محصول الزيتون.. الخضار يتقلص في إدلب



تعدّ شجرة الزيتون من أهم الزراعات البعلية في سورية عامة، وفي محافظة إدلب بشكل خاص، كما يعدّ زيت الزيتون أحد محاصيل الأمن الغذائي، ومصدرًا مهمًا للدهون في التغذية، لكن ظروف الحرب أدت إلى تراجع هذا المحصول، نتيجة خروج أعداد كبيرة من الأشجار المثمرة عن الإنتاج.

في هذا الصدد، قال وليد العمر من مديرية الزراعة الحرة في إدلب: إنّ “محصول الزيتون يحظى بمكانة مهمة في القطاع الزراعي بإدلب، من حيث مساحة الأرض المزروعة، وعدد المعاصر المنتجة للزيت، حيث وصل عدد الأشجار إلى ما يقارب 14 مليون شجرة، لكن الإنتاج بدأ يتراجع، منذ بداية عام 2011؛ نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية”، ولفت إلى “وجود صعوبات لوجستية ومادية، تمنع الفلاح من متابعة العناية بأشجار الزيتون، منذ تفتح الأزهار حتى نضج الثمار؛ لكون هذه المرحلة تتطلب عناية فائقة”.

بيّن العمر، في حديث مع (جيرون)، أنّ “هناك أنواعًا كثيرة من شجرة الزيتون، منها (زيتية)، وأخرى زيتون مائدة، كـ (صوراني، معري، وحنبلاسي)، وتشتهر إدلب بزراعة صنف (أنصاصي) المخصص للعصر؛ لاحتوائه على نسبة عالية من الزيت، إضافة إلى (القرماني) المتميز بقلة التأثر بالظروف البيئية السيئة”.

يلفت أبو صالح، وهو مزارع من جبل الزاوية، إلى أنّ “ارتفاع الأجور أدى إلى تراجع العناية بالأشجار التي تحتاج إلى تقليم كل عام، بعد نهاية موسم القطاف، وقال لـ (جيرون): “اضطررنا إلى التوقف عن ري الأشجار؛ بسبب ارتفاع تكاليف أسعار صهاريج المياه، في أثناء موجات الحر الشديد؛ وهو ما أثر سلبًا على جودة وكمية الثمار في الأشجار”.

وأشار إلى “قيام قوات النظام -إبّان سيطرتها على مدينة إدلب- بقطع وحرق الكثير من أشجار الزيتون؛ ما جعلها تحتاج إلى عناية كبيرة لتستعيد عافيتها، فضلًا عن ارتفاع تكاليف النقل والتسويق وجني المحصول”، وأشار إلى “تحول مزارعي الزيتون إلى زراعة محاصيل أخرى كالمحلب والتين؛ لارتفاع سعر ثمرها، وكونها تجني مردودًا أعلى”.

في السياق ذاته، عزا بديع الحسين، صاحب معصرة زيتون في معرة النعمان، التراجعَ في الإنتاج إلى النزوح الذي أدى إلى عزوف الفلاحين عن الاعتناء بأراضيهم وحراثتها وتعشيبها، ومكافحة آفات الأشجار”. وقال لـ (جيرون): إنّ “من بين أسباب تراجع الإنتاج، قصف قوات النظام الذي سبب أضرارًا كبيرة للأراضي الزراعية وأشجار الزيتون، فضلًا عن القطاف المبكر لثمار الزيتون في بعض المناطق؛ ما يؤثر على نسبة الزيت في الثمرة، ويؤثر أيضًا على نمو الأشجار وجودة إنتاجيتها، في السنوات القادمة”.

أشار الحسين إلى أنّ “ارتفاع أسعار الزيت منَع أهالي المحافظة من الحصول على مؤونة زيت الزيتون، لعدم كفاية المخزون لسد احتياجات الاستهلاك”، ولفت إلى “فقدان مئات الشبان لفرص العمل التي كانت توفرها المعاصر، في موسم القطاف: من تشرين الأول/ أكتوبر، حتى كانون الأول/ ديسمبر”.

ارتفاع أسعار مادة زيت الزيتون، دفَع (أم عادل) من معرة النعمان إلى شراء الزيت النباتي (دوار الشمس)؛ لاستخدامه في الاحتياجات المنزلية. وقالت لـ (جيرون): إنّ “أسعار زيت الزيتون المرتفعة أدت إلى تغيير نمط استهلاكنا لهذه المادة الأساسية، دون أن نمتلك القدرة المالية لشرائه، حيث ارتفع سعر صفيحة الزيت (سعة 16 كيلوغرامًا) إلى نحو 30 ألف ليرة سورية”.

وكانت محافظة إدلب (الخضراء)، إلى وقت قريب، تتغنى بأشجار الزيتون، لكنها باتت تعاني اليوم، مع استمرار الحرب في البلاد، من تدهور الإنتاج، والخروج من دائرة الاكتفاء الذاتي إلى الندرة.


سونيا العلي


المصدر
جيرون