصفر القضية الأكثر تعقيدًا وعاطفيةً، من بين كلِّ تلك القضايا المتعلقة بفلسطين.
القدس هي -بلا شك- أهمُّ جانبٍ من جوانب القضية الفلسطينية برمّتها. فقد كان لها دورٌ محوريّ في هوية المسلمين، والمسيحيين الفلسطينيين، منذ اللحظات التأسيسية لكلّ من الديانتين، وأصبحت أكثر من ذلك عندما أصبح الصراع على فلسطين أكثر شراسةً.
مما يزيد حدَّة التنافس على هذه المدينة المقدسة حقيقة أنَّ الموقع نفسه -الحرم الشريف للمسلمين، وجبل الهيكل لليهود- مقدسٌ لكليهما. وبسبب طبيعتها المتفجرة، فإنَّ مسألةً كهذه لم يجرؤ عليها أيّ سياسيّ فلسطيني، ولا قلةٌ من القادة العرب، على أنْ يستخفوا بها.
بالنسبة إلى شخص مثلي، عاشت عائلته في القدس منذ مئات السنين، فإنَّ إعلان ترامب لا يعني فقط أنَّ الولايات المتحدة تبنَّتْ الموقف الإسرائيلي: أنَّ القدس تنتمي حصريًّا إلى “إسرائيل”، بل أضفى الشرعية بأثرٍ رجعيّ على استيلاء “إسرائيل”، واحتلالها العسكري للقدس الشرقية خلال حرب 1967، وفرض قوانينَ تمييزية على مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون هناك. إنَّ الضرر الذي قام به سيكون دائمًا؛ إذ لا يمكن للولايات المتحدة أنْ تتراجع عن هذا الاعتراف.
هذا العمل يُبعد تمامًا الولايات المتحدة عن دورها الطويل كوسيطٍ، وهو موقفٌ كانت تحتكره واشنطن لنفسها، كذلك أنهى “خطة السلام” الخبيثة التي كان صهر ترامب: جاريد كوشنر، يطبخها ويأمل أنْ يفرضها على الفلسطينيين.
إنّ إشارات إجراء ترامب تستخف برأي العالم العربي بأسره. ومهما يمكن أنْ يقول الدكتاتوريون العرب، والملوك المستبدون للأميركيين بأنْ يعتمدوا عليهم؛ فإنَّ الشعوب العربية مجمعة في دعمها الموقف الفلسطيني من القدس، وستؤثر ردّات فعلهم الحتمية على هذه الخطوة، على المصالح الحيوية الأميركية في جميع أنحاء المنطقة. وكما قال وزير الدفاع، جيمس ماتيس عام 2013: “دفعتُ ثمن الأمن العسكري كلَّ يومٍ، كقائد [للقيادة المركزية]، لأنَّه كان يُنظر إلى الأميركيين كمتحيّزين لـ (إسرائيل)”.
هذا الفشل الدبلوماسي الأخير هو مثالٌ آخر لإدارةٍ تُظهر ازدراءً تامًا لآراء بقية العالم، حيث لم يعترف بلدٌ واحد بالقدس عاصمةً لـ (إسرائيل)، وهناك توافقٌ عام في الآراء على أنَّه إلى أنْ يتمَّ التوصل إلى تسويةٍ، فمن غير المشروع الحكم مسبقًا على نتائج المفاوضات، أو تحديدها مسبقًا. وهذا ما أكدّته الولايات المتحدة رسميًا للفلسطينيين، في دعوتهم إلى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.
بالطبع، هناك سجل أميركي حافل بالتحيز لصالح (إسرائيل)، ولا ينبغي لأحد أن يتوقع العدالة في هذه المسألة منهم، أو من رئيسهم. ومن الصعب الآن أنْ نرى كيف يمكن التوصل إلى اتفاقٍ فلسطيني-إسرائيلي مستدام. ما هو صحيحٌ، بالنسبة إلى ترامب، هو جرحٌ ذاتيّ تمامًا سيتردد صداه طويلًا في سجلات الدبلوماسية، وسيزيد من تقليص مكانة الولايات المتحدة، ويعقّد العلاقات مع الحلفاء، ومع المسلمين والعرب، ومع الناس ذوي المنطق السليم، في جميع أنحاء العالم.
ترامب، الذي حذّره القادة العرب، وقادة الشرق الأوسط، والقادة الأوروبيون، من هذه الخطوة، جعل الآن حلَّ الصراع على فلسطين أصعب بكثير، وإنْ كان قد جلب الفرح لأصدقائه، وإلى رفاقهم المتطرفين الخطيرين في (إسرائيل).
بعيدًا عن الدخول في “صفقة القرن”، كما كان يتباهى، مع هذه الخطوة الحمقاء، ترامب قد يبشر بهزيمة القرن. إنّه يومٌ حزين للقانون الدولي، ولفلسطين، ولكلِّ من يهتم بالسلام في الشرق الأوسط.
اسم المقالة الأصلي
Trump’s error on Jerusalem is a disaster for the Arab world … and the US too
الكاتب
رشيد خالدي، Rashid Khalidi
مكان النشر وتاريخه
الغارديان، The guardian، 6/12
رابط المقالة
https://www.theguardian.com/commentisfree/2017/dec/06/trump-jerusalem-disaster-arab-world-israel
عدد الكلمات
595
ترجمة
أحمد عيشة
أحمد عيشة
[ad_1]
[ad_2]
[sociallocker]
جيرون