في الذكرى الرابعة لاختفائهم: أمنستي تطالب بمعرفة مصير ناشطي “دوما 4”



دعت منظمة العفو الدولية إلى التوقيع على عريضة، حملت اسم (ساعدونا لكي نعثر على المختفين في سورية)، بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لاختفاء الناشطين السوريين المدافعين عن حقوق الإنسان: (رزان زيتونة، وائل حمادة، سميرة خليل، ناظم حمادي) أو من باتوا يعرفون باسم (نشطاء دوما4)، والذي يصادف اليوم السبت 9 كانون الأول/ ديسمبر.

في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر 2013، اقتحم مسلحون -يُعتقد أنهم تابعون لـ “جيش الإسلام” المُسيطر على المنطقة في الغوطة الشرقية- مكتبَ (مركز توثيق الانتهاكات في سورية) واختطفوا الناشطين الأربعة، ولم يُعرف أي شيء عن مصيرهم حتى اليوم.

تطالب (منظمة العفو الدولية)، في الذكرى الرابعة لاختطافهم وإخفائهم، النظامَ السوري والجماعات المسلّحة المعارضة بالكشف الفوري عن مصيرهم، ومصير أكثر من 75 ألف شخصٍ مُختطفٍ ومُختفٍ قسرًا، منذ العام 2011.

استعرضت المنظمة، خلال تقرير رافق إطلاق عريضة التوقيع التي حملت اسم (دوما4: 4 كلمات 4 سنوات)، وجود عشرات الأدلة على حالات اختفاء وتعذيب قسري في سورية، أغلبها -بحسب التقرير- على يد قوات النظام، إضافة إلى وجود عددٍ من حالات الاختفاء والتعذيب على يد الفصائل المسلحة التابعة للمعارضة.

ذكر التقرير أنه “منذ اندلاع الاحتجاجات السلمية في مختلف أنحاء البلاد عام 2011، شنّت قوات النظام حملةً تهدف إلى القبض على الأفراد واحتجازهم وإخفائهم قسرًا، وتعرّض الآلاف للتعذيب وسوء المعاملة، قضى معظمهم نحبه في الحجز، واختفى عشرات الآلاف غيرهم”.

أشار التقرير إلى أن الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين، وغيرهم من الإعلاميين والأطباء وعمال الإغاثة، شكّلوا الهدف الرئيس لحملة قوات النظام هذه، ولفت أيضًا إلى أن الحملة المُخطّط لها بعناية “هدفت إلى بثّ الرعب في صفوف السوريين، وخصوصًا بين أقارب المحتجزين والمختفين وأصدقائهم”.

تطرقت (أمنستي)، خلال التقرير، إلى التعذيب الذي يتعرض له السجناء والمختفون، سواء عند القبض عليهم أو أثناء ترحيلهم إلى مراكز الاحتجاز، ووصفت المنظمة التعذيب بـ “حفلة ترحيب”، يُستخدم خلالها العديد من أدوات التعذيب كالصعق بالكهرباء، والضرب بخراطيم بلاستيكية، والحرق بأعقاب السجائر.

أكدت المنظمة أن النظام السوري، في معظم الحالات، ينفي أن تكون أجهزة الأمن قد اعتقلت هؤلاء الأشخاص، أو يرفض إعطاء أي معلومات، بشأن أماكن احتجاز المعتقلين “ما يعني أن العديد من المحتجزين تعرضوا للإخفاء، خارج نطاق حماية القانون، الأمر الذي يجعلهم عرضة للانتهاكات”.

تأخذ قضية الاختفاء، بحسب المنظمة ثلاثة اتجاهات: “أولها عندما يتعرّض الأفراد للاختفاء القسري مباشرةً، عقب القبض عليهم أو بعد ذلك بفترة وجيزة جدًا، ويتمثّل الاتجاه الثاني باختفاء الضحايا في مرحلة لاحقة من احتجازهم، أي عندما يتم ترحيلهم من مركز حجز إلى آخر على سبيل المثال، أو لأسباب تتعلّق بأحداث خارجية أيضًا، أما الاتجاه الثالث فهو تعرّض الضحايا للاختفاء القسري، عند مراجعتهم مراكز أمن النظام، للاستفسار عن مصير أحد أفراد عائلاتهم سبق أن تعرض بدوره للاختفاء القسري.

“لا تملك عائلات ضحايا الاختفاء القسري الكثير من الخيارات، على صعيد العثور على أقاربهم المفقودين، وقد تكون تلك الخيارات القليلة المتاحة محفوفة بعظيم المخاطر أحيانًا”، وفقَ المنظمة، وأخبر الكثير من السوريين (منظمة العفو الدولية) أن “الاعتقالات وحالات الاختفاء الثانوية (المرتبطة بعمليات اختفاء أحد أفراد العائلة سابقًا) التي ورد وصفها أعلاه، قد حملتهم على التخوّف كثيرًا والتردّد في مراجعة السلطات أو الاتصال بها، سعيًا للحصول على معلومات بشأن أماكن تواجد أقاربهم المختفين”.

أشار التقرير إلى أنه “على الرغم من أن قوات أمن النظام مسؤولة عن ارتكاب أغلبية الانتهاكات، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وأنها عرضت عشرات الآلاف للاحتجاز التعسفي والتعذيب، وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة والاختفاء القسري، فإنّ ذلك لا ينفي ارتكاب جماعة المعارضة المسلحة أيضًا لجرائم تخالف القانون الدولي، وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهو ما فاقمَ من معاناة المدنيين في سورية، حيث ارتكبت الجماعات المسلحة التي تعارض النظام انتهاكات خطيرة لأحكام القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك ارتكاب عمليات اختفاء قسري وتعذيب وإعدامات، خارج نطاق القضاء”.

تنطبق قواعد وأحكام القانون الإنساني الدولي على سلوك أطراف النزاع غير الدولي المُسلّح الدائر في سورية، بما في ذلك تصرفات جماعات المعارضة المسلحة، كما يُشار إلى هذا القانون أيضًا بعبارة “القوانين والأعراف المطبقة في النزاعات المسلحة”.

نبّهت (أمنستي) إلى أن القانون الإنساني الدولي الذي ينطبق في حالات النزاع المسلح فقط “يهدف إلى توفير الحماية، لكل شخص لا يشارك في الأعمال العدائية، وينصّ تحديدًا على توفير الحماية للمدنيين وباقي الأشخاص، ولا سيما من سبق لهم المشاركة في الأعمال العدائية، والجرحى، أو الذين استسلموا أو وقعوا في الأسر، ويتمثّل الهدف المركزي لهذا القانون في الحدِّ -قدر الإمكان- من المعاناة الإنسانية، في أوقات النزاعات المسلحة”.

طالبت المنظمة في ختام تقريرها قواتِ النظام والجماعات المسلحة التابعة للمعارضة، بالكشف الفوري عن مصير جميع المختفين، لدى كلا الطرفين، وقيام جميع أطراف النزاع في سورية بتطبيق مواد قرار مجلس الأمن رقم 2139 الخاصة بحقوق الإنسان والاعتبارات الإنسانية، بما في ذلك إنهاء ممارسات الاختفاء القسري والاختطاف، وفرض عقوبات موجّهة، تتضمن تجميد أصول المسؤولين والقادة السوريين وعناصر الجماعات المسلحة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بما يخالف أحكام القانون الدولي.

طالبت المنظمة أيضًا بدخول أعضاء اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق إلى سورية، بشكل عاجل ودون عائق، وكذلك بالنسبة إلى ممثلي المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان والصحافيين، وإحالة ملف الأوضاع في سورية إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون