واشنطن بوست: في زيارة إلى سورية، بوتين يشيد بالانتصار على “داعش”، ويعلن انسحاب القوات



استعرض الرئيس الروسي: فلاديمير بوتين، نفوذه الدبلوماسي المتنامي، في جولةٍ سريعة عبر الشرق الأوسط، يوم الإثنين 11 كانون الأول/ ديسمبر، مفاجئًا القوات الروسية، في أولِّ زيارةٍ له إلى قاعدةٍ جوية روسية في سورية، قبل أنْ يتجول في المنطقة لمناقشة العلاقات الثنائية مع القاهرة، وأنقرة.

خلال رحلته، أعلن بوتين عن انسحاب قواتٍ روسية من سورية، وأشرف على توقيع عقدٍ بقيمة 21 مليار دولار، لبناء محطةٍ للطاقة النووية في مصر، ووصفَ قرار الرئيس ترامب، الذي اعترف بالقدس عاصمةً لـ “إسرائيل”، بأنّه “ضارٌ وذو نتائج عكسية”، وبأنه “مزعزعٌ للاستقرار”. وقد وجّه انتقاده، من دون ذكر ترامب بالاسم. وقال في مؤتمرٍ صحفي عقده في ختام لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: إنَّ القرار يمكن أنْ “يثير صراعًا”.

وكان بوتين الذي أعلن، الأسبوع الماضي، أنّه سيترشح لولايةٍ رئاسية رابعة، قد ارتكز إلى حدٍّ بعيد على إرثه بإعادة إحياء روسيا، كقوةٍ عسكرية مهيمنة في منطقتها، وموازنةٍ للغرب في الشرق الأوسط. وتأتي جولته لتعزيز العلاقات الثنائية، في وقت تشهد فيه السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تقلبًا مستمرًا، بين قرار ترامب بشأن القدس، والدعم الواضح لصعود وليّ العهد السعودي: الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى الأسئلة المتزايدة حول الدور المستقبلي للقوات الأميركية في سورية، ومهمتها.

بدأ بوتين الجولة بزيارةٍ مفاجئة للقاعدة الجوية الروسية في حميميم، سورية، حيث أعلن عن تخفيضٍ وشيك في القوات الروسية، في أعقاب إعلانه النصر، نتيجةً لتدخل موسكو في الحرب السورية. وكانت الطائرات الروسية قد حلقت سرًا إلى سورية، في آواخر عام 2015. وهذه الزيارة هي الأولى التي قام بها بوتين إلى سورية.

في القاعدة الجوية، أمر بوتين وزير دفاعه: سيرغي شويغو، ببدء “انسحاب القوات الروسية” إلى قواعدها الدائمة. لكنّه ترك الباب مفتوحًا لاستمرار الوجود الروسي في سورية، قائلًا: إنّ القاعدتين: الجوية في حميميم، والبحرية في طرطوس، ستظلان تعملان، ووعد بالقيام بضرباتٍ أخرى، مهددًا في تصريح للطاقم العسكري في القاعدة الجوية، نقلته وكالة الأنباء الروسية: “إذا رفع الإرهابيون رؤوسهم مرةً أخرى؛ فإننا سنوجه لهم ضربات لم يشهدوها من قبل”. في إشارةٍ واضحة إلى دور قواته في الحرب الأهلية السورية الطويلة التي سعت إلى إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد.

عزّز التدخل العسكري الروسي في سورية حكومةَ الأسد، وأعطى القوات السورية ميزةً أساسية، ضد فصائل المتمردين المدعومة من الغرب وحلفائه في الشرق الأوسط. كما قدمت إيران -وهي داعمٌ رئيس آخر للأسد- مستشارين عسكريين، ومساعداتٍ أخرى.

يثير مسؤولو الدفاع الأميركيون الشكوك، حول إعلان بوتين عن انسحاب القوات؛ إذ قال الكولونيل روب مانينغ، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية: ثمَّةَ تصريحات مماثلة في الماضي، لا تتطابق في كثيرٍ من الأحيان مع تخفيضات فعلية للقوات”. بما في ذلك التصريحات التي صدرت في آذار/ مارس 2016، والثانية في كانون الثاني/ يناير، كما كان الخطاب الذي ألقاه للقوات في جزء منه أيضًا كشفًا عن حملة إعادة ترشحه.

قال بوتين للطيارين في القاعدة الجوية: “أنتم منتصرون، وستعودون إلى أسركم وآبائكم، وزوجاتكم، وأطفالكم، وأصدقائكم. الوطن بانتظاركم، يا أصدقائي. أتمنى لكم رحلةً آمنة في طريقكم إلى الوطن. أنا ممتنٌ لخدمتكم”.

يُذكر أنَّ نشر القوات في سورية يُعّدُ أولَّ حملةٍ عسكرية خارجية لموسكو، منذ غزو أفغانستان في آواخر عام 1979، أيام الاتحاد السوفيتي. وفي تموز/ يوليو، مددّت روسيا عقد استئجارها لقاعدة حميميم الجوية مدة 49 عامًا؛ ما أعطى موسكو موطئ قدمٍ عسكريّ في المنطقة لأجيال.

التقى بوتين في القاعدة الجوية بالأسد الذي كان نظامه على وشك الهزيمة في صيف عام 2015، قبل التدخل الروسي. إذ بدا في ذلك الوقت أنَّ الأسد سيضطر إلى التنحي. وقال له بوتين: “جئت كما وعدت”. وفي الوقت نفسه، أشاد بهزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية”، وألقى باللوم على الخطط الغربية في المنطقة. وأضاف: “لقد تم الحفاظ على سورية كدولةٍ مستقلة ذات سيادة”.

كان بوتين حريصًا على إعلان التدخل انتصارًا، وجاء إعلانه عن الانسحاب في آذار/ مارس 2016، بينما كانت القوات السورية المدعومة من القوات الجوية الروسية والقوات الخاصة، تتقدم لاستعادة المدينة الرومانية القديمة: تدمر.

أظهر التدخل الكثير من ميزات القوة العسكرية الروسية: طائراتٌ حربية، ومروحية، وسفن حربية جديدة، فضلًا عن صواريخ (كروز) التي انطلقت من بحر قزوين. ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فإنَّ أكثر من 40 جنديًا روسيًا قُتلوا، كما تحدث الصحافيون الروس عن مقتل عددٍ مماثل من المتعاقدين العسكريين.

في القاهرة، التقى بوتين بالسيسي، وناقش المعارك والخلافات في سورية وليبيا، وإمكانية استئناف السفر الجوي المباشر، بعد الهجوم الإرهابي عام 2015 على طائرةٍ مؤجرة روسية، وقرار ترامب بشأن القدس. حيث يدعو العقد الذي تمَّ توقيعه، خلال اجتماعٍ بين بوتين والرئيس المصري، إلى بناء وتوريد وقودٍ نووي لمحطة كهرباء (الضبعة) المصرية، ومن المقرّر أنْ تبدأ العمل في عام 2026. كما وقعت روسيا اتفاقاتٍ لإنشاء محطات نووية في تركيا، والأردن. وانتهت روسيا من بناء محطة (بوشهر) النووية الإيرانية، وهو مشروعٌ بدأته شركةٌ ألمانية، أيام الشاه، وافتُتح عام 2011.

وصل بوتين إلى أنقرة، مساء اليوم ذاته 11 كانون الأول/ ديسمبر، لإجراء محادثات مع الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث قال المسؤولون الأتراك: إنَّ القادة بحثوا التطورات في سورية، وفى أماكن أخرى من المنطقة، إضافة إلى العلاقات بين دولهم.

اسم المقالة الأصلي On visit to Syria, Putin lauds victory over ISIS and announces withdrawals الكاتب أندرو روث، Andrew Roth مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 11/12 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/world/putin-makes-first-visit-to-syria-lauds-victory-over-isis-and-announces-withdrawals/2017/12/11/f75389de-de61-11e7-8679-a9728984779c_story.html?utm_term=.37f634a65a76 عدد الكلمات 847 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون