الانسحاب الروسي تصريحات للاستهلاك الإعلامي



أكدت وكالة (نوفوستي) الروسية، اليوم الإثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمَر قيادة الأركان ووزارة الدفاع، بالتجهيز لبدء سحب القوات الروسية من سورية، وذلك عقب لقاءٍ جمعه مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، في قاعدة حميميم بريف مدينة اللاذقية شمال غرب البلاد.

أعاد إعلان بوتين إنتاج الأسئلة المتعلقة بجدية روسيا في الانسحاب من سورية، وهل هي مجرد تصريحات إعلامية ترتبط بقضايا داخلية، أبرزها الانتخابات المقبلة، ورغبة القيادة الروسية بامتصاص الغضب الداخلي.

قال النقيب سعيد نقرش لـ (جيرون): “لا أعتقد أن روسيا جادة في الانسحاب من سورية، وقد أعلنت ذلك أكثر من مرة سابقًا، وعلى الأرجح كل ذلك مجرد سياسة إعلامية، ترتبط بالداخل الروسي، وقضية الانتخابات المزمعة في آذار/ مارس القادم، التي ينوي بوتين خوض غمارها، أضف إلى ذلك أن انسحاب روسيا سيعني هزيمة نظام الأسد الهش، والذي لولا تدخل موسكو لكان أصبح من الماضي”.

أوضح نقرش أن “تدخل روسيا، قبل سنتين أو أكثر، جاء أساسًا لتثبيت نظام الأسد، باعتباره الوحيد القادر على حماية المصالح الروسية، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن، فالثوار ما زالوا يسيطرون على مساحات واسعة من البلاد، وينبغي الأخذ بالحسبان أن روسيا تخطط لبقاء طويل الأمد في سورية، أولًا لأنها منفذها الوحيد باتجاه المياه الدافئة في المتوسط، ولأنها تحاول، ثانيًا، استثمار الصراع السوري، كورقة لتدعيم مواقفها أمام الأميركيين والأوروبيين، في مناطق أخرى مثل جورجيا وأوكرانيا وغيرها”.

طرَح إعلان بوتين في هذا التوقيت أسئلةً، تتعلق بمدى إمكانية تغيير روسيا لمواقفها والذهاب باتجاه عملية سياسية حقيقية في سورية، بخاصة بعد تأكيدها انتهاء الحرب على تنظيم (داعش) وهزيمته في سورية، وهو ما شدد عليه الأول، خلال زيارته لقاعدة حميميم اليوم بقوله: “جنودنا يعودون اليوم إلى وطنهم منتصرين، وهذا النصر تحقق بعد فترة وجيزة لم تتجاوز العامين”.

في هذا الصدد، قال نقرش: “لا أعتقد أن أي تغيير سيطرأ على سياسة موسكو أو على مواقفها تجاه سورية. حتى الإعلان عن هزيمة (داعش) هو غير حقيقي، ولا يتعدى كونه استعراضًا إعلاميًا لدعم توجهات موسكو ورؤيتها للحل في سورية، المرتكزة على ما يسمى بالمصالحات مع النظام السوري”.

مضيفًا: “روسيا، منذ تدخلها قبل عامين، حاولت فرض تسويات ومصالحات من خلال الضغط على المناطق المحاصرة، حتى اتفاقات خفض التوتر التي ضمنتها موسكو، سواء في الغوطة الشرقية أو القلمون، لم تنجح، مؤتمر حميميم للحوار ألغته، ونقلته إلى سوتشي الذي تأجل موعده أكثر من مرة، بالتالي لن تستطيع موسكو أن تفرض أي تسوية سياسية حاليًا على الأقل، بانتظار التوافق الروسي الأميركي على حل شامل في سورية”.

من جهة ثانية، قال مصدر فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ (جيرون): “كل هذه التصريحات الروسية المتعلقة بنيّات موسكو سحب قواتها من سورية هي للاستهلاك الإعلامي، وهي ترتبط بقضيتين أساسيتين: الأولى مسألة الانتخابات الرئاسية القادمة، والثانية محاولة موسكو منح مسار جنيف المتعثر نوعًا من الجدية، وإقناع الأطراف التي ما تزال ترفض بضرورة مؤتمر سوتشي، على اعتبار أنه الوحيد القادر على إنتاج تسوية للصراع السوري، والأهم من كل ذلك أن روسيا لن تفرط -بأي حال من الأحوال- بمنفذها الوحيد على المتوسط”.


جيرون


المصدر
جيرون