خطار أبو دياب لـ (جيرون): روسيا تحاول جر الجميع إلى سوتشي والهدف إعادة تأهيل نظام الأسد



قال الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس: إن “زيارة الرئيس الروسي: فلاديمير بوتين، إلى (قاعدة حميميم) تأتي في توقيت مهم بالنسبة إلى روسيا، من أجل أن يقول للجميع إنه هو المنتصر في سورية، في الحرب على تنظيم (داعش)، وليس التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة أو الجنرال قاسم سليماني”.

أضاف أبو دياب، خلال حوار أجرته معه (جيرون)، أن “الزيارة تؤكد -بتزامنها مع زيارة بوتين للقاهرة وأنقرة- على عودة الدور الروسي إلى الشرق الأوسط، في ظل تراجع الدور الأميركي في المنطقة، كما أنها تؤكد اهتمام روسيا بموقع سورية الجيوسياسي، فضلًا عن أن بوتين أراد أن يبعث رسائل متعددة، أهمها نيته فرض الرؤية الروسية للحل، وأخذ الجميع إلى (سوتشي)”.

حول إعلان روسيا نيتها سحب قواتها من سورية، قال أبو دياب: “الإعلان عن سحب القوات الروسية يأتي بالتزامن مع الإعلان عن توسيع قاعدة طرطوس الروسية، وهذه الإعلانات التي تعددت، خلال الفترة الماضية، تثير الجدل”، موضحًا: “هي مجرد إعادة انتشار للقوات؛ فمن الناحية العملياتية، نجد أن هناك حشودًا روسية قرب إدلب وحماة، ما يعني أن العمل الروسي مستمر على الأرض”.

وتابع: “من ناحية التأثير على الوجود الإيراني؛ من الواضح أن مسألة سحب القوات -إنْ كانت جدية- هي رسالة للإيرانيين تبيّن أن مسألة خروج كل القوات الأجنبية من سورية هي جدية، ويجب عليها أن تسحب ميليشياتها”، وعقّب: “لكن الواقع يقول غير ذلك، لأن إيران وميليشياتها قامت بعمليات تغيير ديموغرافي، وبأخذ مناطق نفوذ في سورية، وهذا يأتي ضمن محاولات التأقلم للبقاء على الأرض، إضافةً إلى أن إيران -كما في كل تدخل لها- قامت بتحطيم الدولة، عبر دعم الميليشيات التي تتبع لها، كما حدث في العراق والآن يكرر في سورية”.

بخصوص العلاقة الروسية-الإسرائيلية، قال أبو دياب: “لقد لاحظنا قدرة روسية على تنظيم التقاطعات في سورية، فهي تحسّن علاقاتها مع تركيا، وتنسق مع إيران، وتحافظ على العلاقة الأمنية مع (إسرائيل)، والوجود الروسي حاليًا بعيدٌ نوعًا ما من مناطق الصراع الإيراني-الإسرائيلي، في الجنوب السوري”.

يعتقد أبو دياب أن “القرار الروسي الأول هو الإبقاء على النظام، وإظهار أن كل ما حصل من حراك ثوري في سورية هو (مؤامرة) ضد النظام، وأن من غير المسموح المسّ بالشرعية القائمة؛ الهدف واضح: النظام تابع لموسكو، وضمن هذه المعطيات تقوم روسيا بالتعامل مع العملية السياسية. النظام وروسيا يحاولان خلال عام 2018 أن يطرحان قضية إعادة الإعمار، من أجل تعميم الرشا ومحاولة إعادة تأهيل النظام”.

تابع: “الروس حاولوا تعطيل مسار جنيف، ودعم مسار (أستانا)، وظهر مصطلح (خفض التصعيد) لتخفيف الجبهات عن النظام، مع الاستمرار في قصف وحصار الغوطة الشرقية، والآن إدلب، كمنطقة رابعة، تعد مهددة”.

قال أيضًا: إن “ما جرى في أستانا هو تخفيف أعباء عن النظام، وتقاسم نفوذ بين رعاته، وهذا ما أوصلنا إلى سوتشي، آخر عناوين السيد بوتين تحت شعار مؤتمر الشعوب والطوائف”، وعبّر عن أسفه من أن النخب السياسية والدول الراعية صمتت عن “ما قد يحضّر في أستانا.. كيف يقوم بوتين باستدعاء الشعب السوري الذي يتعرض لاحتلال روسي، إلى مؤتمر ترعاه هذه الدولة؟ هو مهرجان استعراضي، من أجل إجبار الجميع على التوقيع على إعادة تأهيل النظام من جديد، وهذا لا يمهد لحل سياسي”.

بالنسبة إلى مواقف ومواقع المعارضة السورية، رأى أبو دياب أن “من ناحية المعارضة، الآن هناك تشتت في القوى العسكرية، ومصير الأمور ليس بيد السوريين… برأيي هناك خطأ كبير بانجرار الحراك الثوري نحو الأدلجة والعسكرة والمال السياسي، حروب المدن لم تأت بنتيجة”، وأكد أنه “يجب على المعارضة التفكير بوسائل جديدة، وخصوصًا قضية المعتقلين والنازحين؛ إذ لا يمكن أن يُبنى حل في سورية دون الإفراج عن كافة المعتقلين، وعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم. يجب إعادة التفكير بوسائل المجابهة”.

ويرى أن “أمام نظام كهذا، نفهم جيدًا أن القوى المعارضة تحاول الدفاع قدر الإمكان، وبما أمكن من أساليب، ولا يمكننا إعطاء الدروس، ونحن بعيدون عن الأرض، لكن يمكننا مقارنة ما جرى مع إعلان بوش الانتصار في العراق عام 2003… العراق حتى الآن لم يصل إلى الاستقرار، وهذا ما يتكرر اليوم بإعلان روسيا الانتصار.. الأمر ليس بهذه السهولة”.

كما شدد أبو دياب على أن النخب السورية “يجب أن يكونوا أولياء دم للمعتقلين والضحايا والمهجرين والمصابين، ولا يجب التنازل أو السكوت، يجب أن نفهم جيدًا أن هناك من سرق وخطف ثورة السوريين”، وقال: “على النخب السورية اليوم أن تعيد التفكير في تركيب وإنتاج مشروع وطني سوري”.

اعتبر أبو دياب أن من “أهم الأخطاء التي وقعت فيها المعارضة، نقل القيادة إلى خارج البلاد، والأهم أن كل الهيئات السياسية لم يمكن بإمكانها أحسن مما كان، والنظام خاض المعركة ولعب على موضوع تمثيل المعارضة، ووصلت الأمور إلى الإسراف في ظهور المنصات.. كل هذا من أجل انتزاع موضوع التمثيل”.

ختم أبو دياب حديثه قائلًا: إن (الرياض 2) خرج “بمطالب معقولة”، وخرج “بوفد موحد، حتى وصلنا اليوم إلى أن الجعفري ممثل النظام هو من يرفض الجلوس على طاولة الحوار مع المعارضة؛ لأنه لم يعد يمتلك أي مبرر.. المعارضة السورية تعمل كل ما بإمكانها، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن يبدو أن الموقف الدولي حاليًا غير مستعد لفرض الحل، وكأن وظيفية الصراع في سورية لم تنته بعد”.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون