الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. أين سورية منه؟



لم يعرف السوريون يومًا عاشوه تحت ظل نظام الأسد -الأب والابن- خاليًا من انتهاك فظ وبشع لحقوق الإنسان، حيث قبض النظام على مفهوم الحرية بيدٍ من حديد، وجعلهم يعيشون الحرمان والغضب لعقود طويلة.

يقول ياسر السيد، المحامي في منظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان: إن “حقوق الإنسان في سورية كباقي القوانين والشعارات، تُرفع ولا يُنفّذ منها أي شيء، ولو كان النظام الاستبدادي الشمولي يراعي حقوق الإنسان؛ لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه”.

أضاف، خلال حديثه مع (جيرون)، أن “العمل والاشتغال على هذه القضية يتطلب تضافر الجهود والتعاون في نشر ثقافة حقوق الإنسان لدى الشعب، وإدخالها كمنهج تدريسي للطلاب؛ كي يعرف ويتعلم الجميع ما لهم وما عليهم من هذه الحقوق، والبدء بنشر هذه الثقافة على كافة المستويات”، معتبرًا أن ذلك “يقع على عاتق الدولة والمجتمع، ويتحمل المجتمع المدني النصيب الأكبر في هذا الانتشار أو النشر”.

مروان حمزة، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية، رأى أن “حال حقوق الإنسان في سورية، في ظل الاستبداد الشمولي، هي حالة ليست مقبولة على كل الصعد”، موضحًا لـ (جيرون) أن “انتهاكات حقوق الإنسان تشمل كل المناطق، التي تقع تحت سيطرة النظام، أو تحت سيطرة الآخرين، فاعتقالات أجهزة الأمن التابعة للنظام لم تتوقف قط، وإذا أخذنا محافظة السويداء مثلًا؛ فإن خوف الشباب من الاقتراب من فروع الأمن، أو شُعب التجنيد، أو مراكز الهجرة والجوازات، يثير أكثر من تساؤل، حيث إن هناك أكثر من 25 ألف شاب مطلوب للجيش أو الاحتياط ومتخلف عنه، في السويداء، ينحصر وجودهم الآن في قراهم أو بيوتهم، ولا يستطيع أي شاب منهم الذهاب إلى دمشق، غير طلاب الجامعات الذين معهم صك تأجيل عن الجيش، وقد غلفوه بغلاف سميك خوفًا عليه من التلف لكثرة طلبه على الحواجز. ناهيك عن الظرف المادي السيئ للكثيرين من هؤلاء الشبان”.

أضاف حمزة أن “هذا العوز يصيب شريحة كبرى من المجتمع، وخصوصًا الطبقة الوسطى، حيث تعيش حد الكفاف، وإذا انتقلنا إلى محيط العاصمة، وحزام الفقر فيها؛ رأينا هناك الكوارث. في دوما والغوطة الشرقية لدمشق هناك ما يقرب من نصف مليون يعانون الجوع، وهذا انتهاك لحقوق الإنسان، وهناك الكثير من الأمراض السارية والمستوطنة وسوء التغذية، لدى غالبية أطفالها. إضافة إلى انتهاك حق الإنسان بالحياة، حيث القصف اليومي من طائرات النظام وحليفه الروسي، ومدفعية كل حلفائه، التي تدك البيوت على أصحابها؛ ما ينذر بكوارث متعددة الأسماء”.

حول المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، يقول حمزة: إن “هناك أمرًا في غاية الخطورة، حيث يتم التضييق على المواطنين، بمعتقداتهم وحريتهم وحياتهم وأسلوب عيشهم، وكأنهم في سجون أبشع من معتقلات النظام”. وأكد أن دور المنظمات الحقوقية “هو توثيق تلك الانتهاكات بدقة، ومن أي جهة كانت، وهذه المنظمات -وأقصد منظمتنا بالذات- لا حول ولا قوة لها…. الظروف التي تمر بها سورية هي الأخطر في تاريخ العالم، والعمل الحقوقي فيها محفوف بالمخاطر من كل الجهات، حيث يقوم عملها من دون أي تغطية أو ترخيص أو تسهيلات من الجميع، لكننا سنستمر في عملنا بالرغم من كل الظروف”.

يرى إبراهيم البش، عضو مجلس إدارة المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية، أن “حالة حقوق الإنسان في المجتمع السوري وفي الواقع المعاش، تأخذ منحيين: الأول في ظل النظام الأمني للاستبداد الشمولي؛ وما فيه من تراجع كبير في حالة حقوق الإنسان، وما يتعرض له الإنسان من اختطاف، واعتقال وموت وامتهان لحرية الإنسان في التنقل والسفر. والثاني الاستبداد الديني؛ بما فيه من اعتداء على حقوق الإنسان، والحريات العامة والتضييق عليه، باسم الدين، وهي تمثل ما يشبه ممارسة النظام الشمولي، بإعادة إنتاج نفسه والعداء المطلق للحريات الإنسان بالتكفير، وبالتالي لا مجال للعمل في هذه الظروف”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون