سهيل الحسن الضابط الذي يقلَق منه الأسد رغم حاجته إليه.. لماذا اختاره الروس خصيصاً للقاء بوتين؟

15 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
7 minutes
السورية نت – مراد الشامي

لم يكن وجود العقيد في قوات نظام بشار الأسد، سهيل الحسن المقلب بـ”النمر”، اعتيادياً في قاعدة حميميم العسكرية بريف اللاذقية، عندما زارها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الإثنين الفائت والتقى فيها الأسد، واختار “النمر” لحضور اللقاء من بين جميع قادة قوات النظام الآخرين، لا سيما وأن وزير الدفاع فهد الفريج كان في القاعدة، إلا أنه لم يحضر.

وأثار الاهتمام الروسي المتزايد بـ”النمر” تساؤلات عن أسباب ذلك، وما الذي يعنيه للأسد نفسه أن يُدعى أحد أبرز قادة قواته إلى ذات القاعة، ويجلس على الطرف المقابل لبوتين، لتنهال عليه عبارات المديح والثناء.

ويمثل “النمر” بشكل واضح حالة واقعية لأزمة ولاء يعاني منها الأسد مع بعض ضباطه، فهؤلاء علاقتهم بالنظام أكبر من مجرد علاقة بين “رئيس ومرؤوس”، فهم وعلى رأسهم “النمر” يمثلون ظلاً على الأرض لحليفتي النظام روسيا وإيران، ويتمتعون بنفوذ يفوق ما يمتلكه بقية الضباط الكبار والمسؤولين في النظام.

لماذا أصرّ الروس على “النمر”؟

يجيب الباحث والأكاديمي، والمدير السابق لمكتب البيانات والمعلومات في خلية إدارة الأزمة التابعة للنظام، عبد المجيد بركات، والذي انشق عنها في العام 2011، أن روسيا تنظر إلى سوريا على أنها قاعدة عسكرية تابعة لها، واعتبر أنه عندما يكون هناك احتلال عسكري فعادة ما يكون التعامل مع شخصيات عسكرية وليست سياسية.

ولفت بركات في تصريحات خاصة أدلى بها لـ”السورية نت” إلى أن اللافت أيضاً هو مكان الزيارة الذي هو قاعدة حميميم، وقال إن “الأشخاص المستهدفين من الزيارة هم العسكر”.

وفسر بركات أسباب الاهتمام الزائد من قبل الروس بـ”النمر”، بأن الأخير ومنذ أكثر من عام ونصف مضى، فإن القوات التي يقودها كانت تتلقى دعماً مباشراً من وزارة الدفاع الروسية”، وأشار إلى أن الروس ينظرون إليه على أنه وكيلهم العسكري في المعارك الميدانية، واصفاً “النمر” بأنه رجل روسيا في سوريا.

تبدل الولاء

برز اسم “النمر” في سوريا مع بدء الانخراط العسكري الإيراني المباشر لدعم الأسد، ومدته بالمقاتلين والدعم المادي واللوجستي، وهيأت له جميع أسباب التقدم في المعارك التي خاضها، حتى شكل لنفسه هالة جعلته محبوباً لدى الحاضنة الشعبية للنظام التي تغنت به في بعض الأحيان أكثر من الأسد نفسه.

وغازل الحسن إيران بفيديوهات انتشرت له وكان يشيد فيها بزعيم ميليشيا “حزب الله” اللبناني، وقال في تسجيل مصور: “أنا لست أكثر من خيط في عباءة سيدي وشيخي الجليل حسن نصر الله”.

إلا أن تدخل الروس العسكري المباشر في سوريا نهاية سبتمبر/ أيلول 2015، بدّل حالة الولاء لدى “النمر”، فأصبح المدلل لدى روسيا، وأبرز قيادي تعتمد عليه موسكو لخوض معاركها على الأراضي السورية، حتى أنه كُرّمَ مراراً من قبل الضباط الروس.

وفي هذا السياق، قال بركات لـ”السورية نت” أن مسؤولين عسكريين روس لا يحبذون “النمر”، وذلك بسبب ميوله لإيران، وقال إنه بحسب معلوماته فإن “النمر” قد تعرض في مرحلة سابقة إلى التهميش.

“النمر” يقلق الأسد

وبقدر حاجة الأسد لشخص قيادي كـ”النمر” يستفيد منه في تحقيق تقدم ميداني واستعادة أراضي خسرها النظام خلال السنوات الماضية، بقدر ما يشكل ذلك قلقاً لرأس النظام لأسباب عدة.

ويشير بركات من خلال المعلومات التي حصل عليها أثناء وجوده في خلية إدارة الأزمة، إلى أن الأسد يخشى بشكل عام من الشخصيات التي لها علاقات وتواصل مع الروس والإيرانيين، مشيراً أن العقيد “النمر” من بينهم.

ويلفت بركات إلى أنه في عقلية رأس النظام ينبغي أن يكون الشخص الوحيد في سوريا الذي عليه إجماع هو الأسد فقط، وأضاف أنه حتى في خلية إدارة الأزمة، عندما كان هناك شخصيات متفق عليها بين الدول، كان النظام يسعى للتخلص منها.

وأضاف أن “الأسد يعتبر أي شخص لديه تواصل دولي بمثابة خطر عليه”، كذلك يقلَق الأسد من أي شخصية تحظى بتعظيم داخل حاضنة النظام، وأشار بركات إلى أن الأسد غير مستعد أن يشارك أي شخص سلطات الحكم في سوريا.

ويبدو أن أكثر ما يقلق الأسد هو فقدانه لجزء من سلطة القرار في تعيين ضباط لا يشكلون في النهاية مصدر قلق له، وفي هذا السياق، قال بركات إن هناك بعض الشخصيات والضباط لا يستطيع الأسد الضغط عليهم، لعلاقتهم القوية مع روسيا وإيران، وأشار إلى أن النظام يقبل بوجودهم إرضاءً للبلدين، ولإحداث توازن بين الداعمين له.

وأوضح أن رئيس مكتب الأمن القومي علي مملوك معروف عنه داخل النظام أنه شخص مقرب من روسيا، في حين عُرف عن ديب زيتون رئيس شعبة المخابرات العامة علاقته القوية بإيران.

ويشير بركات أنه رغم القلق الذي يمثله “النمر” للأسد، ومثله فاروق الشرع، فإنه من المستبعد تصفية الشخصيات التي يخشاها النظام لكونهم يتلقون دعماً كبيراً من إيران وروسيا، ولذلك توقع بركات أن النظام بإمكانه فقط لو أراد التحرك ضدهم أن يعمل على تشويه سمعتهم في الحاضنة الشعبية للنظام، وأن يقلل من ظهورهم الإعلامي.

منافسة الأسد

وأثارت قصة صعود “النمر” في سوريا، اهتمام صحف ووسائل إعلام غربية، وفي تقرير سابق نشرته صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، طرحت الصحيفة تساؤلاً عما إذا كان “النمر” أكثر من مجرد عسكري مفضل ومحبب، وله مكانة، ليتحول إلى تهديد مباشر وفعلي لعرين الأسد نفسه ؟

وأضافت الصحيفة: “أصبحت شعبية النمر وظهور هذا الكم الهائل من الفيديوهات المبجلة له والأغاني التي تنشد له من قبل الموالين للنظام، كفيلة بزرع الريبة والشك لدى الأسد حول طموحات شخصية باتت لمنافس له أقله داخل مؤسسة الجيش”.

يُشار إلى أن “النمر” ينحدر من مدينة جبلة الواقعة إدارياً في محافظة اللاذقية على الساحل السوري، ويُرجح أنه يبلغ من العمر 47 عاماً، وارتكب “النمر” مع قواته مجازر كثيرة ضد المدنيين السوريين، ويُعرف عنه أن يقاتل بطريقة “الأرض المحروقة”، وتؤكد المعارضة السورية أنه أحد الشخصيات المتورطة في ارتكاب جرائم حرب بسوريا.

اقرأ أيضا: الروس أنقذوا الشرع من إقامته الجبرية وحذروا الأسد.. بركات المنشق عن خلية الأزمة يكشف التفاصيل لـ”السورية نت”

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]