إدانة فالين مقدمة لإدانة ترامب



إدانة الجنرال مايكل فلين، مستشار الأمن القومي السابق، الذي أُقيل من منصبه بعد 11 يومًا فقط من تعيينه، لأنه -بحسب الرئيس ترامب- قد كذب على نائب الرئيس، أعادت المواطنين الأميركيين إلى أجواء النصف الثاني من سبعينيات القرن المنصرم، إلى أجواء فضيحة الحزب الجمهوري الأميركي، المسماة (ووترغيت)، حيث تسلل بعض غلاة الجمهوريين إلى قاعة فندق (ووترغيت)، لتثبيت ميكرفونات تجسس في المكان الذي سيعقد فيه الحزب الديمقراطي مؤتمره الانتخابي، وهو الحزب الرئيس المنافس للحزب الجمهوري، حيث كانت إعادة انتخاب الرئيس ريتشارد نيكسون، وهو الرئيس السابع والثلاثون، مهددةً، وقد تمت بصعوبة كبيرة.

جاء الرئيس ترامب، وهو أشبه ما يكون بـ (سلفيستر ستالون)، في فيلمه (رامبو)، ولم يتعلم الدرس: أن الصحافة هي التي تُعلي، وهي التي تُسقط. فقد كان الصحافيان: كارل برنستيين، وبوب وردود، من جريدة (واشنطن بوست)، هم من كشفوا، وتابعوا، وأسقطوا الرئيس نيكسون، باستقالة مهينة، أنهت حياته السياسية، لينزوي بعيدًا من أي نشاط سياسي. كان على الرئيس ترامب أن يكون مُهادنًا للإعلام، وبخاصة أن إعلام اليوم، أقوى بكثير من إعلام السبعينيات، وخصوصًا أن الأرض تحت إدارته ليست بالمتينة، إذ إنها مهددة بفضيحة “مسارات روسية”، التي قد تطيح به، ولكنه عوضًا عن ذلك، شنّ حملةً عدائية ممجوجة ضدها، حيث استفزها، أكثر من مرة وفي أكثر من مكان، بطريقة لا تليق برئيس جمهورية، بل برجل أعمال يعتقد أن الجميع يجب أن يطيعه، وأنه يستطيع أن يشتري كل شيء.

الرئيس ترامب مهدد بالإقالة، وبخاصة إذا فقد الحزب الجمهوري أكثريته في مجلسي النواب والشيوخ، وهو احتمال كبير؛ إذ ارتكبَت إدارته الكثير من الأخطاء، والعديد من العداء حتى مع قيادات الحزب الجمهوري، حيث كان العديد منهم يهاجمه بشراسة على الإعلام، ولا يُنسى تعليق وزير الخارجية تيلرسون، على تغريدات ترامب بشأن القضية الكورية، حين وصف الرئيس ترامب بـ “الغبي”.

ماذا بعد إدانة الجنرال مايكل فلين؟ وعلى من سيكون الدور في الإدارة الأميركية في الإدانة والتحقيق؟ وهل سيصل “البل” إلى ذقن الرئيس ترامب ونائبه، ويحقّقَ معهم ويُقالون بالتناوب، تمامًا مثل ما حدث إبّان حكم الرئيس نيكسون؟

منذ أن جرت الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، كانت نقطة الضعف لدى الرئيس ترامب هي “المسارات الروسية”. ما زال الرئيس ترامب، عندما يشعر بضعـفه يعود إلى خيال عـدوين لم يستطيع أن يتجاوز حقده عليهما، وهما الرئيس باراك أوباما، والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وهو موقف لم يستطع قط أن يتجاوزه.

من المتوقع أن المحقق ميلر، بعد إدانة الجنرال فلين والمستشار بادبولس، سوف يستدعي صهر الرئيس: كيشنر، الذي يحاول التهرب من التحقيقات التي غالبًا ما ستدينه، لدوره الكبير -هو وابن الرئيس ترامب- في “المسارات الروسية”، حيث كشفت التحقيقات المبدئية أن الروس الذين يحمون أسانج، صاحب موقع (ويكليكس)، كان لهم دور مؤكد في محاربة الوزيرة كلينتون، سواء من خلال إيميلاتها، أو من خلال الإعلانات الكثيرة التي نشرتها الشركات الروسية، على صفحات التواصل الاجتماعي التي تحارب الوزيرة كلينتون، وتدعو بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى التصويت للرئيس ترامب، الذي له علاقات تجارية مع القيادة الروسية المتمثلة بالرئيس بوتين، وهو ما يضعف موقفه في أي لقاء مع الرئيس الروسي، وبخاصة في الملف الذي يخصنا، الملف السوري، ويخطئ من يعتقد بأن الرئيس ترامب سوف يحضر الترياق من موسكو للمسألة السورية، وهي الدولة المحتلة للوطن السوري.

أيضًا نائب الرئيس مايكل بنس قد يكون التالي بالتحقيق، ولا سيّما أن المحقق ميلر لم يكشف حتى الآن الاعترافات التي أدلى بها الجنرال فلين، التي قد تكون قاضية على الرئيس ونائبه، وما محاولة الرئيس ترامب استرضاء الجنرال فلين، إلا نتيجة نصيحة مستشاريه الذين قد يكونون وجهوا له نصيحة بذلك، خصوصًا أنه، بعد الإدانة، قد غرّد تغريدات بغير مكانها، بحق مستشاره السابق في قيادة الأمن القومي: الجنرال مايكل فلين، والذي لعب دورًا كبيرًا في انتخابه، من خلال علاقاته الخارجية، وخصوصًا علاقته، وصهر الرئيس، والرئيس، ونائب الرئيس، مع السفير الروسي الراحل.

رئاسة الرئيس ترامب قد تكون في مهب رياح تحقيقات “روسية غيت”، التي أخذت ترتسم في الأفق، بعد الإدانة المدوية للجنرال مايكل فلين، والتي قد تُوقع بالعديد من أعضاء الإدارة الأميركية، وقد تصل إلى الرأس الكبير في البيت الأبيض الأميركي.

نتمنى على “الأصدقاء” في الحزب الجمهوري أن يجيبوا على السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا كانت الفضائح تحيط بأغلب الرؤساء الجمهوريين دائمًا، من نيكسون إلى ريغان إلى الرئيس بوش الابن إلى الرئيس ترامب؟!


بهنان يامين


المصدر
جيرون