مخاطر كبيرة تحيط بإدلب.. ما الذي يتجَهز لآخر أكبر معقل للمعارضة في سوريا؟



السورية نت - مراد الشامي

مراد القوتلي - خاص السورية نت

تتصدر جبهات ريف حماة الشمالي الشرقي المتاخمة للحدود الإدارية لمحافظة إدلب المشهد العسكري في سوريا، وتشتعل هناك جبهات عدة تخوض فيها قوات نظام بشار الأسد، ومقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية" معارك متزامنة ضد قوات المعارضة.

وكانت تحركات التنظيم في ريف حماة مفاجئة، فمقاتلوه خسروا معاقلهم الرئيسية في سوريا (دير الزور والرقة)، وباتت له جيوب صغيرة في الأراضي السورية منفصلة عن بعضها، وأبرزها حوض اليرموك عند الحدود مع الأردن، والأراضي التي تحتلها إسرائيل.

وتواجه المعارضة تحدياً كبيراً في صد الهجوم المتزامن عليها، خصوصاً مع احتمال كبير لتوغل كل من النظام والتنظيم في إدلب. وتخوض هيئة "تحرير الشام" بشكل رئيس مواجهات استنزاف لوقف تقدم الطرفين اللذين وإن كانا لا يدعمان بعضهما بشكل واضح ومباشر، إلا أن كلاهما يغض الطرف عن الآخر لتحقيق مكاسب عسكرية قبل أن ينقلبا على بعضهما، حسبما قال المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر في تصريح خاص لـ"السورية نت"، اليوم الثلاثاء.

أهداف مُحملة بالمخاطر

وأشار كل من العقيد الأسمر، والمحلل العسكري في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، نوار أوليفر، والناشط الميداني في ريف حماه والمطلع على سير المعارك هناك، "أبو عمر الحموي" إلى أن الأيام القادمة على إدلب ستكون خطيرة للغاية إذا ما تداركت فصائل المعارضة الأمر، وشرحوا في تصريحات لـ"السورية نت"، أسباب تقدم كل من النظام والتنظيم على حساب المعارضة في الجبهات المشتعلة.

وذكر "الحموي" أن النظام يخوض مواجهاته حالياً على محور "تل خنزير، والمشيرفة، وأبو دالي، وهي قرى واقعة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي ومتاخمة للحدود الإدارية مع حماة"، وأشار أنه في الوقت ذاته أصبح مقاتلو "تنظيم الدولة" على  بعد 10 كيلومترات فقط من قرية "باشكون"، وهي أول قرية في إدلب من جهة حماة. وخلال الأيام القليلة الماضية سيطر مقاتلو التنظيم على عدة قرى في ريف حماه وطردوا "تحرير الشام" منها.

في هذه الأثناء يلعب الطيران الروسي دوراً كبيراً مسانداً لقوات الأسد في المواجهات، ويستهدف قوات المعارضة في الجبهات الواقعة بريف حماة الشمالي الشرقي، وريف إدلب الجنوبي الشرقي، متسبباً في زيادة الضغط عليها لمواجهة هجومين كبيرين.

ورأى العقيد الأسمر أن التصعيد الحالي للنظام في منطقتي حماه وإدلب، يأتي ضمن نيته استعادة كافة المناطق التي خسرها، مشيراً أن الأسد سبق وأن أعلن عن ذلك، ضارباً بذلك عرض الحائط بالمباحثات السياسية، وأضاف أن الوقائع تؤكد أن النظام يُصر على الخيار العسكري.

ويعتقد الأسمر أن لتحركات النظام أهداف رئيسية عدة، تبدأ بالسيطرة على مطار أبو الظهور العسكري في ريف إدلب والواقع حالياً تحت سيطرة "تحرير الشام"، وتوقع العقيد أن لدى النظام هدفاً بمحاصرة إدلب، وقال إنه لتحقيق ذلك فمن المحتمل أن يُحدث النظام تصعيداً في جبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية باتجاه جسر الشغور، وتصعيداً آخر من سهل الغاب باتجاه ريف إدلب الغربي.

واعتبر أن أحد الأهداف الهامة أيضاً هو وصول النظام والميليشيات الإيرانية إلى قريتي كفريا والفوعة، اللتين تطوقهما قوات المعارضة في ريف إدلب، و"فك الحصار" عنهما على غرار ما فعله النظام وإيران في بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي العام الماضي.

وفي الاتجاه ذاته، رأى المحلل العسكري في مركز عمران، أوليفر، أن هناك هدفين رئيسين للنظام من هجومه على حماه وإدلب، وقال إن أولهما هو السيطرة على مطار أبو الظهور العسكري، والثاني هو تعطيل الطرق الرئيسية التي تستخدمها قوات المعارضة في ريف حلب الجنوبي.

وأوضح أن الغارات الروسية تستهدف بشكل رئيسي تلك الطرق لا سيما في منطقة تل ضمان التي تشكل عقدة من الطرق الهامة للمعارضة، وأضاف أن هجوم النظام و"تنظيم الدولة" يركز أيضاً على تلك الطرق، مؤكداً أنه في حال السيطرة عليها، أو تدميرها، فإن ذلك سيؤثر سلباً على تحرك مقاتلي المعارضة في ريف حلب الجنوبي، ما يهدد بالهجوم عليها من هناك من قبل ميليشيات إيرانية، كخطوة أولية لمهاجمة إدلب.

لماذا يتقدم النظام والتنظيم؟

يستفيد كلا الطرفين من ظروف تمكنهما من تحقيق تقدم ميداني في قرى ريف حماة الشمالي الشرقي، وإن كانت بعض القرى تشهد معارك كر وفر بينهما وبين مقاتلي "تحرير الشام"، فما أن يسيطر أحدهما عليها حتى يستعيدها الآخر في وقت لاحق.

ويرى العقيد الأسمر أن كلا من النظام والتنظيم يستفيدان من بعضهما في قتالهما للمعارضة، وقال إن النظام لا يقدم المساعدة للتنظيم لتسهيل هجومه على الفصائل مئة بالمئة، لكنه يفعل ذلك بطريقة غير مباشرة، وأشار إلى أن النظام ينتظر استنزاف كلا الطرفين.

ونوه إلى أن طيران النظام والآخر التابع للقوات الروسية لا يستهدف مقاتلي التنظيم رغم أن النظام يحاصرهم من الجبهات الجنوبية، ولفت إلى أن ما يفعله النظام هو غض الطرف عن تحركات التنظيم في ريف حماة الشمالي الشرقي والمناطق المتاخمة لحدود إدلب الإدارية.

وعلل الأسمر ذلك بنية النظام ضرب التنظيم و"تحرير الشام في وقت واحد، خصوصاً وأنهما يخوضان معارك استنزاف، على أن يقوم بعد ذلك بتوجيه الضربة للطرف المنتصر بعدما يكون الإنهاك قد أصابه، وبذلك يحقق مكاسبه العسكرية.

ولم يستبعد الأسمر أن يكون مقاتلو "تنظيم الدولة" الذين خرجوا منطقة القلمون بعد صفقة مع ميليشيا "حزب الله" اللبناني، قد انتقلوا إلى ريف حماه الشمالي، بدلاً من دير الزور التي كانت محاصرة، وبالوقت ذاته كانت القوافل التي تقلهم مرصودة من قبل الطيران الأمريكي، ولم يستبعد أن يكون النظام وميليشيا "حزب الله" رتبا خروجهما إلى ريف حماه تمهيداً لما يحدث الآن.

وبالنسبة للمحلل أوليفر، فإن النظام استفاد كثيراً من تخفيف حدة وتيرة الأعمال القتالية في جبهات عدة بسوريا، لا سيما في دير الزور شرق البلاد، وتفرغت قوات للنظام من "الفرقة الرابعة"، وعناصر من قوات العقيد سهيل الحسن الملقب بـ"النمر"، والاستفادة منهم في المواجهات بريفي إدلب وحماة.

ورأى أيضاً أن تعدد الجبهات المفتوحة على قوات المعارضة، واقتراب مناطق الاشتباك مع "تنظيم الدولة" من مناطق النظام، شكل ضغطاً على مقاتلي المعارضة وشتت جهودها العسكرية وهو ما جعلها تتراجع في بعض المناطق.

وباعتقاد العقيد الأسمر فإن اتفاقيات "خفض التصعيد" أعطت النظام إمكانية إعادة ترتيب صفوف قواته، واستخدامها في استعادة مساحات واسعة كانت قد خسرتها سابقاً، وقال إن تلك الاتفاقيات في الوقت الذي ساعدت فيه النظام على تقوية نفسه، لم تردعه عن استهداف مناطق "خفض التصعيد" سواءً في الغوطة الشرقية بريف دمشق، أو في درعا، وحالياً في إدلب وحماة.

ورغم ذلك، أشار الأسمر إلى أن النظام ما يزال يفتقد القدرة للمحافظة على المناطق التي استعاد السيطرة عليها، مشيراً إلى أنه خسر اليوم 32 مقاتلاً في صفوفه في هجوم معاكس شنه "تنظيم الدولة" على البوكمال بريف دير الزور.

ويعزو الناشط الميداني "الحموي" استشراس التنظيم في معاركه بريف حماه وعلى تخوم إدلب، إلى أن مصير مقاتليه هناك أصبح مهدداً، فهم محاصرون في جيب صغير، ويحاولون قدر المستطاع تجنب مصير الموت المحتم.

ومن ناحية أخرى، قال "الحموي" إن الخلافات التي تعصف بـ"تحرير الشام" كان لها دور أيضاً في حدوث خلل بصفوفها العسكرية خلال المعارك التي تخوضها حالياً.

مخاطر كبيرة

وإذا ما استمر تقدم النظام و"تنظيم الدولة" باتجاه إدلب، فإن مخاطر كبيرة تنتظر المحافظة المليئة بالمدنيين، وفي حال توغل أكبر للتنظيم فيها فإن ذلك سيخلق ذريعة أكبر لدى الروس والنظام بشن عمليات جوية عنيفة يكثفون فيها من قصفهم على المحافظة، ومناطق المعارضة لإضعافها.

وتشير الوقائع العسكرية إلى أن إخراج التنظيم من المناطق التي يسيطر عليها عملية ليست سهلة، وتتطلب معارك استنزاف طويلة قد تؤدي في النهاية إلى خسارة المعارضة لسيطرتها على إدلب، والتي تمثل آخر أكبر معقل لها في سوريا.

وأمام هذه الوقائع تتجه الأنظار إلى ما الذي ستقوم به المعارضة لإنقاذ نفسها ومدينة إدلب من سيناريو كارثي، وفي هذا السياق حذر العقيد الأسمر من أن يؤدي تشرذم صفوف المعارضة، إلى التهامها فرادى من قبل النظام وروسيا كما حصل خلال السنوات الماضية.

اقرأ أيضا: بالفيديو.. بوتين خلال ترحيبه بالأسد وسهيل الحسن في قاعدة حميميم بسوريا: مرحباً بالسادة الضيوف




المصدر