ذي أتلانتيك: هل الأميركيون بحاجة إلى وجود جنودهم في سورية؟



إدارة ترامب تنفق مال الضرائب وتغامر بحياة الأميركيين في مهمة لا تعرف نهايتها ولم تعرَّف ولم تتم الموافقة عليها.

أثبت التصويت الذي أجري في الكونغرس، قبل غزو الولايات المتحدة للعراق، الأهميةَ الكبيرةَ للديمقراطية الأميركية. واستطاع باراك أوباما التغلب على هيلاري كلينتون، في جزء كبير من الانتخابات التمهيدية، لأنها كانت داعمة للحرب على العراق. وانتصر ترامب على مؤسسات الحزبين: الجمهوري والديمقراطي، بشكل جزئي عبر الإشارة إلى دعمهما للحرب التي مثّلت كارثة، واستغلالهما لحقيقة أنه لم يضطر -لكونه نجمًا تلفزيونيًا واقعيًا- إلى الحديث عن الأمر بشكل رسمي.

بطريقة أخرى، كانت لأحكام المشرعين المتعلقة بأمور الحياة والموت عواقب، كما كان قصد المشرعين عندما منحوا الكونغرس، لا الرئيس، السلطة بإعلان الحرب. وعلى العكس من ذلك، لم يكن هناك تصويت في الكونغرس أو استطلاع للرأي العام حول قضية الهجوم الصاروخي على سورية، أو إرسال قوات أميركية للقتال هناك.

على الرغم من ذلك، قام الرئيس ترامب، في شهر نيسان/ أبريل الماضي، بإطلاق 59 صاروخ (توماهوك) على أهداف للنظام في سورية. واليوم، يوجد نحو 2000 جندي من القوات الأميركية، تحارب تنظيم (داعش) في البلاد.

هذا الرقم، الذي أصدره البنتاغون هذا الأسبوع، أعلى بأربع مرات من الرقم الذي ادعته إدارة أوباما بشكل مضلل. ويستثني القوات المرسلة لمهمات سرية، وقوات العمليات الخاصة، وأطقم القوات الجوية التي تحلق خارج الأجواء العراقية والسورية. ما هو أكثر من ذلك، هو اعتبار وجود القوات الأميركية قضية مفتوحة.

قال المتحدث باسم البنتاغون لوكالة (فرانس بريس) الفرنسية: “إن الخطط العسكرية للولايات المتحدة هي البقاء في سورية، لأطول فترة ممكنة، لضمان عدم عودة ظهور (تنظيم الدولة الإسلامية)”. وأضاف: “سوف نحافظ على التزامنا على الأرض لأطول فترة ممكنة، لدعم شركائنا، ومنع ظهور الجماعات الإرهابية مجددًا”.

يقول دانيال لاريسون إن نهج ترامب يدعو إلى حرب لا نهاية لها:

إذا كان “دعم الشركاء”، و”منع” الجماعات الإرهابية من الظهور مجددًا، هما السبب وراء إبقاء القوات الأميركية في سورية؛ فلن يكون هناك وقت لا يكون فيه بقاء القوات “ضروريًا”. وستظهر دائمًا جماعة معينة تعدّها الولايات المتحدة “شريكًا” لها يجب ألا “تتخلى عنها”، وستبقى هناك احتمالية دائمًا أن تدخل جماعة إرهابية إلى سورية، في أي مرحلة في المستقبل. وبفضل سياسة إدارة ترامب؛ ستقوم الولايات المتحدة بحفظ النظام في جزء من سورية دون نهاية مرئية. وهذا توسع في العملية العسكرية لا يُحمد عقباه، وعاجلًا أم آجلًا سيؤدي إلى إزهاق حياة أميركيين.

يقلق آخرون من أن الوجود الأميركي في المنطقة قد يؤدي إلى نزاع مع روسيا لا ضرورة له.

لو التزمت إدارة ترامب بالدستور؛ لكان الكونغرس أجرى تصويتًا عن السماح بالقيام بالضربات الصاروخية ضد النظام من عدمه –كان قد رفض منح الرئيس أوباما إذنًا كهذا عندما سعى إليه في عام 2013- وما إذا كانت القوات الأميركية ستبقى في سورية إلى أجل غير مسمى. وإذا كان الأمر يتعلق بحماية ذاتية وحسب؛ فسيقوم مسؤولون منتخبون أكثر بدراسة الصراع، ويضعون في الحسبان التحذيرات، كالتي ذُكرت أعلاه، ويقدمون قرارًا مستنيرًا عمّا يجب القيام به.

 كان يمكن للرأي العام أن يفرض نفسه:

بدلًا من ذلك، تنازل ترامب عن القرارات المتعلقة بالحرب للنخب غير الخاضعة للمساءلة في الدولة الإدارية، إلى درجة أعلى من التي قام بها أسلافه. ولم يُعرَض الأمر، المتمثل في ما إذا كانت أميركا ستنفق مليارات، لا يعرف حجمها، لعدد إضافي مجهول من السنوات، على المواطنين، وإذا ما كانوا يعتبرونها الطريقة المثلى لتكريس حياتهم وأموال الضرائب التي يدفعونها. وسيواجه العديد من الناخبين وقتًا عصيبًا في فهم مواقف ممثليهم، من كون سياسة أميركا في سورية ناجحة نجاحًا باهرًا أم فاشلة فشلًا ذريعًا.

لكن الكونغرس على علم بمسألة تنحيته.

قام عضوان في مجلس الشيوخ: راند بول، ومايك لي، بمحاولات غير ناجحة على دفع الكونغرس على التصرف، كما فعلت العضو باربرا لي، وآخرون في مجلس النواب.

قال النائب إيليوت إنجيل، كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية، لمحطة (سي إن إن) التلفزيونية الربيع الماضي: “لا ينتابني شعور جيد حول وجود تفكير ملي بالموضوع وخطة ما”. وأضاف: “ينبغي عليه أن يخبرنا عن استراتيجيته في سورية، وعما يظن أنه سيحدث في المستقبل، وما سيقرر القيام به، وينبغي على الرئيس القدوم إلى الكونغرس للحصول على تفويض”.

لكن ترامب لن يأتي إلى الكونغرس من تلقاء نفسه، ولن يحترم الوعد الضمني الذي قطعه، في أثناء حملته، بمنح فرصة في إبداء الرأي العام في الشؤون الخارجية، ويظهر الرد المضحك الذي قدمه البيت الأبيض لتبرير شرعية الهجوم الصاروخي على سورية –رفضًا منه لإعلان أي مذكرات قانونية أو مناقشات موضوعية- تجاهله لسيادة القانون.

اقتربت هيئة تحرير صحيفة (شيكاغو تريبيون) من المسألة، عندما فرضت ضغطًا على جميع النواب لوضع حد لجبنهم غير اللائق. وكتبت: “إذا كان من المتوقع أن يخاطر رجالنا ونساؤنا بحياتهم في وجه القوات المعادية في سورية؛ فعلى رجالنا ونسائنا في مبنى الكونغرس أن يتحلوا بالشجاعة، لتحمل مسؤوليتهم في تلك المهمة. ولا يُعد خيارًا ألا نحرك ساكنًا”.

اسم المقالة الأصلي Do Americans Really Want Troops in Syria Indefinitely? الكاتب CONOR FRIEDERSDORF

كونور فريدرسدورف مكان النشر وتاريخه The Atlantic

8/ 12/ 2017 رابط المقالة https://www.theatlantic.com/politics/archive/2017/12/does-congress-or-the-public-want-troops-in-syria-indefinitely/547865// ترجمة مروان زكريا


مروان زكريا


المصدر
جيرون