من الغوطة.. رسائل إنسانية بصوت نسائي



نظّمت مجموعة من نساء الغوطة الشرقية المحاصرة وقفات فردية وجماعية، تعبيرًا عن مشاركتهن في حملة (16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة) التي أطلقتها الأمم المتحدة، الشهر الماضي، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد نساء العالم.

اقتصرت الوقفات الفردية لبعض النساء، على بلدات دوما وحمورية وكفربطنا وعربين في ريف دمشق، حيث حملت كل امرأة لافتة تتضمن تعريفًا بها وبعملها، مرفقة بمطالبها وحقوقها، كامرأة تعيش وسط أوضاع إنسانية صعبة، في حين نظّمت مجموعة من الناشطات وقفة تضامنية جماعية، في بلدة سقبا (القطاع الأوسط).

أوضحت (أمية)، وهي ناشطة مدنية في الغوطة الشرقية المحاصرة وإحدى المنظِّمات للوقفة، سببَ تنظيم الحملة، لـ (جيرون) بقولها: “في الوقت الذي يقوم فيه النظام في دمشق بتنظيم حملة لركوب الفتيات الدراجة الهوائية (البسكليت)، أردنا أن نسلط الضوء على العنف الحقيقي الذي تعيشه نساء الغوطة في ظل الحصار وقسوة الظروف المعيشية والأوضاع الإنسانية. العنف لا يقتصر فقط على تعرّض المرأة للضرب أو التحرش الجنسي أو اللفظي، فنحن نعيش عنفًا من نوع آخر، يتمثّل بالقصف المستمر الذي يطالنا بشكلٍ يومي. عندما نخرج من بيوتنا لا نعلم إن كنا سنعود أم لا!”.

العنف -بحسب (أمية)- “هو الخوف الدائم الذي تعيشه نساء الغوطة.. الخوف من فقدِ عزيزٍ من جراء القصف الذي لا يرحم، أو خشيتهن من إصابة أبنائهن بأمراض، لم يعد علاجها موجودًا، فضلًا عن قلقهن المستمر، بسبب عدم قدرتهن على تأمين طعام أطفالهن اليومي والحاجات الرئيسة، في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة، لذا قررنا المشاركة في هذه الحملة الأممية لعلّ صوتنا يحرك شيئًا في ضمائر العالم”.

أردفت أمية: “قمت بإنشاء مجموعة على (فيسبوك)، ودعوة لجميع الناشطات الفاعلات والمؤثرات في الغوطة، وحققت المجموعة حماسًا وتفاعلًا كبيرين منهن، وقررنا توجيه رسائل من خلال اللافتات التي حملناها لعددٍ من الشخصيات النسائية السورية في الخارج، من معارضات وإعلاميات وناشطات في قضايا المرأة، منهن (بسمة قضماني، مريم جبلي، رجاء التلّي، ميّة الرحبي، ديمة موسى)؛ لحثّهن على التواصل معنا، والتعرف على الظروف الصعبة التي تعيشها المرأة في الغوطة، علّهن يستطعن نقل معاناتنا في المحافل والاجتماعات الدولية، على الرغم من أننا أوشكنا نفقد الأمل من توجيه النداءات التي لا تلقى اهتمامًا من أحد”.

في الموضوع ذاته، قالت الناشطة نعمات محسن، من مكتب المرأة في ريف دمشق، لـ (جيرون): “إن سبب مشاركتي في هذه الوقفات هو الحاجة إلى إعلاء صوت النساء في المناطق المحررة بالتحديد، وتسليط الضوء على أشكال العنف المختلفة التي يتعرضن لها”. ورأت أن “الحصار والحرب انتهك حق المرأة في العيش بأمان ضمن بيئة سليمة تراعي صحتها الإنجابية، وصحة أطفالها وحاجاتهم الضرورية، كالتغذية والطبابة والتعليم”.

عن سبب اختيارهن لعدد من الشخصيات النسائية في الخارج لتوجيه رسائل لهم، أجابت نعمات: “لدينا أمل بأن يكون لهؤلاء السيدات تأثير وقدرة على إيصال معاناتنا في الاجتماعات الدولية، خصوصًا ضمن اجتماع الأطراف المتنازعة في جنيف حاليًا”، وأضافت: “لعلّ هذه الوقفة والرسائل تذكرهن بوجودنا وطرح مطالبنا، وتحقيقها أو تحقيق جزء منها ضمن مشاركتهن في الجلسات التفاوضية لحل النزاع في سورية”.

من جانب آخر، لا تعتقد نعمات أن هذه الوقفة وغيرها الكثير من الوقفات والنداءات التي نظمتها نساء الغوطة ستسفر عن شيء، وقالت في هذا الصدد: “جميع المعارضين السوريين والناشطين والناشطات في قضايا حقوق الإنسان في الخارج، على إطلاع على أوضاع نساء الغوطة، لكن لم تصدر عنهم أيُّ مبادرات تؤدي إلى حلولٍ على أرض الواقع، واقتصرت جهود الجميع على الكلام فقط”، على حد تعبيرها.

يشار إلى أن الأمم المتحدة أطلقت، أواخر الشهر الماضي، حملة عالمية لمدة 16 يومًا، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون